الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

شاشة - "بردانة أنا": الوجع العميق

فاطمة عبدالله
شاشة - "بردانة أنا": الوجع العميق
شاشة - "بردانة أنا": الوجع العميق
A+ A-

الجزء الأول سبق رمضان، فنكتب بعد نضج الرأي: "بردانة أنا"، قضية الموسم، يحاكي الوجع العميق. يحفر الإصبع في صميم الندب، يقشّرها، محاولاً محاكاة الشفاء. شخصيات، بمثابة إشكاليات، كلّها في الوسط، لا مكان لها في هوامش الأحداث. المسلسل مُشرّع على واقع إنسانيّ هشّ، تحكمه الغابة وذئابها. القانون في أزمة، والعلاقات مضطربة، حتى داخل الأسرة الواحدة. الإخراج الركيك (نديم مهنا) لم يحل دون رسالة صادقة.

لا مكان للمواربة ولا لتدوير الزوايا: الجريمة، هي الجريمة، من دون مكياج وأعذار. تبريرها ظلم والتستّر عليها كارثيّ. إنّها قصة حنين (كارين رزق الله) المقتولة بيد زوج عنيف، مدمن على الكحول والمخدّرات (بديع أبو شقرا)، له ماضٍ متوتّر وذاكرة يسكنها الوحش. يدخل المسلسل غرف النوم، يعرّي أسرارها، ويلتقط ما لا تراه كلّ عين. القصة لكلوديا مارشليان، والبطولة لشخصيات غارقة بمشاكلها: وسام حنّا في دور النقيب زياد؛ ماضيه من ظنون وروايات متناقضة؛ حين يحبّ يُخفق، وحين يبحث عن الحقيقة، يزداد تيهاً. تدخل دانيا (رزق الله في دورين) حياته؛ هي الشقيقة التوأم لحنين المقتولة، ترى فيه طمأنينة مسلوبة. زرق الله هنا حمّالة رسائل، تؤدّيها بأمانة: القوّة في مقابل المخاوف الاجتماعية وكمّ الأفواه، والدفاع عن الحق، فيما الظلم يسرح ويمرح، والقوانين استنسابية، والحساب "بسمنة وزيت". على مقلب آخر، هناك أم معذّبة (رلى حمادة الرائعة)؛ ويلُها السكوت وويلُها الانفجار. تستّرت على عذابات ابنتها بذريعة "خربان البيوت"، فإذا بها تعود إلى بيتها جثّة.

بديع أبو شقرا فنان باللهمس والعنف، بالسلوك والصمت، بحركات اليد والوجه واللغة والنبرة. مَشاهده مع زوجته القاصر من الفئة الدرامية الفخمة. ليس المسلسل من النوع الذي يُشاهَد للترفيه، ودمتم بألف خير. هو لإعادة الحسابات، للتحرُّك، لاستفزاز الضمير، ولتغيير الواقع والقانون والسلطة الجائرة.

أليكو داود بدور الخال، بواحد من أكثر شخصياته نبلاً. رجل طيّب وسط أطباع تقدح شرراً. ليته في كلّ بيت.

[email protected]

Twitter: @abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم