الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل تُعتبر عودة الأطفال إلى الحضانات في هذه المرحلة آمنة فعلاً؟

المصدر: "النهار"
كارين اليان
كارين اليان
هل تُعتبر عودة الأطفال إلى الحضانات في هذه المرحلة آمنة فعلاً؟
هل تُعتبر عودة الأطفال إلى الحضانات في هذه المرحلة آمنة فعلاً؟
A+ A-

من اللحظة الأولى التي تم فيها الإعلان عن إعادة فتح الحضانات في لبنان، بدأ القلق يساور كريستيل رزق حول إمكان عودة طفلها البالغ من العمر سنتين ونصف السنة، خلال فترة قريبة. فأية إجراءات وقاية ستتخذ؟ وكيف لها أن تعرف ما إذا كان أحد العاملين في الحضانة يحمل الفيروس أو تعرّض له وقد ينقله إلى طفلها؟ وماذا عن باقي الأطفال الذين يلعب معهم طفلها، كيف لها أن تعرف ما إذا كانوا مصابين؟ كل هذه الأسئلة بدأت تدور في رأسها دون أن تجد لها إجابة مقنعة على الرغم من تطمينات مديرة الحضانة في جبيل وتأكيدها على اتخاذ كافة الإجراءات الوقائية اللازمة والتقيد بالاحتياطات المطلوبة لسلامة الأطفال. أما قرارها فكان تأخير إرسال طفلها إلى ما بعد أسبوعين من دخول باقي الأطفال حتى تتضح الأمور وتتأكد من عدم تزايد عدد الحالات. هذه المخاوف التي لدى رزق تساور حكماً كافة الأمهات في ظل استمرار ظهور حالات كورونا في لبنان. فمن الطبيعي أن تقلقن حيال عودة أطفالهن في مثل هذه الظروف خوفاً على سلامتهم، رغم تطمينات الجهات الرسمية والطبية أحياناً.

رغم أن القرار قد اتخذ لعودة الأطفال إلى الحضانات والمدارس تباعاً كما أعلن وزير التربية، يؤكد الاختصاصي في طب الأطفال في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية -مستشفى رزق، الدكتور جيرار واكيم، أن الاسبوع المقبل وذاك الذي يليه يحددان ما إذا كانت عودة الأطفال ممكنة أو إذا كانت تشكل خطراً. "فإذا لم نشهد ارتفاعاً جديداً لعدد الإصابات ولم تحصل الموجة الثانية المتوقعة للوباء يمكن إرسالهم دون مشكلة. أما في حال حصول موجة ثانية، فما من مبرر لإرسال الأطفال بل يمكن التأجيل دون مشكلة. وكما مكثوا في المنزل في الفترة الماضية يمكن أن يبقوا لمزيد من الوقت بدلاً من زيادة الخطر. فهذا يكون القرار الصائب الذي يتخذ في حينه".

وبحسب واكيم، ليس الخطر على الأطفال أنفسهم من التعرض لفيروس كورونا المستجد، بل على أهلهم الذين يمكن أن تنتقل العدوى إليهم في حال التقاطهم الفيروس من أي شخص. فبذلك تكون كافة الإجراءات التي اتخذت سابقاً دون جدوى ويتعرض هؤلاء للخطر الذي لا يزال موجوداً. أما في ما يتعلّق بالإجراءات الوقائية التي يمكن أن تتخذ في المدارس والحضانات للحدّ من خطر انتقال العدوى، فيجدها واكيم دون جدوى، فيما يشير إلى أن الخطر نفسه في كل الحالات، والمشكلة الكبرى تكون مع الأطفال الأصغر سناً الذين لا يلتزمون بمعايير النظافة المطلوبة، فيما يمكن أن يبدأ الالتزام من سن 6 سنوات أو 7. وفي ما عدا ذلك لا تُعتبر الاحتياطات مجدية مع الأطفال.

الاحتياطات مطلوبة من العاملين في الحضانات أولاً ومن الأطفال أيضاً

لا تقتصر الاحتياطات المطلوبة في الحضانات على الأطفال أنفسهم بالدرجة الأولى، خصوصاً أنهم في سن صغيرة جداً غالباً، ومن الصعب أن يُطلب منهم ذلك. انطلاقاً من ذلك، يشدد طبيب الأطفال الاختصاصي في الامراض الجرثومية في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت الدكتور غسان دبيبو على أهمية التزام العاملين في الحضانات باتخاذ الاحتياطات القصوى المطلوبة، كوضع الكمامة طوال الوقت وغسل اليدين بشكل متكرر والتعقيم قبل تحضير الطعام وقبل لمس أي طفل. فالخطر، بحسب قوله، من انتقال العدوى إليهم من أي طفل، وأيضاً بنقلهم العدوى إلى الأطفال، ولا بد من أخذ ذلك بعين الاعتبار. من جهة أخرى يلفت دبيبو النظر إلى أنّ ثمة فئتين من الأطفال في الحضانات:

-الأطفال الصغار الذين لا يمشون بعد، وفي هذه الحالة يسهل أكثر التحكم بهم والحرص على التباعد بينهم لاعتبارهم لا يتحركون. بل يكفي عندها تقيّد من يعتني بهم بالاحتياطات وإجراءات النظافة المطلوبة. فبالنسبة لهؤلاء الاطفال لن تتغير الأمور كثيراً بل تستمر إجراءات النظافة والتعقيم المعتادة لأطفال في مثل هذه السن. أما بالنسبة إلى النوم، فلا يشكل مشكلة سواء بالنسبة لهؤلاء الأطفال أو للذين هم أكبر سناً شرط أن تكون هناك تهوئة في الغرفة، وأن يكون هناك تباعد بين الأسرّة، وأن يتم الحفاظ على نظافتها وتعقيمها بشكل متكرر.

-الأطفال الأكبر سناً الذين يمشون ويلعبون ويحصل اتصال بين بعضهم البعض، وهي الفئة الأكثر خطورة لأنه يصعب التحكم بحركتهم. وهنا تبرز أهمية ضبط الحركة والتحكم بالأمور وبشكل خاص، ينصح دبيبو بضرورة الحد من الأعداد في الصف لاعتبارها الوسيلة الفضلى لضمان التباعد والمسافة المطلوبة بين الأطفال. فإذا كانت مساحة الصف تتسع لـ20 طفلاً في الأيام العادية يجب أن تستقبل الحضانة فيه 10 أو 12 طفلاً كحد أقصى للحد من الخطر.

ولا ينكر دبيبو أن هذا يعتبر تحدياً للحضانات من الناحية المادية إذا كانت ستستقبل عدداً قليلاً من الأطفال حفاظاً على سلامتهم والتزاماً منها بالمعايير المطلوبة. وبالتالي قد يكون ضرورياً أن تحظى بدعم من الدولة لتتمكن من الاستمرار في مثل هذه الظروف وإلا فقد تضطر إلى كسر معايير السلامة.تعليم الأطفال معايير النظافة

"يمكن البدء بتعليم الأطفال الذين هم في هذه الفئة العمرية كيفية وضع الكمامة وأهمية غسل اليدين ومختلف معايير النظافة. فهذه الأمور سترافقهم طوال حياتهم وهي ضرورية في المرحلة المقبلة حيث إن فيروس كورونا لا يزول قريباً بل قد يستمر وجوده في حياتنا لسنتين على الأقل. وبالتالي من المهم أن يعتاد الأطفال على هذه الإجراءات". قد لا يكون تعليم الأطفال هذه الأمور صعباً بل يمكن أن يعتادوا عليها شيئاً فشيئاً، بحسب دبيبو، وتُعتبر خطوة أساسية في حياتهم. ويشير إلى أنه في حال كان أي طفل مصاباً أو يحمل الفيروس من دون ظهور أعراض عليه، فلا يعرف القيمون على إدارة الحضانة، فينقل العدوى إلى آخرين. وبالتالي تبقى هنا إجراءات النظافة السلاح الوحيد لتجنب نقل العدوى إلى الآخرين. مع ضرورة التشديد على عدم حضور أي طفل مريض إلى الحضانة.

إرشادات خاصة لكل حضانة من نقابة الحضانات

في إطار دورها في الإشراف على التزام كل حضانة بمعايير السلامة المطلوبة، تحرص على التواصل الدائم والتنسيق مع وزارة الصة وأصحاب الحضانات عبر اجتماعات افتراضية تعقد، وفق ما أوضح أمين صندوق النقابة نسيب صعب. "ثمة توصيات وضعناها في كتيب سيصبح جاهزاً خلال يومين ويوزّع على كافة دور الحضانة في الأراضي اللبنانية. ويتضمن هذا الكتيب محاور عدة منها كيفية التعاطي مع مبنى الحضانة وتعقيمه في المرحلة التي تسبق دخول الأطفال. إضافة إلى استعداد المعلمين للتعاطي مع الوضع بالشكل الصحيح. يضاف إلى ذلك المحور الخاص بالأهل حيث ينصحون مثلاً بتجنب أخذ أطفالهم إلى أماكن اللعب العامة منعاً لالتقاط العدوى ونقلها إلى الآخرين وغيرها من النصائح. تضاف إلى ذلك النصائح الخاصة بالحضانة عند فتح أبوابها وكيفية استقبال الأهل والأطفال وفق معايير معينة، وكيفية تعاطي الممرضين ضمن معايير السلامة المطلوبة".ويؤكد صعب أنّ ثمة اجتماعات مستمرة مع أصحاب الحضانات حول طرق التعقيم والاحتياطات الواجب اتخاذها. كما بدأت النقابة بنشر فيديوات توعوية في هذا الإطار من بداية هذا الاسبوع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتم إرسالها إلى الحضانات لتوزع أيضاً على الأهل ليدخل الأطفال بطريقة سليمة وصحية. لكن أياً كانت الظروف يؤكد صعب أنّ ثمة مسؤولية على أصحاب الحضانة ولا بد من تحملها، لكن، على حد قوله، هم يدركون حجم هذه المسؤولية وملتزمون بالتقيد بالتعليمات ويصرّون على عدم التهاون. "هم يشعرون بحجم المسؤولية ويدركون أنه لا يمكن التهاون في هذا الموضوع وقد لمسنا ذلك من الاجتماعات التي نقيمها باستمرار معهم. يضاف إلى ذلك أنه ليس متوقعاً أن تبدأ الحضانات بقدرتها الاستيعابية كاملة، سواء بسبب كورونا أو بسبب الأزمة الاقتصادية. وبالتالي من المتوقع أن تتم العودة تدريجاً تلقائياً بنسبة معينة من القدرة الاستيعابية لكل حضانة في المرحلة الأولى".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم