الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الراعي: انفجار بيروت جريمة موصوفة ومن الواجب الاستعانة بتحقيق دولي

المصدر: "النهار"
الراعي: انفجار بيروت جريمة موصوفة ومن الواجب الاستعانة بتحقيق دولي
الراعي: انفجار بيروت جريمة موصوفة ومن الواجب الاستعانة بتحقيق دولي
A+ A-

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس #الراعي، ذبيحة إلهية، في الديمان، "لراحة أنفس الـ155 ضحية بريئة وعزاء عائلاتهم، ولشفاء الـ5000 جريح، من بينهم 120 في حالة حرجة، ولإيجاد الـ60 مفقوداً، ومساعدة أصحاب الـ8000 بيت متضرر، والـ300 ألف نازح، ومالكي السيارات والشاحنات والباصات التي أتلفت حرقاً أو دُمّرت بالانهيارات، ولإعادة ترميم وبناء ما تهدّم في المستشفيات والمدارس والكنائس ودور العبادة والمؤسسات العامة والخاصة الصناعية والتجارية والسياحية وسواها من معالم بيروت الهندسية التاريخية الجميلة".

ووصف الراعي، في عظته، انفجار المرفأ بـ"كارثة هزت دول العالم"، معتبراً أنّ "من حقها، إذ تمدّ لبنان بالمساعدات السخية والمُحِبة، أن تعرف أسبابها الغامضة، والمرجعية المحفوظة لها منذ ست سنوات هذه الكمية الهائلة من المواد المتفجرة في أخطر مكان من العاصمة، والغاية من وجودها".

واعتبر الراعي فاجعة المرفأ "جريمة موصوفة ضد الإنسانية. ومن الواجب الاستعانة بتحقيق دولي لكشف حقائقها كاملة وإعلانها، مع وجوب محاسبة كل مسؤول عن هذه المجزرة والنكبة مهما علا شأنه".

ووجه البطريرك الماروني تحية "من القلب إلى المؤسسات والجمعيات والروابط الانسانية والاجتماعية والأهلية والكشفية والرسولية والخاصة، وإلى شباننا وشاباتنا اللبنانيين الذين أتوا بيروت من مختلف المناطق وتطوعوا بسخاء لمساعدة العائلات المنكوبة والجرحى، ولتنظيف الشوارع". وأضاف: "هؤلاء هم شباب (الثورة) الحضارية، ومستقبل لبنان الواعد. من أمثالهم نريد قيادات جديدة ومسؤولين جدداً يتحلون بروح التفاني والتضحية والعطاء". كما حيّا الراعي "بطولة وتضحيات الجيش اللبناني والقوى الامنية وعناصر الصليب الاحمر وفرق الاطفاء والانقاذ وعناصر الدِّفاع المدنيّ"، وأضاف: "نعزيهم بضحاياهم، ونصلّي لشفاء جرحاهم".

كذلك، توجّه الراعي بـ"تحية عرفان جميل وشكر لجميع الدول شرقاً وغرباً، الذين سارعوا وأرسلوا مساعدات متنوعة، ولتلك التي قطعت وعوداً بمساعدات". وتابع قائلاً: "عظيم هذا التضامن الإنساني الكبير، الذي عبّرت به هذه الدول عن حقيقة مفهوم التضامن الذي يعطينا الشعور بأننا كلنا مسؤولون عن كلنا. بهذا التضامن لم ترفع الحصار عن السّلطة الحاكمة، بل عن الشعب اللبناني المنكوب". وأضاف: "نوجه تحية بنوية إلى قداسة البابا فرنسيس مع شكره على صلاته والنداء الذي وجهه إلى الأسرة الدولية لمساعدة أهل بيروت، كما نشكر مجامع الكرسي الرسولي والكرادلة والبطاركة والأساقفة ومطارنة أبرشياتنا في بلدان الانتشار، ورؤساء المجالس الأسقفية في مختلف بلدان العالم الذين أرسلوا إلينا رسائل تضامن مع الشعب اللبناني وأهل بيروت والصلاة من أجلهم".

وخصّ الراعي، الرئيس الفرنسي إيمانويل #ماكرون بالشكر "على الساعات المليئة بالعاطفة التي قضاها في بيروت بعد يوم من وقوع الإنفجار، وقد سبقته طائرات المساعدات من بلاده". واعتبر أنّ "زيارته التفقدية للمرفأ ولشارع الجميزة عزّت أبناء بيروت واللبنانيين وشجعتهم. ووضعت المسؤولين السياسيين أمام خطورة مسؤولياتهم وحجم تقصيرهم ونتائج مكابرتهم".

وتابع الراعي: بهذه الزيارة شارك اللبنانيين إرادتهم في إنقاذ لبنان، وحدد مساحة الدور الدولي. وبها جدد ميثاق الصداقة اللبنانية- الفرنسية الذي يعود إلى ألف عام. وهي صداقة بدأت مع الموارنة أولاً، فمع المسيحيين ثم مع سائر اللبنانيين. وميزتُها أنها تؤمن بكيان لبنان ووحدته، وبالشراكة المسيحية الإسلامية في ظل دولة حيادية، حرة، مستقلة، وسيدة خيارِها وقرارها الوطني".

واعتبر الراعي أنّ المؤتمر الدولي الذي سيعقد بعد ظهر اليوم، الأحد، "يؤكد على تصميم أصدقاء لبنان في العالم على مساعدته للخروج من أزمته الوطنية". وأضاف: "هذا هو مضمون النداء المثلّث الذي أطلقناه في الخامس من تموز الماضي، أي رفع الحصار عن الشرعية، ونجدة الدول الصديقة، وإعلان حياد لبنان". وشدّد الراعي على أنّ "التغيير، مهما كان عمقه، يجب أن ينطلق من نظامنا الديموقراطي ومن دستورنا ومن ميثاقنا الوطني ومن الثوابت اللبنانية التاريخية".

كما اعتبر الراعي أنّ لقاء ماكرون المواطنين في شارع الجميزة، "دعوة للسلطة كي تصغي إلى صوت الشعب و(الثورة)، وإلى نداءات المجتمع الدولي المتكررة، من الدول الكبرى إلى الاتحاد الأوروبي، ومن الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، إلى المؤسسات النقدية العالمية، التي َحضّت المسؤولين، حكماً وحكومة ومجلساً نيابياً، على سماع صوت الشعب، وتغيير الأداء، وإجراء الإصلاحات، ومكافحة الفساد، وتوحيد السّلاح، والحياد عن الصّراعات، واحترام القرارات الدولية، وإشراك الأجيال الجديدة في حكم البلاد وتحضير مستقبلها". وأضاف: "لكن كل نداءات العالم، بعد نداءات الشعب، ذهبت سُدىً فتفاقمت الأوضاع واستشرى الفساد وعمّت المحاصصة وتناثرت مؤسسات الدولة أشلاء كزجاج بيروت".

إلى ذلك، اعتبر البطريرك الماروني أنّ التحرّك الشعبي الذي شهدته بيروت أمس، "يؤكّد على نفاد صبر الشعب اللبناني المقهور والمذلول، ويدل على التصميم في التغيير إلى الافضل". وأضاف: "لكن في الوقت عينه نبدي حزننا وأسفنا لسقوط شهيد من قوى الأمن الداخلي، نسأل لنفسه الراحة السماوية، وعدد كبير من الجرحى في صفوف القوى الأمنية والثوار نصلي من اجل شفائهم".

وتساءل الراعي حول إذا ما "يستوجب كل هذا، مضافاً إلى كارثة بيروت ومأساة أهلها، قرارات جريئة في دولة ديموقراطية تُعيد النظر في التشكيلة الحاكمة وطريقة حكمها". وتابع: "لا تكفي استقالة نائب من هنا ووزير من هناك، بل يجب، تحسساً مع مشاعر اللبنانيين وللمسؤولية الجسيمة، الوصول إلى استقالة الحكومة برمتها إذ باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد، وإلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، بدلاً من مجلس بات عاطلاً عن عمله".

وتابع الراعي: "إننا نؤمن إيماناً وطيداً أنَّ لبنان سيقوم كدولةٍ إلى نظامٍ جديد هو (نظام الحياد النَّاشط) الذي، ما إن أطلقنا فكرتَه في الخامس من تموز الماضي، حتى هبّت عارمة موجة التأييد. لا لأنّه فكرة جديدة، بل لأنّه من صميم الكيان اللبناني ومسيرة دامت خمسين سنة، قبل أن تبدأ بالتدهور مع الحرب اللبنانية التي استُبيحت فيها ومعها أرضه وسيادته من مختلف الجهات". وأضاف: "من شأن هذا (الحياد) أن يحقّق الاستقرار، ويؤمِّن خير جميع اللبنانيين، ويُعيد وحدة العائلة اللبنانية بكل مكوناتها وجمال تنوعها".

وأضاف البطريرك الراعي: "عالمنا بحاجة إلى توبة بكل أبعادها. توبة إلى الله بالعودة إلى رسومه ووصاياه، وبعبادته وحده من دون أي صنم شريك، أشخصاً كان، أم مالاً، أم سلطةً، أم حزباً، أم سلاحاً، أم إيديولوجيّة، وبالاصغاء إلى اعتراض الضّمير. توبة إلى الذّات بالعودة إلى واجب الحالة والوظيفة والمسؤولية؛ توبة إلى الوطن بالولاء له وحده من دون خيانة، والتضحية في سبيل المحافظة على كيانه ووجهه السياسي، وتنمية قدراته، وحفظ ماله العام ونموه، وإحياء علاقاته المثمرة والبناءة مع مختلف الدول. وتابع: "توبة إلى المواطنين بتأمين خيرهم العام وحقوقهم الأساسية وعيشهم الكريم، في جو من الاستقرار السياسي والاقتصادي والأمني والمعيشي؛ توبة إلى الدستور والميثاق ووثيقة الوفاق الوطني، بحفظها وتطبيقها نصاً وروحاً، وبالكفّ عن مخالفتها واستنباط عادات وتقاليد منافية لجوهرها من أجل مصالح شخصية وفئوية، وباحترام فصل السلطات التشريعية والإجرائية، وبحماية استقلالية القضاء، وبالكف عن التدخل السياسي في الإدارات العامة".

وختم الراعي قائلاً: "نسأل الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء، سيدة لبنان وسيدة قنّوبين وملجأ الخطأة، أن يمنحنا نعمة التوبة والخلاص، لكي نستحق ان نرفع كل حين نشيد المجد والتسبيح للآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم