ماذا يقول الأطباء عن "مناعة القطيع" ضد الفيروس التاجي؟

مع انتشار فيروس كورونا في العالم، اتخذت تدابير وقائية للحدّ من انتشاره، منها: إقفال المدارس والجامعات والمؤسسات الخاصة والعامّة. إلا أنّ بريطانيا قررت محاربة هذا الفيروس من طريق ما يعرف بـ"المناعة الجماعية" أو "مناعة القطيع"، ما أدى إلى جدل واسع في الدوائر الصحية والسياسية. وعليه، كيف تواجه "مناعة القطيع" الأمراض المعدية؟ وما هي هذه الاستراتيجية؟ 

برأي الرئيس الطبي في موقع "ويب أم دي"، الدكتور جون وايت، أنّ مناعة القطيع تحمي المجتمع من الأمراض المعدية، عندما تتخطى نسبة انتشاره 60 في المئة، ما يؤدي إلى حمايته من خلال وسيلتين: الأولى، الاصابة بالعدوى والتحسن، وبالتالي، البقاء على قيد الحياة، الثانية، التطعيم، لأنّ أغلبية أفراد المجتمع يكونوا محصنين، فإن العدد الأقل منهم يصاب بالعدوى. 

لكنّ، ما يجب معرفته أنّ مناعة القطيع تعمل بفاعلية في حال وجود لقاح للأمراض، وفي حال غياب لقاح للفيروسات التاجية، تكون مناعة القطيع أقل فعالية وتؤدي إلى انعكاسات سلبية على برامج الرعاية الصحية وصحة المواطنين في الدول، على غرار: مرض كوفيد -19. وفي الوقت الذي تراجعت فيه بريطانيا عن اتباع هذه الاستراتيجية التي ستثقل نظامها الصحي، تستمر دول أخرى كهولندا بتطبيق "مناعة القطيع" بالرغم من خطورته الصحية. 

كيف فسّر الأطباء عدم فاعلية المناعة الجماعية بمواجهة كورونا؟ 

 بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية، فإن طبيعة فيروس كورونا تتطلب إجراءات وقائية وصحية مشددة نظراً لعدم وجود لقاح، الذي قد يستغرق عاماً على الأقل حتى تطويره. وعليه، إنّ الاعتماد على المناعة الجماعية يكون في حالة إصابة عدد من المواطنين بهذا الفيروس وبناء مناعة ضده، ما يؤدي إلى توقف انتشاره طبيعياً لأنّه لن يستيطع الكثير من الأفراد نقله إلى الآخرين، بمعنى آخر، اللقاحات تخلق في الأساس مناعة القطيع، بحسب ما أوضح الدكتور دايفيد نازاريان، وهو دييلوماسي في المجلس الأميركي للطب الباطني، مضيفاً أنّ السبب جراء اتباع إجراءات صحية وقائية بعزل الأفراد اجتماعياً، أنّه إذا أصيب عدد كبير منهم في وقت واحد سيؤدي إلى استنزاف المعدات الطبية والفريق الطبي، وخير مثال على ذلك: ما يجري في إيطاليا. 

إقرأ أيضاً: كورونا لبنان... نحن أمام 3 سيناريوهات في علم الأرقام

كذلك، أكد الأستاذ في علم الأوبئة، الدكتور ستانلي فايس، أنّ الطاقم الطبي يكتشف معاً فيروس كورونا المستجد وتداعياته، لذا، يعدّ اعتماد مناعة القطيع في هذه الأزمة الصحية مخاطرة كبيرة جداًً. ففي مقارنة مع فيروس سارس، ولكونه من الفيروسات التاجية الشبيهة بكورونا، أشارت البيانات إلى أنّ الحصانة الوقائية محدودة الأمد، ما قد ينذر بإعادة إصابة الفرد مرةً جديدة بهذا الفيروس أو بعبارة أخرى "يصبح معدياً مرةً أخرى". وعليه، رأى أنّ مناعة القطيع ستكون فعالة فقط إذا كان الفيروس لن يتغير بطرق يمكن تجنبها كالمناعة الواقية، هذا ولا تظهر الفيروسات التاجية المماثلة الأخرى ذلك.  

كيف ساهمت مناعة القطيع في إنقاذ صحة الأفراد؟ 

وبالرغم من أنّ "مناعة القطيع" لن تساعد في الحماية من كورونا، إلا أنّ الخبراء أشاروا إلى دورها في القضاء على الأمراض الفتاكة، إذ شرح نائب رئيس قسم البحث والتطوير في قسم الأمراض العصبية والتقدمية، الدكتور شاهين لاخان، في حديث مع موقع "فوكس نيوز"، أنّ "مناعة القطيع والتطعيم قد قضى على مرضين معديين بشدة: الطاعون والجدري. لذا، رأى الأطباء أنّ مناعة القطيع ستكون أحد العوامل التي ستبطئ من انتشار المرض قريبًا، لأنه سيعتمد ذلك على مدى استجابة الجسم المناعية للفيروس، أي مقدار الحماية التي ستوفرها الأجسام المضادة ضد الإصابة مرة أخرى.

إقرأ أيضاً: كيف تحمي نفسك أثناء رعاية مصاب كورونا؟ 

وفي ما يتعلق باللقاحات، أوضح نازاريان أنّ اللقاحات هي طريقة مصطنعة للمناعة تساعد الشخص في التعامل مع الفيروس، في حين أن العدوى هي أكثر الطرق الطبيعية والفعالة لتوفير المناعة، كلا النوعين من المناعة يدومان لفترة طويلة جدًا، مضيفاً أنّ الشكل الطبيعي للحصانة من الإصابة بالعدوى في الواقع هو الأكثر فاعلية لأنه يتسبب في إنتاج المزيد من الأجسام المضادة والحماية من العدوى في المستقبل.

وفي المحصلة، يتوافق العلماء أنّه دون وجود لقاح ضدّ فيروس كورونا ستصاب نسبة كبيرة من السكان به، مما سيولد تلقائياً مناعة القطيع.