الأحد - 19 أيار 2024

إعلان

رئاسيات 2014 - فارس بويز "غير المطواع" الجامع بين المبدئية والواقعية استقال مرتين / صداقات إقليمية ودولية لم تخلُ من فتور ومواقف أتعبته في الإنتخابات

حبيب شلوق
A+ A-

قارئ بارع للسياسة الإقليمية والدولية، استقلالي النزعة، يجمع بين المبدئية والواقعية، جريء فرض وجوده أينما وجد، وإحترامه لدى كل الأفرقاء من دون أن يصل إلى درجة التملّق. طرح إسمه كمرشح للرئاسة بعد إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري مع انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، ويطرح اليوم.
وزير خارجية لنحو تسع سنوات أمضاها هذا الديبلوماسي المتمرّد وغير المطواع وغير المحسوب على أحد، في أصعب الظروف. رجل المعارك الضارية هو منذ أيام الجامعة، إلى الإنتخابات النيابية والمقاطعة عام 1992 يوم كان النائب يساوي 41 صوتاً.


على رغم علاقاته الدولية الواسعة حافظ على إستقلاليته حيال كل الدول، فثقافته الفرنسية الواسعة وصداقاته لم تجعل منه رجل فرنسا، وعلاقاته مع الولايات المتحدة لم تجعل منه رجل أميركا، ومع المملكة العربية السعودية لم تجعله رجلها، وعلاقته بالرئيس حافظ الأسد وبعده بالرئيس بشار لم تجعله رجل سوريا، فقد عرف كيف ينسج علاقات جيدة ويكون صاحب صدقية في التعاطي من دون الغرق في الوهم أن في السياسة يمكن للعلاقة التغلب على مصالح الدول.
إنه فارس بويز وزير الخارجية الأصغر في تاريخ لبنان( 35 عاماً) .
وفارس بويز إبن زوق مكايل كسروان التي أعطت لبنان رجال استقلال ودولة ووزراء ونواب ،من فؤاد شهاب إلى سليم تقلا ونهاد بويز وفيليب تقلا وفؤاد نفاع وفارس بويز. والده نهاد بويز من رفاق الرئيس إميل إده ومن مؤسسي حزب الكتلة الوطنية ورفاق العميد ريمون إده، كان نائباً لدورات عدة وتولى رئاسة لجنة الإدارة، عرف بعلاقاته الدولية مع جون كينيدي والماريشال تيتو وشارل ديغول. ووالدته جاكلين الدبس وهي سيدة أدب وشعر وفرنكوفونية ) التكلم بالفرنسي). واستضاف منزله العائلي حلقات سياسية لأصدقاء حيث اختلطت عروبة تقي الدين الصلح وعليا الصلح وغسان تويني وجان عزيز ،بـ"فرنكوفولية" (قرب من فرنسا) ريمون إده والبر مخيبر وجورج شحادة وكلير جبيلي.
وباشر فارس بويز ثقافته السياسية قارئاً لماركس ولينين وبول موران وتيار دوشاردان وجان كالفان وإبن سينا وماكارتي. وخاض معارك إنتخابية طلابية عديدة في جامعة القديس يوسف حيث نال إجازتي الحقوق اللبنانية والفرنسية قبل إكمال تخصصه في باريس.
عام 1990 عيّن الرئيس الياس الهراوي صهره فارس بويز موفداً رئاسياً قابل البابا يوحنا بولس الثاني، والرؤساء جورج بوش الأب وفرنسوا ميتران وحافظ الأسد. وفي ذلك العام عُيّن وزيراً للخارجية في حكومة الرئيس عمر كرامي ثم في حكومة الرئيس رشيد الصلح عام 1992 إلا أنه استقال مختلفاً مع الحكومة حيال الإنتخابات ومتضامناً مع المعارضة. كذلك عُيّن وزيراً للخارجية في حكومتي الرئيس رفيق الحريري عام 1993 وعام 1996، ووزيراً للبيئة في حكومة الحريري في عهد الرئيس إميل لحودعام 2003، إلا أنه استقال معارضاً التمديد للحود، وداخلاً "لائحة الشرف".
عام 1990 عُيّن نائباً عن كسروان الفتوح، ثم انتخب في الدورة الثانية الإكمالية في كسروان بعد المقاطعة الكسروانية في الدورة الأولى، كذلك انتخب عامي 1996 و2000 .
في السياسة كان بويز ذا نزعة عروبية على رغم مارونيته وكسروانيته وبيئته الكتلوية، وهو لم ينتمِ إلى الكتلة الوطنية على رغم صداقة والده وصداقته لريمون إده، بل بقدر ما كان قلبه وعاطفته نحو الكتلة ،بقدر ما كان عقله معجباً بالشهابية وبرئيسها فؤاد شهاب. كذلك هو لم ينخرط في القوى المتصارعة خلال الحرب "لأن الحرب والسلاح سيقسمان لبنان"، ثم على رغم مصاهرته رئيس الجمهورية الياس الهراوي حافظ على استقلاليته ،ولم تكن علاقته به تخلو من الفتور، فلكل من الرجلين طبعه المميّز.
ونسج مع بكركي علاقات خاصة ورثها عن والده نهاد بويز الذي ربطته علاقات وطيدة مع البطاركة الحويك وعريضة والمعوشي وخريش وصفير، وتابعها نجله مع البطريركين صفير والراعي ،ولم يحد عن هذه العلاقة حتى عندما طلب من السياسيين الموارنة في ظل الوصاية مهاجمة بكركي بعد نداء المطارنة الأول في أيلول الـ 2000 الذي طالب بالإنسحاب السوري، اتخذ بويز موقفاً مميزاً وفيه "ان بكركي خالقة لبنان وعليها أن تظل حاملة شعلة السيادة والإستقلال، لا بل من واجبها ذلك".


وزير "مو إلنا"!
وعرف بويز في أوائل التسعينات، على رغم ضعف الدولة وقوة الوصاية السورية، أن يبني صدقية مع سوريا محافظاً على استقلاليته وعلى أسلوب سيادي في تعاطيه معها فقصر علاقته برئيسها حافظ الأسد ووزير خارجيته فاروق الشرع، رافضاً العلاقة مع الأجهزة العسكرية.
وهذه الإستقلالية وإن كانت أراحته في وزارة الخارجية، فقد أتعبته في معاركه الإنتخابية ،وعلى رغم أنه كان وزيراً فهو لم يحظَ بدعم من الدولة إنما حظي معارضوه بدعم أجهزة الدولة. فالرجل الذي كان محترماً في سوريا كان في الوقت نفسه موضع انتقاد من "كبر رأسه".
ومع أن بويز طمأن الحكم السوري إلى أنه لا يمكن أن يطعنهم وأن يرزح تحت أي طلب للتآمر على سوريا ،بل هو يجاريهم في كل طروحاتهم، فإن هذا الوزير ظل... "مو إلنا"! كذلك مع أنه طمأن الغرب أيضاً إلى أنه "سيادي" واستقلالي النزعة، ولكنه لم يجاره في ما اعتبره خطأ الغرب في التعاطي مع القضية العربية.


الغرب وممثل النازية
ودافع بويز عن المقاومة في مؤتمر برشلونة في 27 تشرين الثاني 2005 أواسط التسعينات عندما حاول الغرب إدراجها على لائحة الإرهاب وأعلن أنه "عندما تكون دولة عاجزة بقوتها النظامية عن تحرير أرضها المحتلة من العدو ،فمن حق الشعب مقاومة الإحتلال، وهو حق مقدس". وأضاف متوجهاً إلى معظم الوزراء الغربيين:"لولا المقاومة لما كان هذا العدد منكم في هذا المؤتمر،ولكان ممثل النازية يتكلم باسمكم جميعاً".
ولكن المقاومة في نظره "يجب أن تتناغم مع سياسة الدولة وقدراتها وتوجهاتها".
وأكثر ما كان يؤلم بويز تجاهل الدولة طوال الحرب في طلب تأشيرات الدخول للهيئات الديبلوماسية التي تزور لبنان أو في إعلام الرسميين عن زياراتها. وهو موضوع أثاره مع السفير الإيراني بعد أربعة أيام من تعيينه وزيراً للخارجية للمرة الأولى، إذ قال له:" أتفضلون التعاطي مع كل لبنان بدءاً بدولته أو مع جزء من مذهب من طائفة من طوائف، أو مع لبنان بدولته وجمهوريته؟ فإن كنتم تريدون العلاقة مع كل لبنان بدءاً من دولته فعلينا الاتفاق على تنفيذ إتفاق فيينا الذي يرعى هذا التعاطي وينظمه، وإذا كنتم تفضلون العلاقة مع فريق من دون الدولة فلا لزوم لزيارتي ثانية". وهكذا سلك اتفاق فيينا ،وزار وزير الخارجية الإيراني علي أكبرولايتي لبنان، وبدوره زار بويز إيران وبدأت مرحلة من تنظيم هذه العلاقة.
وعندما تولى الخارجية نجح بويز في إعادة بناء الوزارة بعدما كانت قوى أمر واقع تشغل مبانيها سنوات خلال الحرب ،كذلك نجح في استعادة طاقمها الديبلوماسي من مرجعياته السياسية، فضلاً عن استعادة وزارة المغتربين إلى أحضان الخارجية.
وفي علاقته بالأميركيين لم يكن بويز لقمة سائغة، إذ أنه عندما تلقى الدعـوة للمشـاركة في مؤتمر مدريد في 31 تشرين الأول 1991، بدأ برفض الدعوة ما لم تتضمن تنفيذاً كاملاً للقرار 425 وتأليف لجنة في المفاوضات المتعددة الطرف من أجل عودة اللاجئين الفلسطينيين، رافضاً أي بحث في التطبيع الأمني والإقتصادي ما لم تكن إسرائيل انسحبت من الأراضي اللبنانية المحتلة. وعندما تغيّر مضمون الدعوة وتبلّغ هذا التغيير من وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر تحت عنوان البحث في انسحاب جزئي يبدأ من جزين، علماً أن الرئيس الأميركي جورج بوش الأب الذي كان يهم بمغادرة مدريد، ألح عليه لافتاً الى أنه مستعد لتأجيل سفره وترؤس اجتماع ثلاثي في هذا الشأن، ولكن موقف بويز كان الإصرار على الآلية العلنية للمفاوضات كما أقرّت رافضاٌ أي بحث في انسحاب جزئي من أي نوع كان.
وخلال سنوات أدار المفاوضات التي جرت لاحقاً في واشنطن بمزيج من الصلابة واللين حتى توقفت عام 1996. وفي بروكسيل وقّع مع المجموعة الأوروبية إتفاق الشركة ،وفوجئ الجميع بعد انتهاء مطالعته بقبول الوزراء الأوروبيين عضوية لبنان ،إلا أنه ووجه في مجلس الوزراء اللبناني بأن ليس علينا التوقيع وخصوصاً أن سوريا لم تدخل بعد إتفاقاً كهذا. وطال شد الحبال فما كان من بويز إلا أن توجه إلى دمشق واجتمع بالأسد وأقنعه بفائدة دخول لبنان هذا الإتفاق "لئلا تُترك إسرائيل لوحدها" في المتوسط شريكة لأوروبا، مؤكداً ضرورة دخول سوريا أيضاً. وفي اليوم التالي وافق "حلفاء سوريا" وأقر مجلس الوزراء الإتفاق اللبناني الأوروبي.
زوق مكايل بلدة فارس بويز التي أعطت الوطن رجالات كباراً وجارة بكركي، هل تستعيد الرئاسة التي خسرتها بعسكري قبل 50 عاماً هو فؤاد شهاب برئيس سياسي؟
سؤال يُطرح !


[email protected]


سيرة ذاتية


- والده نهاد بويز نائب كسروان الفتوح دورات متتالية بين 1957 و 1972 ورئيس لجنة الإدارة والعدل في مجلس النواب، ورئيس وفود نيابية عدة إلى مؤتمرات برلمانية دولية، والدته جاكلين الدبس وهي أديبة من أهل القلم.
- ولد في 15 كانون الأول 1955، في زوق مكايل، تلقى علومه في معهد الليسيه الفرنسي في بيروت ، ثم في معهد عينطوره، وانتقل إلى جامعة القديس يوسف في بيروت حيث نال إجازتين في الحقوق اللبنانية والفرنسية. ثم تخصص في قانون الشركات وفي القانون الدولي في جامعة جان مولان في ليون فرنسا. وهو محام في الإستنئناف منذ 1978 ، وله أبحاث ودراسات في قانون الشركات في الشرق الأوسط.
- متأهل من زلفا الياس الهراوي ولهما أربعة أولاد: نهاد وطارق وريا وأندريا.
- شغل منصب المستشار السياسي لرئيس الجمهورية الياس الهراوي ، والممثل الشخصي له إلى كل من فرنسا والولايات المتحدة وسوريا والفاتيكان بين 1989 و 1990 .
- نائب عن كسروان الفتوح في 1991 1992 و1992 1996 و 1996 2000 ، و) دائرة جبيل وكسروان الفتوح) 2000 2005 ، وعزف عن الترشح في 2005 اعتراضاً على قانون الإنتخاب.
- تولى وزارة الخارجية في حكومة الرئيس عمر كرامي في 24 كانون الأول 1990 ، وفي حكومة الرئيس رشيد الصلح في 7 أيار 1992 ، واستقال من هذه الحكومة وقاطع الإنتخابات في دورتها الأولى تضامناً مع المعارضة، ولم يُقدم أي ترشيح في هذه الدائرة وغاب نواب كسروان عن المجلس المنتخب، قبل أن تجرى انتخابات دورة استثنائية ويفوز. كذلك تولى وزارة الخارجية في حكومة الرئيس رفيق الحريري في 31 تشرين الأول 1992 ، وفي حكومة الحريري الثانية في 17 أيار 1995 ، وفي حكومة الحريري الثالثة في 7 تشرين الثاني 1996 ، ووزارة البيئة في حكومة الرئيس الحريري الخامسة 17 ) أيار 2005).
- استقال من حكومة الرئيس الحريري في 6 أيلول2004 إعتراضاً على التعديل الدستوري الذي مدّد ولاية الرئيس إميل لحود.
- رئيس الوفد اللبناني إلى مؤتمر السلام في مدريد عام 1991 ورئيس وفود رسمية في مؤتمرات عدة.
- حامل أوسمة عدة وطنية وعربية وأجنبية .


محطات


حصر علاقته السورية بالرئيس ووزير الخارجية


يُروى أنه عندما كلف الرئيس الهراوي مستشاره بويز عام 1989 الذهاب إلى سوريا ولم يكن يعرف سوريا وطرقها،أصر على أن يُعيّن رسمياً ، فعيّنه موفداً رئاسياً، كذلك أصرّ على ألا يلتقي إلا الرئيس الأسد، وهكذا كان، كما حصل مع البابا ورئيسي أميركا وفرنسا . كذلك يُروى أنه عندما أصبح وزيراً للخارجية تمنى على الرئيس الأسد أن يكون التنسيق مع "مصمم" السياسة الخارجية أي "سيادتكم" أو مع "منفذ" هذه السياسة أي وزير الخارجية. ولما سأله ماذا تقصد؟ أجاب:"أنا من تربية لا تحبّذ تدخل العسكر في السياسة وخصوصاً إذا كانوا غير لبنانيين وعلى الأخص إذا كانوا من الأجهزة الأمنية والمخابراتية". وهنا علّق الأسد:"صحيح إنـّو مو كل العسكر بيفهموا بالسياسة ، بس في استثناءات".


عارض التمديد للهراوي وعارضه بري وفشلا في إقناعه


عارض فارس بويز التمديد للرئيس الياس الهراوي عام 1996، وحاول إقناعه بعدم التمديد ، إلا انه لم يستطيع. كذلك سعى الرئيس بري إلى ذلك ولم يستطع أيضاً .و لم يتأثّر رئيس الجمهورية بهذين الطلبين بل شوهد يضحك وهو يودّعه على باب القصر.


مع العفو عن جعجع و... مع عودة عون


اعترض بويز على قرار حل "حزب القوات اللبنانية"في 23 أيار 1994 معتبراً أنه حتى ولو ثبتت الإتهامات ضد رئيسه سمير جعجع ، فلا يحق لمجلس الوزراء حل الحزب لأن الأخير لا يتحمل مسؤولية.كذلك وقّع عريضة العفو عن الدكتور سمير جعجع التي قُدمت إلى مجلس النواب في 7 أيار 2005 الأمر الذي أغضب كثيرين في مجلس الوزراء، . ثم كان من بين أول الذاهبين إلى باريس مطالباً العماد ميشال عون بالعودة، وأعلن دعم لائحته في كسروان بعد عزوفه عن الترشح عام 2005 .

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم