الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لا محاسبة ولا خلاص من الفساد في ظلّ النظام الكلِبتوقراطيّ اللبنانيّ

الأب صلاح أبوجوده اليسوعي
Bookmark
لا محاسبة ولا خلاص من الفساد في ظلّ النظام الكلِبتوقراطيّ اللبنانيّ
لا محاسبة ولا خلاص من الفساد في ظلّ النظام الكلِبتوقراطيّ اللبنانيّ
A+ A-
"ما الطاغيّة إلّا خيالًا، فسلطته تتوزّع عمليًّا على طغاةٍ فرعيّين مجهولين وغير مسؤولين، سريعًا ما يصبح طغيانهم وفسادهم لا يُطاقان"(غوستاف لُو بون)قد يستغرب المرء قول الرئيس حسّان دياب في خطاب استقالته بتاريخ 10 آب 2020، إنّه "اكتشف" أنّ "منظومة الفساد المتجذّرة...أكبر من الدولة التي لا تستطيع التخلّص منها"؛ ذلك أنّه قادم من وسط أكاديميّ، ويعلم مسبقًا، على أقّله نظريًّا، أنّ الفساد متأصّل في طريقة عمل النظام القائم. فلعلّه قصد بقوله أنّه "اختبر عجزه" عن اقتلاع الفساد، بل وحتّى محاربته. وفي الواقع، لا يمكن التخلّص من الفساد من داخل النظام، لأنّ طريقة عمل هذا النظام، منذ الاستقلال إلى اليوم، خلقت مجتمعًا نقيضًا لمجتمع الدولة الحديثة، يشبه إلى حدٍّ بعيد المجتمع الذي نتج من الكلِبتوقراطيّة التي يتكلّم عليها الكاتب باتريك مِنِي ليصف فترة نهاية الشيوعيّة في روسيا. تعني الكلِبتوقراطيّة السياسات الحكوميّة التي تؤدّي إلى جنوحٍ يتمثّل بفساد النخب الحاكمة التي تسعى إلى الإثراء الشخصيّ غير المشروع أو تملّك السلطة، فتنشر الفساد على نطاق واسع، وتفسح بالتالي المجال لنشأة مجتمعٍ موازٍ لمجتمع الدولة، يطغى مع الوقت على الحياة اليوميّة العاديّة، ويصير جزءًا لا يتجزّأ منها. فلا عجب من أن يصبح فساد النخب متغلغلًا في مختلف القطاعات من طريق نُخب فرعيّة تمارس المضاربة والتجارة غير المشروعتين والنهب والاختلاس والرشاوى وشراء الضمائر وتبييض الأموال، إلى ما هنالك من جرائم الفساد. ومع الوقت، يصبح هذا المجتمع الموازي الأساس، ويختفي تدريجيًّا ما كان يُفترض أن يكون مجتمع الدولة الحديثة. فمقاييس الحكم تنقلب في الذهنيّة العامّة مع مرور...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم