الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مبادرات لتحويل الزجاج المحطمّ إلى أوانٍ زجاجية ومواد بناء

المصدر: "النهار"
فرح نصور
مبادرات لتحويل الزجاج المحطمّ إلى أوانٍ زجاجية ومواد بناء
مبادرات لتحويل الزجاج المحطمّ إلى أوانٍ زجاجية ومواد بناء
A+ A-

في إطار المبادرات المساعِدة على مختلف الأصعدة جراء انفجار مرفأ بيروت، تقوم جهاتٌ متعددة بتجميع الزجاج المحطّم لإعادة تدويره لأهداف مختلفة. العامل المشترك بين عمل كلّ من هذه الجهات، هو النهوض بلبنان والتفكير بذكاء للاستفادة من الكمية الهائلة من الزجاج، عبر إنتاج مواد مفيدة بدلاً من دفنها في مطامر النفايات وإلحاق أضرارٍ إضافية بالبيئة. في هذا التقرير، نعرض بعضاً من هذه المبادرات.

قدّرت مؤسسة " Cedar Environmental" حجم الزجاج الذي تحطّم جراء الانفجار بحوالي خمسة آلاف طن. نصف هذه الكمية تساقط على الشوارع واختلط بالردم والحطام وغيره من مخلّفات الانفجار، والنصف الآخر تساقط داخل المنازل أو وقع على شكل ألواح حول المباني. بدأت المؤسسة وعلى رأسها زياد أبي شاكر، المهندس البيئي والرئيس التنفيذي فيها، بحملة للمّ ما استطاعوا من الزجاج.

ليس سهلاً تدوير هذا النوع من الزجاج، فطبخة الزجاج الخاصة بالشبابيك تختلف عن طبخة الزجاج الخاصة بالزجاجات والمراطبين. لذا، بدأ زياد غداة يوم الانفجار بالبحث عن معاملَ محلية قادرة على العمل بهذا الزجاج دون إلحاق ضرر بمكانتها. وكان بصدد وضع خطة لنقل هذه المواد بشكل لا يتلفها ريثما تصل إلى المصانع.

الزجاج الذي سيُعاد تدويره حالياً هو الزجاج النظيف غير المخلوط بالبحص والرمل والردم. كمية الزجاج النظيف، قُدّرت بحوالي 2500 طن. ويتوقّع أبي شاكر أن يخرج منها 500 طن. هذه الكميات ستذهب إلى ثلاثة معامل، اثنان منها في الشمال لإعادة تدوير الزجاج وصناعة المراطبين والغالونات الزجاجية، ومعمل في الصرفند أيضاً للتدوير لصناعة الزجاج المنفوخ.

في الصرفند، يستوعب المشغل حوالي عشرين طناً من الزجاج ويستغرق العمل فيه حوالي أربعة أشهر، وقد تم تأمين أول دفعة من الزجاج تلغ 5 أطنان. حملة "GGRIL" لإعادة تدوير الزجاج ستشتري كلّ الإنتاج وتبيعه وتعود بالمردود إلى نافخي الزجاج لكي يستمروا بتدوير الزجاج. أمّا في طرابلس، فسيتّم إرسال أوّل دفعة من ثلاثة أطنان من الزجاج كتجربة على الآلات الموجودة هناك. و"إذا ما تيسّرت المهمّة لدى هذه المعامل القادرة على استيعاب 100 طن شهرياً، سيكون ذلك إنجازاً مهماً جداً".

العمل سيبدأ بعد حوالي يومين. تعاونت المؤسسة مع مجموعة "مواطن لبناني" ومجموعات أخرى، ووضعت بتصرف الناس رقماً ليرسلوا إليه عبر واتساب صور الزجاج المحطّم مع تحديد مكانه، وتتكفّل المؤسسة بإرسال شاحنات لنقله.

عملية التدوير ستستغرق ثلاثة أشهر قياساً للتمويل الذي وصل إلى المؤسسة. بهذه العملية، وبدلاً من طمر الزجاج المحطّم وعدم الاستفادة منه وتحميل البيئة تلوثاً وضرراً إضافيين، فُسح المجال لتشجيع الصناعة المحلية عبر توفير مادة الزجاج الخام مجاناً إلى هذه المعامل، وبذلك تُخفّف كلفة الإنتاج عليها وتزيد الأرباح. كما أنّ هناك عائلات تعيش من هذه المعامل. وطالب زياد الجهات المعنية بالإيعاز إلى البلديات بعدم رمي الزجاج المحطّم إنّما لمّه وجمعه للاستفادة منه وتدويره.


يتمّ تجميع الزجاج المحطّم في عقارٍ فرزته بلدية بيروت في منطقة الكرنتينا بالتنسيق مع الجامعة الأميركية في بيروت ومنظمة"Arcenciel" ، لتدوير الزجاج وتحويله إلى موادَّ نستفيد منها في البناء وغيره، وفق رئيس بلدية بيروت جمال عيتاني. هناك كمية كبيرة من الزجاج، فحتى الآن لا يمكن تقديم أرقام عن الكمية، فهناك أشخاص لم يعودوا إلى منازلهم بعد. هي ورشة عملٍ طويلة، والزجاج الذي يتم تجميعه في الكرنتينا هو الزجاج النظيف، أمّا الزجاج المخلوط بموادَّ أخرى، فسيُرسل إلى عقارٍ خارج بيروت ليتمّ فرزه والاستفادة من المواد المخلوطة معه على حدة.

منظمة "Arcenciel" غير الحكومية، بادرت إلى لمّ الزجاج وتجميعه لتفريغه في الأرض التي فرزتها بلدية بيروت في الكرنتينا، بهدف إعادة تدويره. وبدأ البرنامج البيئي للمنظمة بحملة تدوير الزجاج بعد انفجار بيروت. مشروعٌ وُلد في خضم كارثة وهو قيد التطوير. سيُخلَط الزجاج المحوَّل بالباطون وسيُستَخدم في بناء الأرصفة وغيرها، وبذلك تُخفَّض كلفة البناء، بحسب لما نعمة، مسؤولة التواصل في البرنامج البيئي في المنظمة. حالياً يُجمَع الزجاج ريثما تصل الآلات اللازمة لهذه العملية من الخارج. الاتصالات بالمنظمة كثيفة لنقل الزجاج، ونُقِل حتى الآن ما لا يقلّ عن زجاج 300 مبنىً. غالبية الناس أصبحوا يتحلّون بالوعي لعدم رمي الزجاج ولأهمية تدويره.


تقوم شركة "Froz" الناشئة للحد من النفايات البيئية، بالتعاون مع منظمة "Arcenciel" وبلدية جونيه واتحاد بلديات كسروان ومؤسسة مخزومي، بلمّ الزجاج من كافة المناطق المتضررة لتدويره، إذ إن جهات تدوير هذه النفايات في لبنان محدودة جداً، وفق ريمون بستاني، منفّذ العمليات في الشركة. سيتمّ تدوير هذا الزجاج وتحويله إلى رمل لاستخدامه في البناء لاحقاً. على الزجاج أن يكون نظيفاً بنسبة 80 في المئة لأنّه بحال كان مخلوطاً بموادَّ أخرى يصعب فرزه. بدأت المبادرة منذ الأسبوع الفائت ونشرت الشركة رقم واتساب على صفحتها على إنستغرام لمَن يرغب بنقل زجاج محطّم، وذلك عبر تصوير الزجاج وإرسال موقعه، لتقوم الشركة بإرسال الشاحنات لجمعه.

أمس، جمع 45 طناً من الزجاج واليوم 16 طناً. واتخذت شركة مرموقة على عاتقها استقدام آلات تحويل الزجاج إلى مواد بناء، لتُنفّذ هذه الآلية للمرة الأولى في لبنان. لذا لا يعرف ريمون كم سيستغرق التدوير من الوقت، ولتكون مواده جاهزة للاستخدام، لكن "لولا هذه الآلات لكانت كارثة، ولكانوا طمروا هذا الزجاج"، يضيف ريمون. وناشد بستاني مَن هو قادر ويرغب في المساعدة، للتبرع بشاحنات نقلٍ لتسريع هذا العمل وحماية البيئة.

وكان الناس هرعوا إلى تصليح واجهات محالهم ومنازلهم في ظل ارتفاع جنوني بأسعار الزجاج واحتكار بعض التجار. ارتفع سعر الزجاج من 9 إلى 13 دولاراً للمتر الواحد، وزجاج الـ double vitrage من 26 إلى 45 دولاراً للمتر، وثمن المتر من زجاج الـ securit ارتفع من 80 إلى 95 دولاراً. وأصبح التجار لا يقبضون ثمن الزجاج إلّا بالدولار أو بالليرة على سعر صرف السوق. ففي هذا الإطار، اجتمع وزير الصناعة مع أصحاب مصانع الزجاج في لبنان للحد من استغلال التجار في هذه الكارثة ولتخفيف التكاليف على المتضررين ولإيجاد آلية لفتح اعتمادات للتجار واعتماد سعر الصرف الدولار الرسمي لاستيراد الزجاج.

من جهة أخرى، وفي إطار استعداد الدول الخارجية لإمداد لبنان بالمساعدات اللازمة، دخل معمل زجاج عدرا التابع لوزارة الصناعة السورية على خط تأمين احتياجات لبنان من أجل المساهمة في إعمار مرفأ بيروت والمناطق المتضررة في لبنان، من خلال تأمين مادة الزجاج، وفق ما نقلت وكالة سبوتنيك الروسية. وتدرس الجهات المعنية في الدولة كمية ونوع الزجاج المطلوب لتطلبها من الدول التي مدت يد العون في هذا الإطار مثل فرنسا وغيرها.

وكانت غرفة التجارة والصناعة في بيروت قد استوردت الزجاج من مصر وستصل الباخرة المحملة بأربع حاويات من زجاج securit من مصر الأسبوع المقبل، بحسب زياد دكاش، نائب رئيس جمعية الصناعيين.







الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم