القاتلُ والمقتولُ في حروب الماضي والحاضر والمستقبل

لم أعُد أعرفُ من أنا؟

أشكُّ في أن أكونَ نفسي

أفكِّرُ أحياناً أنّي من جماعة سبارتكوس

أو أني جلجامش أو الشافعي أو روكفلر

أعيشُ مع أفلاطون وسقراط وبوذا وماركس وشعبولا

أحسُّ أني المسيح وألوّحُ بعصا موسى

وأني أركبُ البراق وتحتفي بي النجوم

وأحضرُ مع زليخا عرضاً مسرحياً في البرودواي.

أرتاح لصوفيتي في الحانات الكئيبة والمواخير

وأرقصُ كزوربا مع الرومي ومارتن لوثر

أحياناً أشربُ القهوة مع بيكاسو أو نابليون وهتلر أو حمدان القرمطي

وأحايين

أحسُّ أني نيرون وحسن الصباح وستالين وغاندي

أو أحد أبطال أفلام البورنو.

أنا الذي قتلتهُ بدم بارد

ونفختُ فوهة مسدسي ببرود

وقلتُ له: وداعاً يارينغو

من أجل حفنة من الدولارات.

أنا من هزَّ بجذع النخلة لمريم

وحاججتُ فلاديمير إيليتش في الكومنترن

أنا من أوحى لعبد الله بن سلول بالنبوة والملك

وألقيتُ خطبة عصماء في سقيفة بني ساعدة.

أنا مَن ضاجعَ عشتار

ومن قادَ الاحتفالات الديونيسيوسية

مَن كان هناكَ في الكوفة مِن طبقة القراء

ومن طعنَ عثمان ومن قتلَ الأميرة ديانا

أنا من عانقَ النفَّري في خطاباته ومواقفه

ومن اخترعَ فيروس الإيدز والكورونا.

أنا القاتلُ والمقتولُ في حروبِ الماضي والحاضر والمستقبل

مَن اخترعَ المصباحَ والدولاب

ومن اكتشفَ النار والجاذبية

أنا من كتبَ أشعار الحب لأجل عزة وبثينة وإلزا

أنا من الهيبيز والسيخ والساموراي والأعراق الصافية

أنا القومياتُ واللغات والتواريخ المتناقضة

أنا المثليّ والسوي والشيميل

من ابتدعَ الفضيلة والرذيلة

وأسَّسَ الكونغرس ومجلس القبيلة

من أرْجَعَ الشيخ إلى صباه

مَصّاص الدماء والمتة

وأحد زعماء المافيا

من أحرقَ روما وطعن القيصر بخنجر مسموم

وبنى الاهرامات وحدائق بابل

من قطعَ رأسَ الحُسين

من دقًّ المسامير في صليب المسيح

وقبضَ ثلاثين من الفضة

من شربَ بول البعير

وأمر بإرضاع الكبير.

أنا من هدمَ سدَّ مأرب وسور الصين وجدار برلين

ومن كتبَ أروع السينفونيات

وأبدع الرقصَ والسحرَ والساريتين

سارية السواس وسارية الجبل

أنا من درّب بيليه ورونالدو وميسي

من سكنَ المساجد والكُنس والكنائس

أنا هذا الوجود في وحدته وتشظيه

أنا كلُّ شيء

أنا الخلودُ والعدم

أنا الإنسان

ما أروعني

ما أقبحني.