الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المستحيلان الوِحدةُ المركزيّةُ والتقسيم

سجعان قزي
سجعان قزي
Bookmark
المستحيلان الوِحدةُ المركزيّةُ والتقسيم
المستحيلان الوِحدةُ المركزيّةُ والتقسيم
A+ A-
خلافًا لما هو شائعٌ في الأدبيّات المسيحيّة، لم يُنشأ لبنانُ الكبيرُ ليحتَضنَ المسيحيّين، بل المسلمين خصوصًا. فالمسيحيّون كانت لهم دولةٌ في نطاقِ نظامِ المتصرفيّة. كان يَكفيهم أن يُـلَــبْنِنوا هويّةَ المتصرّفِ المسيحيّ، وهو أمرٌ كان مضمونًا لدى الفرنسيّين من جهة، ولدى فيصل بن الشريف الحسين ملك سوريا من جهةٍ أخرى. لكنَّ البطريركيّةَ المارونيّةَ اختارت حدودَ لبنان التاريخيَّةَ مساحةً ومدى، والتعايشَ المسيحيَّ - الإسلاميَّ تجربةً ورسالةً، والديموقراطيّةَ الليبراليّةَ نظامًا سياسيًّا واقتصاديًّا. وبذلك بَرز المكوّنُ المسلمُ، ولا سيّما السنيُّ منه، المكوّنَ الأساسيَّ الجديدَ في الكيانِ اللبنانيِّ المستَعاد.لكن سَرْعان ما تحوّل مُعضلةً هذا الإنجازُ التاريخيُّ. وَقَع في التجاربِ وهو صِيغَ ليكونَ تجربة. راحَت كلُّ جماعةٍ تَتكبُّر على الكيانِ الجديد، تَتردّدُ في الانتماءِ إليه، وتُـرَبِّـحُه جميلَ الاعترافِ به. تَبرّمَت منه و تَفَذلَكت عليه: لماذا هو كبيرٌ وديموقراطيٌّ وميثاقيٌّ وحضاريّ؟ لماذا "وَرَّطَ" المسيحيَّ المسلمِ والعكس؟ لماذا هو مختلِفٌ عن محيطِه؟ أَعطينا الانطباعَ أنّنا مواطنون بالإكراه، نَنتظر تخلية سبيلِنا، ومُذنِبون في حبِّنا لبنان. المشاعرُ الإيجابيّةُ التي توالت تِباعًا تجاه "الوطن النهائي" لا تزال غيرَ كافيةٍ لتَضمَنَ بقاءَ وِحدتِه المركزيّةِ، فاعترافُنا بنهائيّةِ الوطن لم يرافِقْه اعترافٌ بنهائيّةِ الدولة، إذ تَخطَّت أطماعُنا دستورَ الدولةِ ونظامَها وميثاقَها. وحين يُصبح الصراعُ في الكيانِ بين الوطنِ والدولةِ يَنزِفُ الكِيان.لدي شعورٌ أنّنا نَنتقِم من هذا اللبنان: المسيحيُّ لأنّه خَسِرَ فيه التفوّقَ العدديَّ والدورَ الأساسيّ....
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم