السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

هل حالات الشفاء في لبنان أعلى من الأرقام المُعلن عنها؟

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
هل حالات الشفاء في لبنان أعلى من الأرقام المُعلن عنها؟
هل حالات الشفاء في لبنان أعلى من الأرقام المُعلن عنها؟
A+ A-

تُشكّل حالات الشفاء قاعدة رئيسية في البيانات الصادرة لمعرفة مسار الفيروس في لبنان ومدى تجاوب المرضى معه. في قراءة لعدد حالات الشفاء المسجلة وفق تقرير وزارة الصحة، يبدو العدد الإجمالي 103 حالات قليلاً بعض الشيء مقارنة بمجموع الإصابات ومن ضمنها حالات الوفاة. أسباب كثيرة قد تكون مسؤولة عن ذلك وأهمها عدم احتساب الحالات الخفيفة التي تعالج في المنزل والتي قد ترفع الحالات إلى أكثر من ذلك بكثير. ويبقى السؤال الأهم: هل كل حالة تماثلت للشفاء حتى لو لم تخضع للرعاية الطبية تُسجل ضمن قائمة الحالات التي تعافت، أم تبقى مدرجة فقط ضمن خانة عدد الإصابات؟

كيف يشرح الطب حالات الشفاء، وما هي المدة التي يستغرقها الفيروس للخروج من الجسم؟ يوضح الاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور بيار أبي حنا لـ"النهار" أن حالات الشفاء المعلن عنها تعود إلى الحالات الموجودة في مستشفى بيروت الحكومي، وبالتالي denominator أو الحالات يجب أن تكون محصورة أيضاً بعدد الحالات التي دخلت إلى المستشفى، حتى تُكشف حقيقة الرقم الدقيق والصحيح في مسألة الإصابات والشفاء. ما يجري فعلياً أن الوزارة تحصل على أرقام الشفاء من مستشفى بيروت الحكومي (ومعلومات المستشفى هي فقط للمرضى الذين دخلوا إليها) ولكن هناك مرضى يعانون من أعراض خفيفة وتتم متابعة حالتهم الصحية من المنزل وبالتالي هم ليسوا مدرجين ضمن قائمة حالات الشفاء لأنهم لم يخضعوا لفحص الـPCR كما هي الحال مع المرضى الذين يخرجون من المستشفى بعد نتيجتين سلبيتين متتاليتين. 

إذاً، حالات الشفاء في لبنان أعلى بكثير من الـ 103، وهذا الرقم لا يمثل إلا مرضى مستشفى بيروت الحكومي الذين دخلوا إلى المستشفى وخرجوا منه بعد أن تماثلوا للشفاء. وعلينا أن نعرف أن هناك مرضى كثيرين لم يدخلوا أصلاً إلى المستشفى لأن أعراضهم خفيفة وشُفيوا ولكنهم أدرجوا فقط في قائمة عدد الإصابات في لبنان ولم يُدرجوا في خانة الشفاء بعد تعافيهم". 

هل يطول الفيروس في الجسم؟ برأي أبي حنا أن "الفيروس أحياناً كثيرة يبقى في الجسم بالرغم من غياب كل الأعراض على المريض، إلا أن فحص الـPCR يبقى إيجابياً عنده، وهذا يعني أن الفيروس ما زال في جسمه ولكن بنسبة ضئيلة، واستناداً إلى الدراسات، من الصعب أن ينقل المريض العدوى إلى شخص آخر. حتى إن هناك دراسة صغيرة أجريت على 7 أشخاص كشفت اختفاء الفيروس على الأشخاص الذين ما زال الفيروس موجوداً بنسبة ضئيلة في جسمهم بعد مرور 10 أيام بعد أخذ عينة أخرى، ولكن تبقى هذه الدراسة محدودة في انتظار معرفة تفاصيل علمية أكثر حول هذا الموضوع".

 أما بالنسبة إلى علاج المرضى والمدة الزمنية للشفاء، يشير أبي حنا إلى أنه "إجمالاً يستغرق المريض بين الأسبوع والأسبوعين للشفاء من الفيروس باستثناء الحالات التي تعاني من مضاعفات الفيروس والتي تتطلب وقتاً أطول. صحيح أن معظم حالات الشفاء كانت خفيفة ومتوسطة إلا أنه كان لافتاً شفاء 2 إلى 3 حالات حرجة كانت في العناية الفائقة وكانت حالتها دقيقة. ومن المهم أن نعرف أن في لبنان يتم إعطاء علاجات حتى للحالات الخفيفة أحياناً، ولكن في مستشفى بيروت الحكومي نحن نعطي العلاجات للحالات المتوسطة والحرجة فقط، ولا نعطي المريض الذي يعاني من أعراض خفيفة أي علاج إلا إذا طلب ذلك شخصياً".

هل تتفاءل بالمسار الانخفاضي الذي يُسجله لبنان في الأيام الأخيرة؟ لا ينكر الإختصاصي في الأمراض الجرثومية أن "الأرقام جيدة في لبنان، ولكن ذلك لن يمنع من ظهور حالات في بعض المناطق، ويبقى الأهم حصرها والسيطرة عليها منعاً من تفشيها في المنطقة، ومتابعة الأشخاص الذين احتكّوا مع هذه الإصابة. صحيح أن النتيجة إيجابية ولكن نشدد على أهمية الوعي الجماعي، والأشهر المقبلة ستفرض علينا البحث في كيفية التكيّف مع الوضع ودراسة الإجراءات والخطوات الآتية بعد التخفيف من شروط العزل والعودة التدريجية للحياة الطبيعية، والأهم علينا التعامل بحذر من خلال ارتداء الكمامات الواقية والالتزام بالتباعد المسافي والاجتماعي، بالإضافة إلى التبليغ عن أي حالة جديدة لتقصي الحالات المحيطة بها وتكثيف الفحوصات في المناطق...".

وعن عودة الفيروس مرة ثانية كما شهدنا في الصين أخيراً، يشرح أبي حنا أنه "بالإستناد إلى خبرتنا مع الفيروسات السابقة أن الجسم يكتسب مناعة، ولكن ما لا نعرفه هل ستكون المناعة كافية أو جزئية، هذا ما ستكشفه لنا الدراسات والتجارب والوقت لمعرفة مدى فعالية هذه المناعة المكتسبة، ولكن بشكل عام، يعزز الجسم مناعته ضد الفيروس. وهنا تكمن أهمية اتخاذ الاجراءات اللازمة عند فكّ العزل تدريجياً واستيفاء الشروط لرفع التعبئة العامة وأهمها أن يكون الفيروس مسيطراً عليه، وقدرة النظام الصحي على كشف المبكر  للحالات وتتبع الحالات المخالطة والمحيطة بالمصاب، وعلى الشركات التي ستفتح وضع استراتيجية لعودة آمنة وتأمين التباعد الجسدي للموظفين وتقسيم الدوامات... وتبقى القاعدة الأهم في حال فك العزل متابعة القادمين إلى لبنان بعد إجلائهم كما جرى في الدفعة الأولى تفادياً لأي عدوى متنقلة".

أما بالعودة إلى وزارة الصحة، توضح رئيسة مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحة العامة الدكتورة ندى غصن لـ"النهار" أن "نسبة الشفاء تعود إلى مؤشرين:

المؤشر الأول: نتيجة فحص الـPCR جاء سلبياً في يومين متتاليين. وعندها يكون الشفاء مخبرياً. 

المؤشر الثاني: غياب العوارض على المريض ويكون شفاءً سريرياً. 

حالياً نعمل على وضع آلية منهجية لصدور النتائج أوتوماتيكياً أو في الوقت نفسه، تتبلغ وزارة الصحة عن كل الحالات المثبتة مخبرياً في كل المختبرات والمستشفيات في لبنان، أما بالنسبة إلى حالات الشفاء تصلنا الأرقام بحذر، ولمتابعتها نحتاج إلى متابعة يومية من المختبرات والمستشفيات للحصول على نسبة الشفاء. ولكن المؤكد أن نسبة الحالات التي تعافت عالية جداً. وفي انتظار تطوير آلية منهجية لإصدار نتائج ونسبة الشفاء تبقى النتائج الصادرة تصب في خانة الشفاء المخبري في حين تُسجل حالات الشفاء السريرية نسبة عالية جداً". 


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم