الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

التصدّي للوصمة يخفف من انتشار كورونا ويحمي الصحة النفسية

المصدر: النهار
الدكتور ربيع الشماعي- مدير البرنامج الوطني للصحة النفسية
التصدّي للوصمة يخفف من انتشار كورونا ويحمي الصحة النفسية
التصدّي للوصمة يخفف من انتشار كورونا ويحمي الصحة النفسية
A+ A-

عندما نشعر وكأنّ كلّ ما من حولنا ينهار، قد يبدو الحديث عن الصحة النفسية في غير مكانه. ولكن هل يمكننا اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، أن نتجاهل هذه المسألة؟

الحقيقة هي أنّ هناك دراسات تدل على أنّ الأزمات الاقتصادية قد تزيد من انتشار الاضطرابات النفسية وترفع من نسب الانتحار بمقدار ضعفين إلى ثلاثة أضعاف. كما وتصعّب على الأفراد الوصول الى الخدمات المناسبة، وبخاصة في لبنان حيث لا تزال خدمات الصحة النفسية تتركّز في أغلبها في القطاع الخاص.

إضافةً إلى ذلك، أدت جائحة فيروس كورونا المستجد إلى نشوء ضغوطات عديدة تؤثر في صحتنا النفسية على غرار الخوف من الإصابة بالعدوى أو نقلها إلى أحبائنا، وحالة التعبئة، وخسارة الإنتاجية وسبل العيش والدخل. ويضاف إلى كلّ هذه العوامل الوصم والتمييز اللذان يمارسان ضدّ الأشخاص المصابين بالفيروس واللذان يؤثران سلباً في صحتهم النفسية. لذا، وضع الصحة النفسية كأولوية لطالما كان اساسياً وهو اكثر حاجة الآن، إذ تقول منظمة الصحة العالمية: "ليس من صحة من دون صحة نفسية".

ولا شكّ في أنّ ايجاد حلول للأزمات السياسية والاقتصادية ضروري لتحسين المحددات الاجتماعية التي تؤدي إلى تزايد الأزمات النفسية. ولكن، توازياً مع ذلك، لا بدّ من وضع وتنفيذ تدخّلات في مجال الصحة النفسية تهدف إلى تحسين إمكانية وصول الأشخاص المحتاجين إلى خدمات الصحة النفسية العالية الجودة. وهذا هو أحد الاهداف الاساسية للاستراتجية الوطنية للصحة النفسية لاعادة هيكلة نظام الصحة النفسية في لبنان. ولا بدّ ايضاً توازياً مع ذلك، من تنفيذ تدخّلات تهدف إلى تفادي المزيد من الضغوطات وعوامل الخطر الاضافية على الصحة النفسية كالوصم والتمييز المرتبط بـ "كوفيد –19".

وهذا ما تلحظه الخطةّ الوطنية للاستجابة لكوفيد-19 في مجال الصحة النفسية في إطار الاستجابة الوطنية لفيروس كورونا المستجد، التي أطلقتها وزارة الصحة العامة بالاشتراك مع منظمة الصحة العالمية واليونيسيف. فتتضمن الخطة أربعة أهداف رئيسية:

I. تعزيز الصحة النفسية والتخفيف من الضغوطات الناجمة عن تفشي فيروس كورونا المستجد، بما في ذلك الوصم والتمييز ضد الأشخاص المتضررين والطاقم الصحي.

II. تقديم الدعم في مجال الصحة النفسية للأشخاص الموجودين في الحجر الصحي في المستشفى أو في المنزل.

III. دعم الصحة النفسية للطاقم الصحي وللمستجيبين الأوائل.

IV. ضمان استمرارية الرعاية للأشخاص الذين يستخدمون خدمات الصحة النفسية بما يتماشى مع المبادئ التوجيهية للوقاية من العدوى ومكافحتها.

وتماشياً مع الهدف الأول، يُطلق اليوم البرنامج الوطني للصحة النفسية في وزارة الصحة العامة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة أبعاد واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية حملةً وطنيةً عنوانها #الاختبار_الاهم (#TheRealTest) للتصدي للوصم والتمييز ضد الأشخاص المصابين بفيروس كورونا المستجد. يعدّ التصدي للوصم والتمييز أساسياً في تعزيز الصحة النفسية للمصابين بفيروس كورونا المستجد وأسرهم من جهة، وفي تشجيع الأفراد على التماس الرعاية إذا ظهرت عليهم أي أعراض من جهة أخرى. وهو أمر له دور حاسم في الحدّ من انتقال الفيروس.

وتهدف الحملة إلى الاعتراف بأن الخوف من فيروس كورونا المستجد طبيعي ومشروع، ولكن من المهم عدم تحويل هذا الخوف إلى خوف من بعضنا البعض. والاختبار الحقيقي ليس فحصاً لفيروس كورونا المستجد نتيجته إيجابية بل الاختبار الحقيقي هو التعاطف والتضامن مع بعضنا البعض كما فعلنا حتى في أحلك الأيام التي مرّ بها لبنان في الماضي. لذا ستسلّط هذه الحملة الضوء على قصص التضامن التي حدثت بين الناس تجاه الاشخاص الذين لديهم كوفيد-19 وعائلاتهم، لتذكرنا جميعاً بقدرتنا على التعاطف والتضامن خلال الأزمات.

وأنا على ثقة من أننا، معاً، نستطيع ان نجتاز هذه الأزمة وأي اختبار آخر. فطالما يعطي كل واحد منّا أفضل ما لديه، لن يبقى شيء بعيد المنال.

لمزيد من المعلومات تابعونا على nmhplebanon@


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم