الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"أولاد آدم": الوهج الرمضاني

فاطمة عبدالله
"أولاد آدم": الوهج الرمضاني
"أولاد آدم": الوهج الرمضاني
A+ A-

يسير "أولاد آدم" بمسار تصاعدي يُبقي على حماسة لعبة حبْس الأنفاس. السباق الرمضاني في أسبوعه الأخير، والمسلسل لم يفرّط بأوراقه الرابحة. مشغول صحّ، نصّه منضبط، إخراجه لائق. في جيب كلّ ممثّل، المفاتيح المناسبة للباب المناسب. عمل محصّن، لا مياه آسنة تجري تحته، لديه في كلّ حلقة دافع للتقدُّم. رمضان حزين هذه السنة. "أولاد آدم" يمسح بعض أحزانه.

رامي كوسا كاتب جيّد، قلمه واثق، شخوصه في قلب النار. يقدّم نصاً له روحه، متماسك، لا يعاني بتر الأجزاء. يضعه بين يدي الليث حجو ولمعان كاميرته. "يرقّعان" الظرف ويتحايلان على لعناته، فيقدّمان وجبة شهية، لا احتراق فيها، لا زائد ولا ناقص. إنّه الواقع اللبناني على حقيقته، بخطايا ناسه ووجوههم المفضوحة، وخفايا المسائل الكبرى المتعلّقة بالنفوذ والرقاب والمصير والصفقة. السياسة اللبنانية في أوراق كاتب سوري وأمام عدسة مخرج سوري، من جانبها العاري، حيث الكبار يلتهمون الصغار ولا يُبقون منهم سوى العظم، وحيث خلف الأقنعة مَن يدوسون على الناس بلا شفقة، بأعصاب باردة ووجوه ضاحكة، ويُكملون الطريق فوق أوجاعهم.

التمثيل أنيق، الكاركتيرات مغمّسة بالذنب، ضمائرها مُعذّبة. "أولاد آدم" ("أم تي في") مرآة الأرواح المهشّمة، يحاكي ما خُفي في النفس البشرية، من دون مغالاة أو إفراط في الندب. ردود الأفعال ممسوكة في كلّ شخصية، وفق صدى الصفعة. الجميع يقدّم الأفضل: مكسيم خليل، بالسيطرة الكاملة على الدور. ماغي بو غصن بأوجاع الروح وهي تتملّكها، فتدفعها إلى الخطيئة. دانييلا رحمة بشخصية تكسب السباق. تجديد، وتأكيد وجود. وقيس الشيخ نجيب بدور سعد، نجم الساحة. لا فراغات في المواقع. رودني الحداد حضور إضافيّ، وطلال الجردي يملأ مَشاهده، كمجدي مشموشي في شخصية قاتل القتيل والباكي في جنازته. الأسماء المناسبة في أماكنها الصحّ: ندى أبو فرحات، كارول عبود، سوسن أبو عفار، أنس طيارة، ريان حركة، ومرور رانيا عيسى. الليث حجو قائد الأوركسترا. كاميرته سيمفونية.

[email protected]

Twitter: @abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم