الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

بيروت الغاضبة... نداء لتماسك وصفاء الجذور ومنع استغلال الانفجار الكبير

العميد البروفسور جان داود
Bookmark
بيروت الغاضبة... نداء لتماسك وصفاء الجذور ومنع استغلال الانفجار الكبير
بيروت الغاضبة... نداء لتماسك وصفاء الجذور ومنع استغلال الانفجار الكبير
A+ A-
بكلام ما بَعد سياسي، كافر بالمُستغِلِّين، مؤمنٍ بحقّ الشعوب بالحياة، أدعو أهل الكرامة إلى حركة تماسك الجذور في صفاء إنساني. أدعو إلى صفاء وتماسك الجذور من أجل عالم متّحد ضد الفساد وضد الاستهتار، وضد التخاذل والإهمال، وضد التفتيت والاستغلال، وضد تشييئ وتسليع الإنسان، وضد استثمار المآسي لنفع وجشع. أدعو إلى وقفة كرامة مع أهل الحبّ والحياة، مع قلب بيروت، مع شاباتها وشبابها، هُم إرادة الحياة. جرح بيروت كبير كبير، هي ثكلى على شهدائها. جرح بيروت كبير كبير، هي غاضبة من أجل جرحاها. جرح بيروت كبير كبير، أكثر من ربع مليون تشرّدوا، هؤلاء من أبنائها، أبناء الحياة، بُناة الأحلام، ممانعيّ الموت ورافضيّ الاستسلام. الدمار والتمزّق نال من جسدها ولكن ليس من عنفوانها. ننحني للشهداء والجرحى، ننحني لنقبّل ترابك يا بيروت وما حمل الركام من دماء، ننحني لشجاعة سيدات ورجال الإطفاء والجنود والضباط في خط زنار النار الأول، ننحني للجرحى يحملون الجرحى الأكثر نزفاً إلى المستشفيات، ننحني للأطباء جرحى ويضمدون الجراح، ننحني للممرّضات يحملن حديثي الولادة ويخرجن بهم من بين الرّكام، ننحني لحكايات التضحية وقد شاهدنا منها المئات. ننحني لخوف وصلوات الأمهات. ننحني لشباب بادروا منذ اللحظة الأولى إلى المساعدة والبحث بين الأنقاض عن أحياء، لم يلجم حماسهم دخان ولا نار ولا مواد سامّة تتساقط من السماء. ننحني للقلوب الممزَّقة بصمت، ننحني لكل من فتح بيته جنوباً وشمالاً وعاصمة وجبلاً لأهل بيروت. نعم، أمسينا على مدينة تهتز، تنفجر، تلفّها النار من أرض وسماء، وتبيت ليلها تُلملم الدماء منكوبة، لكنّها تبقى بيروت التي قاومت الحرب، قاومت الاحتلالات، قاومت الموت. أمّا الجرح الأكبر ففي كرامة المدينة. جرح المدينة كبير ليس فقط من دمار، إنّما من مآل، رابع أجمل مدينة للعيش في الستينيات (1968) تدفع ثمن الفساد، والفاسد مجرّد لقيط لا كرامة له. تدفع ثمن غياب الرّؤية والسفسطائية الغبيّة والنفاق والخبث. نعم، الدمار هائل، وبيروت تبدو ساحة حرب عصفت بها قوّة قنبلة نووية صغيرة بقوّة أربع درجات. لكنّها ستكون بخير. وهو الوقت الذي علينا أن نكون فيه من أجلها بأكمل شجاعتنا. الوقت للمبادرة لتبقى بيروت المدينة الثائرة. لتبقى مدينة الحب، مدينة القيامة، مدينة الحياة. أَخرجوا منها الفاسدين، فقط أَخرجوا منها الفاسدين. أبعدوا الفاسدين والمُستغِلِّين عن قرارها، وعن إعادة بنائها، وعن استغلالها، أتركوا المدينة لشاباتها وشبابها الأنقياء، أتركوا المدينة لمن يغسلها بدموع العين ويعطّرها...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم