الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أولى ملامح نجاح تجربة التعليم من بُعد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية

عبدالرحيم ابراهيم
أولى ملامح نجاح تجربة التعليم من بُعد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية
أولى ملامح نجاح تجربة التعليم من بُعد في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية
A+ A-

يقول المثل الشعبي: "رُبَّ ضارّة نافعة".

بعدما بدأت الجامعة اللبنانية وتحديداً كلية الآداب والعلوم الإنسانية، التعليم من بُعد بسبب الإقفال القسري والحجر الصحي العام، وبعدما أصرّت إدارة الكلية والجامعة، وهي محقّة، على ضرورة إنقاذ العام الجامعي الحالي بأي ثمن، وبعدما بدأت ملامح نجاح هذه العملية التعليمية تعطي ثمارها وتثبت جدواها شيئاً فشيئاً، ها قد تسمّر الطلاب أمام شاشات حواسيبهم، وعاد الكثير منهم ليقول إن "لديه محاضرة" بعد طول انقطاع. وها قد بدأت هذه العملية التعليمية الرائدة في تثبيت الحَجْر الصحي للطلاب والاساتذة معاً، يربط بينهم  الإنترنت، فتُطوى المسافات، وتقرِّب البعيد، وتبعِّد القريب، لانشغال كل منهم بشأن يرضيه.

فهل دخلنا في عصر جائحة الكورونا مرحلة جديدة من التعليم الذي لا يحتاج إلى قاعات ومبانٍ، ولا إلى تنقلات وغيرها؟

وهل أدخلتنا الأزمة مرحلة جديدة في تعميم التواصل من بُعد في الكثير من الأمور الحياتية؟ في الشراء والتبضع من بُعد، أو في تخليص الأمور المالية والإدارية والحياتية في كافة المؤسسات؟

وهل نحن في مرحلة جديدة سننتقل فيها طوعاً من المركزية التعليمية والإدارية وغيرها إلى اللامركزية؟

في العودة إلى التعليم الجامعي من بُعد، أخشى ما أخشاه مستقبلاً (على حسناته وقليلاً على سيئاته) كأساتذة جامعيين وطلاباً، أن نعتاد على هذا النوع من التدريس في الكثير من المواد التعليمية والتدريبية.

في بادئ الأمر، كثيرٌ منا كأساتذة رفض الفكرة مسبقاً إلى حد وصفها بالمستحيلة. غير أنه ما إن بدأت "عجلة العملية التعليمية" تدور حتى بدأت الرؤية تتوضح شيئاً فشيئاً. وبدأت هذه الطريقة تثبت جدواها، رغم بعض العراقيل والأمور اللوجستية والفنية والإدارية التي نأمل أن تُحلّ وأن تتبدَّد قريباً لإنقاذ التعليم الجامعي الرسمي لهذا العام.

ها نحن الآن في اليوم الثالث لبداية التدريس من بُعد، وبدأ كل منا كأساتذة يتلمس أهميتها، ويتمرس على هذه العملية التعليمية الجديدة.

ولعل أكثر الاساتذة ارتياحاً هم من تعرّفوا سابقاً على استعمال التكنولوجيا الحديثة، ونحن على سبيل المثال لا الحصر، كجغرافيين، كنا سبّاقين لهذا التأهيل بسبب طبيعة موادنا شبه العلمية.

نحن الجغرافيين وغيرنا كثيرون من الذين تمرسوا منذ أمد على استعمال طرق الشرح والتدريس الحديث بالعرض: على سبيل المثال كالبوربوينت ppt والفيديوهات وسحب الملفات من مواقع الإنترنت، والى ما هنالك.

كل هذه الأدوات ساهمت بكل تأكيد بوضعنا على المسار  الصحيح لإنجاح العملية التعليمية خاصة في ظل هذه المحنة والظروف القاهرة.

كتجربة شخصية، بادرت في أول محاضرة، يوم الإثنين الفائت، إلى استعمال برنامج التيمز مايكروسوفت. فاستطعت تجاوز رهبتها الأولى، وكانت المحاضرة ناجحة إلى حدٍّ كبير بشهادة الطلاب المواظبين.

فقد تسجل عندي بالغرفة (team) ٨١ طالباً في إحدى المواد، وكانت مشاركة الطلاب بنسبة مرتفعة  وصلت إلى حدود 60 في المئة.

المحاضرة التي تم تسجيلها فيديو تحولت تلقائياً على برنامج مايكروسوفت ستريمز، استغرقت ٦٨دقيقة، في حين أن مدة المحاضرة ككل، مع النقاشات، وصلت إلى حوالى ٨٠ دقيقة.

فور انتهائي من المحاضرة أرسلت ملف البوربوينت  (pdf)، وبعدها أرسلت للطلاب أيضاً اللينك أي الرابط الذي يؤدي إلى برنامج الستريمز من أجل مشاهدة التسجيل:

-أولاً، لمن فاته لأي سبب حضور المحاضرة مباشرة

-ثانياً، للذين يودون معاودة مشاهدة المحاضرة.

للمزيد من التوضيح سمحت للطلاب بطرح بعض الاسئلة على مجموعة خاصة على الوتساب، والتي تربطنا بالطلاب في أي لحظة.

وكنت جاهزاً للرد على كافة التساؤلات والتأكد من إدخال جميع الطلاب في المجموعة سواء الطلاب الذين بحوزتهم بريد جامعي كأعضاء (members)، أو للذين فتحوا عناوين بريدية على الهوتميل أو غيره ليصبحوا ضيوفاً (guests). وقد تبين أن تسجيل الفيديو استهلك ٢٨٠ميغابايت. كما اتضح أن حضور الشرح على البوربوينت فقط استهلك أقل من ١٠٠ ميغابايت.

بمعنى آخر، الذي يحضر مباشرة قد يوفّر نحو ٢٠٠ ميغابايت في المحاضرة.

تجدر الملاحظة إلى ارتفاع كلفة المتابعة من بُعد للعديد من الطلاب، فجميعهم لديه عدة محاضرات في اليوم، وقد يصل استهلاكه من البيتات نحو الجيغا (ألف ميغا بايت) وهذا يعني أنه على الطالب دفع تكاليف يومية تصل إلى ١٠ دولارات أو أكثر،  وإذا كان هناك في العائلة الواحدة أكثر من طالب، فتكبر المشكلة ويزداد المصروف.

ومهما يكن من استهلاك، فإن أبرز مشكلة تتمثل ببطء الإنترنت عامة وبالمناطق خاصة. فضلاً على محدودية البرامج المعتمدة التقنية، أما أكبر مساوئ التعليم من بُعد فنجدها عند العديد من الطلاب،  فمنهم أوضاعهم الاقتصادية لا تسمح لهم امتلاك حاسوب، وهناك أُسر لديها في البيت الواحد أربعة أو خمسة طلاب جامعيين، وجميعهم يحتاجون إلى أجهزة في التوقيت ذاته الذي نظمته الجامعة، ناهيك عمن ليس لديه حتى تلفون ذكي حديث...

لذلك، نتمنى على المسؤولين والمعنيين السعي بأخذ قرار عاجل بمجانية الإنترنت لجميع العمليات المتعلقة بالتعليم من بعد للتعليم الرسمي، والطلب من وزارة الاتصالات تحسين سرعة وجودة الإنترنت.

أختم بالقول: "وعَسى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وهو خَيرٌ لَكُمْ".

رئيس قسم الجغرافيا، الفرع الثالث، ببنين، عكار. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم