الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أطباء الأسنان في لبنان في مواجهة الانهيار... "صرخة وجع"

المصدر: النهار
كارين اليان
كارين اليان
أطباء الأسنان في لبنان في مواجهة الانهيار... "صرخة وجع"
أطباء الأسنان في لبنان في مواجهة الانهيار... "صرخة وجع"
A+ A-

قطاع طب الاسنان تماماً كباقي القطاعات طالته الأزمة الاقتصادية بتداعياتها التي لم توفّر مجالاً. وفيما تعتبر صحة الأسنان من الأساسيات التي لا يسمح التهاون فيها نظراً لآثارها على الصحة عامة في كثير من الأحيان، بات المواطن اللبناني يعتبرها من الكماليات كالكثير من الحاجات الأساسية بفعل الواقع الاقتصادي المتردّي.

لم ينج أحد ولا قطاع من تداعيات الأزمة وفي طب الاسنان، كما بات المواطن اللبناني عاجزاً عن الحفاظ على صحة أسنانه، كذلك يعاني أطباء الأسنان كما المواطنون كافة من هذا الوضع الذي يفرض عليهم تأجيل زيارة طبيب الأسنان وحصرها بالحالات الطارئة لعدم قدرتهم على تحمل أي عبء مادي إضافي. تعبّر السيدة قزي عن قلقها حيال الارتفاع في تعرفة الاطباء عامة ومنهم أطباء الأسنان الذين عمدوا إلى ذلك حكماً، كما فعل الكل مؤكدةً أنها كأي مواطن لبناني تتقاضى الأجر نفسه بالليرة اللبنانية ولا قدرة لها على تحمل هذه الأعباء الإضافية. وعلى صعيد شخصي تؤكد أنها في حالة طارئة فقط يمكن ان تزور اليوم طبيب الأسنان لاعتبارها مرغمة على ذلك، لكن بعد سؤاله عن بدل أتعابه وكلفة العلاج. أما في ما عدا ذلك وفي الحالات التي يمكن تأجيلها فمن المؤكد انها ستعمد إلى تأجيلها حتى وقت آخر. وتبقى الحالات الطارئة وحدها ربما غير قابلة للتأجيل. وتشير إلى أنه إذا كان ارتفاع الكلفة بالليرة اللبنانية مبرراً، فهو غير مبرر أبداً لمن يتقاضى بالدولار. فتوضح أن أحد الأطباء قرر زيادة بدل أتعابه والعلاج ولو كان يتقاضى بالدولار الأميركي وهذا ما لا يعتبر مقبولاً. "أحياناً يمكن ان تكون زيارة طبيب الاسنان من الكماليات لكن في حال الشعور بالألم او التعرض لأي مشكلة لا يحتمل ذلك التأجيل أبداً والشيء الوحيد الذي يمكن أن نفعله عندها السؤال مسبقاً عن بدل الأتعاب للتأكد ما إذا كنا قادرين على ذلك. على سبيل المثال تحتاج ابنتي إلى اللجوء إلى تنظيف الأسنان وأنوي أن اسأله مسبقاً عن الكلفة اليوم لقاء هذا العلاج حتى لا أفاجأ أثناء الزيارة".

كيف تأثر أطباء الاسنان بالوضع؟

إذا كان المواطن يرزح تحت وطأة الأزمة الإقتصادية فوضع طبيب الأسنان لا يختلف، وكثر من الأطباء يواجهون الضغوط نفسها. الدكتور فادي أ. يؤكد أن التحديات بدأت قبل انتشار فيروس كورونا فبدأت آثار الأزمة تظهر قبل أشهر من انتشار الوباء في البلاد. وفي مرحلة الحجر، اقتصر العمل على استقبال الحالات الطارئة حكماً وفق ما تقتضيه الظروف إلى أن بدأت الحالة تتدهور أكثر فأكثر فتراجعت اعداد المرضى وبدا واضحاً أن كثراً لا يحضرون إلى العيادة إلا بسبب ألم حاد في الأسنان أو بسبب حالة طارئة معينة. ويدرك جيداً أن الأزمة طالت كافة المواطنين، كما ألقت بأعبائها ايضاً عليه كطبيب أسنان فيما يشير إلى أن الوضع زاد سوءاً نتيجة ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية الخاصة بالاسنان فيما يجد نفسه عاجزاً عن رفع أسعار العلاجات التي يقدمها والخدمات للمرضى الذين تعتبر نسبة مهمة منهم من ذوي الدخل المحدود ولن يكونوا قادرين على تحمل أية زيادة إذا كانوا أصلاً يواجهون صعوبات في الدفع في ظل هذه الظروف.

في هذا الإطار، أوضح نقيب أطباء الأسنان في لبنان الدكتور روجيه ربيز أنه في مرحلة كورونا والتعبئة العامة لم تكن عيادات أطباء الأسنان تستقبل إلا الحالات الطارئة بطبيعة الحال إلى ان بدأت تفتح ابوابها تدريجاً. هذا فيما يطمئن الناس أنه لا خوف من كورونا في عيادة طبيب الأسنان لاعتباره يحسن التعامل مع هذا الموضوع واتخاذ كافة الاحتياطات اللازمة، خصوصاً انه معتاد على التعامل مع أمراض أخرى وفيروسات تستدعي اتخاذ الإجراءات الوقائية دوماً بغض النظر عما إذا وجد كورونا أو لا. فتتخذ هذه الاحتياطات من لحظة دخول المريض إلى العيادة وأثناء تلقيه العلاج إلى حين خروجه بشكل لا يسمح فيه التهاون.

في المقابل، تدعو التحديات الكبرى التي يواجهها أطباء الأسنان إلى تسليط الضوء عليها، بحسب ربيز. فبالدرجة الأولى بدأت الأمور تتعقد مع كورونا حيث خفت استشارات أطباء الأسنان وحصرت بالحالات الضرورية. أما المشكلة الكبرى فناتجة من تدهور سعر الليرة فوجد المواطن اللبناني نفسه عاجزاً عن الإنفاق كالسابق وأصبح يصنف بعض الاساسيات ضمن الكماليات بسبب الظروف. فبحسب قوله صحة الأسنان ليست من الكماليات للناس عامةً وبشكل خاص بالنسبة إلى مرضى السكري والقلب وغيرها من الحالات التي يؤثر تدهور صحة الأسنان سلباً عليها، إنما أصبح المواطن اللبناني يعتبرها كذلك. فيدعو ربيز إلى ضرورة الحرص على صحة الأسنان لأن ابسط مشكلة يمكن أن تتطور لتصبح مشكلة كبرى تتطلب تدخلاً علاجياً مهماً بكلفة كبرى.

ماذا عن مستلزمات أطباء الأسنان؟

من أهم التحديات التي يواجها أطباء الاسنان حالياً ما يهدد استمراريتهم، كما بالنسبة إلى الأطباء من مختلف القطاعات والمستشفيات. فمعظم العلاجات التي يعتمدها طبيب الاسنان ترتكز على أدوات مستوردة وهنا تبرز المشكلة مع التجار الذي يؤكدون أنهم يشترون هذه المستلزمات بالدولار ويبيعونها على هذا الأساس وفق سعر الدولار في السوق السوداء، فيرغم الطبيب على شرائها بكلفة عالية فيما يحرص قدر الإمكان على الحفاظ على أسعار الخدمات لكنه يضطر إلى رفعها إلى حد ما إذا كانت هذه الخدمات تعتمد على أي من المستلزمات المعنية. أما المستلزمات المدعومة فتقتصر على التخدير، بحسب ربيز، فيما يبقى سعر المبيع غير مراقب فيطالب بدعم هذه المستلزمات الطبية الخاصة بأطباء الأسنان لأن هذا الموضوع لا يحتمل التأجيل وبفيه ترتبط استمرارية أطباء الأسنان وقدرتهم على الاستمرار بتقديم الخدمات. فيبدو ضرورياً العمل على دعم المواد والأدوات الأساسية لعلاجات أطباء الأسنان وثمة مشاورات مع كافة الجهات المعنية من رئيس الحكومة ووزير الصحة وغيرهما من الجهات التي تظهر تجاوباً وثمة مساعٍ جدية، بحسب ربيز، لإيجاد الحلول والوصول إلى حاكمية مصرف لبنان وإلا فالقطاع كاملاً عرضة للخطر والانهيار.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم