الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"رويترز" تكشف وثائق سرية... أمن الدولة حذّر عون ودياب من متفجرات المرفأ في تموز!

المصدر: "رويترز"
"رويترز" تكشف وثائق سرية... أمن الدولة حذّر عون ودياب من متفجرات المرفأ في تموز!
"رويترز" تكشف وثائق سرية... أمن الدولة حذّر عون ودياب من متفجرات المرفأ في تموز!
A+ A-

تظهر وثائق اطّلعت عليها "رويترز" أنّ مسؤولين أمنيين لبنانيين حذّروا  رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب، الشهر الماضي، من أنّ وجود 2750 طنّاً من نيترات الأمونيوم في مخزن بمرفأ بيروت يمثّل خطراً أمنيّاً ربما يدمّر العاصمة إذا انفجرت تلك المواد.

وأكدت مصادر أمنية ذلك أيضاً.

وبعد ما يزيد قليلاً على أسبوعين من التحذير، وقع الانفجار الهائل الذي محا معظم المرفأ وأسفر عن استشهاد 163 شخصاً وإصابة ستة آلاف آخرين ودمر نحو ستة آلاف مبنى.

وتضمّن تقرير من المديرية العامة لأمن الدولة عن الأحداث التي أدّت إلى الانفجار، إشارة إلى رسالة أرسلت بالبريد الخاص إلى عون ودياب في 20 تموز الماضي.

ورغم أنّ مضمون الرسالة لم يكُن ضمن التقرير الذي اطّلعت عليه "رويترز"، فقد قال مسؤول أمني كبير إنّها تلخص ما توصل إليه تحقيق قضائي بدأ في كانون الثاني الماضي خلص إلى ضرورة تأمين المواد الكيماوية على الفور.

ولم يسبق نشر شيء عن تقرير أمن الدولة الذي أكد مخاطبة عون ودياب.

وقال المسؤول الأمني لـ"رويترز": "كان هناك خطر أن تٌستخدم هذه المواد في هجوم إرهابي إذا سرقت".

وفي إشارة إلى الرسالة المرسلة إلى رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية من المديرية العامة لأمن الدولة والتي تُشرف على أمن المرفأ، قال المسؤول: "في نهاية التحقيق النائب العام (التمييزي غسان) عويدات أعدّ تقريراً نهائيّاً تم إرساله إلى السلطات".

وقال المسؤول الذي شارك في صياغة الرسالة وطلب عدم نشر اسمه: "حذّرتهم من أنّ هذا قد يدمر بيروت إذا انفجر".

ولم تستطع "رويترز" التأكد من مصدر مستقل مما ذكره عن الرسالة.

ولم يرد مكتب رئيس الوزراء ولا رئاسة الجمهورية على طلبات للتعليق على الرسالة الصادرة بتاريخ 20 تموز.

ولم يرد النائب العام على طلبات للتعليق.

"إجراء اللازم"

وفي الأسبوع الماضي، أكد الرئيس عون أنّه سبق إبلاغه عن المواد الكيماوية. وقال للصحفيين إنّه وجه الأمين العام لمجلس الدفاع الأعلى، الذي يضم الأجهزة الأمنية والعسكرية في لبنان ويرأسه رئيس الدولة بضرورة "إجراء اللازم".

وقال عون: "المواد صرلها من 2013، وعم يقولو خطرة، وأنا لست مسؤولا ولا أعرف وين محطوطة هذه المواد، ولا أعرف درجة الخطورة، وما الي (ليس لدي) صلاحية اتعاطى مباشرة مع المرفأ. فيه تراتبية لازم تعرف واجباتها وكلهم كانوا على إطلاع".

ولا تزال أسئلة كثيرة بلا أجوبة حول سبب رسو السفينة بشحنة نيترات الأمونيوم في بيروت في أواخر 2013. والمحيّر أكثر من ذلك هو سبب السماح بتخزين كمية كبيرة من المادة الخطيرة في المرفأ كل هذا الوقت.

وجاءت الرسالة التي أرسلت إلى الرئيس ورئيس الوزراء في أعقاب سلسلة من المذكرات والرسائل التي بعث بها مسؤولو المرفأ والجمارك والأمن إلى المحاكم على مدار السنوات الست السابقة وحضّوا فيها مراراً القضاة على إصدار أمر بنقل نيترات الأمونيوم من مكانها القريب جدّاً من وسط المدينة.

وقال تقرير المديرية العامة لأمن الدولة الذي اطّلعت عليه "رويترز" إنّه تم تقديم العديد من الطلبات وذلك دون ذكر عددها على وجه التحديد. وذكر أنّ إدارة المانيفست بالمرفأ أرسلت عدة طلبات كتابية إلى مديرية الجمارك حتى عام 2016 تطلب فيها مطالبة قاض بإصدار الأمر بإعادة تصدير الكمية على الفور.

وقال تقرير الإدارة العامة لأمن الدولة: "لكن وحتى تاريخه، لم يصدر قرار بهذا الشأن. بعد مراجعة أحد المختصين في الكيمياء أكد أن هذه المواد وفي حال اشتعالها ستسبّب انفجاراً ضخماً وستكون نتائجه شبه مدمرة لمرفأ بيروت".

مادة خطرة

بدأ الطريق المؤدي إلى مأساة الأسبوع الماضي قبل سبع سنوات عندما رست السفينة روسوس، المستأجرة لحساب روسي وترفع علم مولدوفا وتحمل شحنة من نيترات الأمونيوم من جورجيا إلى موزامبيق، في مرفأ بيروت لمحاولة نقل بضائع إضافية لتدبير رسوم المرور عبر قناة السويس وفقا لما قاله ربانها.

وأوضح تقرير أمن الدولة أنّ سلطات المرفأ احتجزت السفينة روسوس في كانون الأول 2013 بالأمر القضائي 1031/2013 بسبب ديون عليها لحساب شركتين قدّمتا طلباً للقضاء في بيروت لحجزها.

وفي أيار 2014، اعتبرت السلطات السفينة غير صالحة للإبحار وتم تفريغ شحنتها في تشرين الأول 2014 وتخزينها فيما عرف بالعنبر 12. وأظهر التقرير الأمني أنّ السفينة غرقت بالقرب من كاسر الأمواج بالمرفأ في 18 شباط 2018.

وتقول مولدوفا إنّ شركة بريروود كورب التي تتخذ من بنما مقرّاً لها هي صاحبة السفينة.

وفي شباط 2015، عيّن قاضي الأمور المستعجلة نديم زوين خبيراً لتفقّد الشحنة وفقا لما ورد في التقرير الأمني.

وقال التقرير إنّ الخبير خلص إلى أنّ المواد المخزنة خطيرة وطلب عبر سلطات المرفأ نقلها إلى الجيش. ولم تستطع رويترز التحقق على الفور من رواية الخبير.

وذكر التقرير أنّ قيادة الجيش رفضت الطلب وأوصت بنقل المواد الكيماوية أو بيعها إلى الشركة اللبنانية للمتفجرات وهي شركة خاصة.

ولم يذكر التقرير سبب رفض الجيش قبول الشحنة. وقال مسؤول أمني لـ"رويترز" إنّ ذلك يرجع إلى عدم احتياج الجيش لها. 

وقالت إدارة الشركة اللبنانية للمتفجرات لـ"رويترز" إنّها لم تكن مهتمة بشراء المواد المصادرة وإن الشركة لديها إمداداتها الخاصة وتراخيص الاستيراد الحكومية الخاصة بها.

وتُبيّن الطلبات التي اطلعت عليها "رويترز" أنّ مسؤولي الجمارك والأمن استمروا بعد ذلك في مراسلة القضاة كل ستة أشهر تقريباً لطلب نقل المواد الكيماوية.

وامتنع القضاة ومسؤولي الجمارك عن التعقيب عندما اتصلت بهم "رويترز".

وتم احتجاز عدد من مسؤولي الجمارك والمرفأ في إطار التحقيق في الانفجار.

 "سوء تخزين وسوء تقدير"

في كانون الثاني 2020، أمر قاض بإجراء تحقيق رسمي بعد اكتشاف أنّ العنبر 12 لا يخضع للحراسة وبه فجوة في حائطه الجنوبي كما أن أحد أبوابه كان مخلوعاً، الأمر الذي كان يعني أنّ المواد الخطرة عرضة للسرقة.

وقال مسؤول أمني رفيع ثانٍ طلب عدم نشر اسمه إنّ النائب العام التمييزي عويدات أصدر في التقرير النهائي في أعقاب التحقيق أوامر فورية لتأمين أبواب العنبر ومعالجة الفتحة وتوفير الأمن.

وفي الرابع من حزيران، وبناءً على تلك الأوامر، أصدر أمن الدولة تعليمات لسلطات المرفأ لتوفير حراسة للعنبر 12 وتعيين مدير له وتأمين جميع الأبواب وسد الفتحة في الحائط الجنوبي، وذلك وفقاً لما ورد في تقرير أمن الدولة وما قاله المسؤولون الأمنيون.

وقال المسؤول الأمني: "الصيانة بدأت وأرسلت (سلطات المرفأ) فريقا من العمال السوريين (لكن) لم يكن هناك من يشرف عليهم عندما دخلوا لإصلاح الفجوات".

وأضاف المسؤول أنّ شراراً تطاير من أعمال اللحام خلال الإصلاح وأشعل حريقاً وبدأت النيران في الانتشار.

وقال المسؤول الأمني الرفيع الثاني: "نظراً لتخزين مفرقعات في العنبر نفسه بعد ساعة بدأ حريق كبير بفعل المفرقعات وامتدّ ذلك إلى المادة التي انفجرت عندما تجاوزت درجة الحرارة 210 درجات".

وحمّل المسؤول سلطات الميناء مسؤولية عدم الإشراف على فريق الإصلاح وتخزين المفرقعات بجانب كمية كبيرة من المواد شديدة الانفجار.

وقال المسؤول: "أثر الانفجار كان مخفّفاً فقط لأنّ العنبر يواجه البحر. ولولا ذلك لدمرت بيروت كلها. المسألة كلّها إهمال وعدم إحساس بالمسؤولية وسوء تخزين وسوء تقدير".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم