الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"الهيبة" غابت رمضانياً... ودولتياً!

المصدر: "النهار"
شربل أبي منصور
"الهيبة" غابت رمضانياً... ودولتياً!
"الهيبة" غابت رمضانياً... ودولتياً!
A+ A-

غاب مسلسل "الهيبة" رمضانياً هذا الموسم، ربّما حفاظاً على هيبته، إذ بدت المسلسلات شاحبة مهتزّة. غير أن غياب "الهيبة" لم يقتصر تمثيلياً، بل انسحب على حضور الدولة اللبنانية اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً، وطبابةً، ووقايةً تحديداً، في ظلّ انتشار وباء "كورونا".

لا أحد ينفي مجهود الدولة اللبنانية، وتحديداً الحكومة الحالية، وبالأخصّ وزارة الصحة ممثّلةً بوزيرها حمد حسن في مواجهة فيروس "كوفيد-19"، في ظلّ الأوضاع الرديئة والدقيقة التي تمرّ بها البلاد، وخصوصاً على المستوى الاقتصادي.

شكّلت الانطلاقة الجيّدة للحكومة في مواجهة فيروس "كورونا" بادرة أملٍ لدى اللبنانيين رغم ما أثير بدايةً حول الطائرات الإيرانية، وأشاد الجميع، محلياً وخارجياً، بالإجراءات المتبعة لمكافحة هذا الخطر المجهريّ. لكن، لم يرُق كثيرين نجاح هذه الحكومة الذي كان سيُهدّد وجود أشخاص اعتادوا الاستئثار بمقدّرات الدولة ومراكزها، فـ "نبشوا" موضوع عودة المغتربين، لا لأحقيته، بل لغايات انتخابية مصلحيّة مذهبية، ورموه في ملعب حكومة يثقلُ كاهلها وضع اقتصادي ومعيشي خانق.

ونسأل: أنّى لحكومة تقاوم باللحم الحيّ أن تنتصر على مخالب طائفية زبائنية نفعية؟ أنّى لحكومة تسير على خيط رفيع يهدّد توازنها طبقة سياسية ترفض التخلي عمّا تعتبرُه يخصُّها وانتفاضة شعب جائع منقسم تتآكله الحيرة والجوع، وهبوب رياح وباء، أن لا تتعثّر وتنزلق؟

النيّة وحدها لا تكفي. كُنّا شاهدنا في مسلسل "الهيبة" أن الرجل الخارج عن القانون لا يستطيع أن يحكم أو يُطاع أو يحترم ما لم يمتلك "هيبةً"، وهذا، في رأينا، ما ينقص حكومتنا حتى تنجح في تطبيق خططها، ولا سيما خطتها في مواجهة كورونا.

التعبئة العامة وإقفال المؤسسات وحظر التجول لن تثني شعباً مخنوقاً، يئنّ جوعاً، اعتاد التفلّت والوساطات والرشى وغياب الدولة. المطلوب، قبل كلّ هذا، هيبة الدولة. نعم. هيبة الدولة المخطوفة. المحظورة. المُصادرة. المطلوب، قبل حظر التجوّل، حظر كلّ مصرف مخالف، كلّ صرّاف مُتلاعب، كلّ تاجر مُحتكِر، كل زعيمٍ يعتبر نفسه فوق القانون والمُساءلة.

نجاح أي حكومة، وتالياً مشروعها وخطّتها، لا يحتاج إلى ثقة نواب بل إلى ثقة شعب. والثقة مرهونة بـ"هيبة" الدولة. والـ "هيبة" لا تُعطى ولا تُفرض، بل تُبنى وتُنال.

وخير مثال على ما نقوله عن "الهيبة"، هو وزير الصحة الذي جسّد الكلمة بمعانيها ونال احترام الجميع. لكنّ يداً واحدة لا تُصفّق!

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم