السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"هذا الكيك مصنوع في إسرائيل، وفيه حبوب تسبّب الشلل"؟ FactCheck#

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
"هذا الكيك مصنوع في إسرائيل، وفيه حبوب تسبّب الشلل"؟ FactCheck#
"هذا الكيك مصنوع في إسرائيل، وفيه حبوب تسبّب الشلل"؟ FactCheck#
A+ A-

"تحذير خطير"، وفقا للمزاعم. المنشور المتناقل على المنصات الاجتماعية ينبّه الى ان "هذا الكيك مصنوع في إسرائيل، ومصدّر إلى الدول العربية فقط على أنه تركيّ. وبداخل كل كيكة حبوب تسبب الشلل"، وفقا للمزاعم. ومن شأن الفيديو المرفق ان يقدم الدليل: يد تفتح الغلاف الخارجي للكيك. وبعد ان تقسمه قسمين، تظهر في الكيك حبتان بيضاوان صغيرتان. حقيقة، تلاعب، أم شيء آخر؟ FactCheck# 

النتيجة: اولا، هذه المزاعم خاطئة، ذلك ان هذا الكيك من ماركة Luppo (لوبو)، تركي الصنع، ولا يُصدَّر الا الى العراق، بتأكيد من الشركة المصنعة Sölen. ثانيا، نقدم اليكم، في هذه المقالة، عددا من القرائن التي تشكك فعليا في صحة هذا الفيديو ومزاعمه، بما يرجح حصول تلاعب مقصود بالكيك، لسبب او لآخر.

"النّهار" دقّقت من أجلكم 

الوقائع: 50 ثانية يغلب عليها الصمت. اليد تمتد الى علبة كرتون وضعت فيها أكياس كيك ماركة Luppo، وفقا لما يُقرأ على الغلاف الخارجي. تختار كيسا واحدا. تفتحه، وتخرج منه الكيك. تقسمه قسمين، وتبدأ بتفتيتهما، لتقع على حبتين بيضاوين صغيرتين في أحد الجزءين. تمسك بهما، وتضعهما وسط الكف، تحت الكاميرا مباشرة. وفي ختام الفيديو، يسمع صوت رجل يقول شيئا بلغة أجنبية. 

وقد ارفق الفيديو بالمنشور الآتي (من دون تدخل، وتصحيح): "تحذير خطير. هذا الكيك مصنوع في إسرائيل ومصدّر إلى الدول العربية فقط، على أنه تركيّ بداخل كل كيكة حبوب تسبب الشلل!!! فلا تأكلها ولا تشتريها!!! رجاءً إعادة الإرسال إلى أصدقائك ومجموعاتك على أوسع نطاق ممكن!!!"


التدقيق: 

-أولا، هذا الفيديو سبق ان انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما في حسابات لبنانية، في (29) تشرين الاول 2019، ولكن بمزاعم مختلفة: "انتبهوا لاولادكم من المخدرات. هجوم على لبنان من كل الجهات" (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...). وقد استمر تناقله في كانون الاول 2019، لكن بمزاعم جديدة ان "هذا الكيك مصنوع في إسرائيل ومصدّر إلى الدول العربية فقط..." (هنا، هنا)، ليتجدد تناقله بكثافة في شباط 2020 (هنا، هنا، هنا...). 

-ثانيا، يظهر البحث ان الفيديو ذاته تم التشارك فيه على نطاق واسع، على صفحات وحسابات اجنبية (لا سيما في تشرين الثاني وكانون الاول 2019). وقد أرفق بمزاعم مختلفة بلغات عدة، منها الانكليزية (هنا، هنا، هنا، هنا، هنا...): ALERT! These packets of snack are dangerous! Made in Turkey and exported to USA & Israel...inside each cake are tablets that cause paralysis!!! DO NOT EAT, DO NOT BUY! PLZ FWD

اي تحذير! هذه الحزم من الوجبات الخفيفة خطيرة! صنعت في تركيا، وتم تصديرها إلى الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل... داخل كل كيك توجد أقراص تسبب الشلل !!! لا تأكلوها، لا تشتروها! 

وبالايطالية (هنا، هنا، هنا، هنا...): Sono merendine fatte in Turchia, con dentro le pasticche che avete visto, che causano la paralisi. Sono state spedite sia in Israele che in Italia. Non compratele ne mangiatele. La Turchia sta giocando con il fuoco....

اي إنها وجبات خفيفة صُنعت في تركيا، مع أقراص في داخلها تسبب الشلل. وتم تصديرها الى كل من إسرائيل وإيطاليا. لا تشترها أو تأكلها. تركيا تلعب بالنار... 

وقد أمكن ايجاد الفيديو ابتداء من 28 تشرين الاول 2019، في حساب Boycott Turkey في تويتر (هنا)، وفقا لما توصل اليه الصحافيون المدققون The Observers في فرانس 24، وحساب wishe press في يوتيوب (هنا)، وفقا لموقع Teyit التركي المتخصص بتقصي صحة الاخبار والصور.   

-ماذا أمكن التوصل اليه من خلال مشاهدة الفيديو؟ 

ملاحظتان مهمتان: الاولى، في نهاية الفيديو، يتكلّم الشخص بلغة اجنبية. ويوضح موقع Teyit التركي ان "اللهجة التي تكلم بها الشخص هي السورانية الكردية (Sorani)، واحدة من اللغات الرسمية لإقليم كردستان العراق". الثانية، يُشاهَد في الفيديو منتج آخر (في البراد، تحت يدي الشخص) "يتم تصديره من تركيا، هو ماركة Ace Aspiliç للدواجن، علما ان أكبر سوق تصدير لـAs Tavukçuluk هو العراق". وكلّ هذا يعزز "إمكانية تصوير هذا الفيديو في العراق".

-ماذا عن كيك Luppo؟ 

ما يجب معرفته عن كيك Luppo هو انه من منتجات شركة Şölen التركية، وان "هذا الكيك تحديدا يصنع من أجل التصدير فقط"، وفقا لما ذكر Teyit. وقد أكد متحدث باسم Sölen أن "هذا المنتج يباع فقط في العراق"، على ما نقل عنه موقع Snopes المتخصص بتقصي صحة الاخبار والصور. وبالتالي هذا يدحض المزاعم في المنشور المتناقل، بالعربية، أن "هذا الكيك مصنوع في إسرائيل ومصدّر إلى الدول العربية فقط، على أنه تركيّ...". 

عناصر اخرى داحضة: اثبت التدقيق الداخلي والمستقل ان لا غبار اطلاقا على عمليات تصنيع المنتجات الغذائية في Şölen. ونشر موقع Teyit التركي النتائج المخبرية لمفتشين مستقلين لـSölen، تؤكد صحة هذه المنتجات. وفقا للموقع، "تتم إعادة فحص كل منتج مُصَدَّر لدى الجمارك في البلد الذي تم شحنه اليه. بمعنى آخر، إذا تمت اضافات الى المنتج، فمن المحتمل أن يكون حصل ذلك في العراق بعد تسليم البضاعة". 

كذلك، أوضح المتحدث الرسمي باسم  Şölen لـSnopes أن "بين أنظمة التنقية العديدة المستخدمة في إنتاج ومعالجة العجين والقشدة والشوكولاتة ومكونات كيك Luppo (لوبو) المختلفة، منع (مرور) اي جسيم يزيد عن 700 ميكرون (0.7 ملليمتر)، في الطول أو العرض". 

بالمقارنة، واضح ان الحبتين البيضاوين الظاهرتين في الفيديو أكبر من تلك المقاييس. وهذا يعني انه لا يمكن إضافتهما إلى الكيك أثناء صنعه، لان نظام التنقية يمنع مرورهما. وقد أشار المتحدث الرسمي إلى أن عملية الإنتاج آلية بالكامل، مما يعني أن مكونات كل وجبة خفيفة "لا تمسها الأيدي البشرية"، حتى تغليف كل منتج على حدة. 

لنفترض انه تمت اضافة الحبتين الى الكيك. الجواب المنطقي ان "عملية الطهو من شأنها ان تذيبهما او ان تحوّلهما"، وفقا لما نقل Teyit عن بيتيك أتامان، الرئيس السابق لغرفة مهندسي الأغذية. وهذا يدحض مجددا بقاءهما في الحالة الجيدة التي يظهران بها عند تفتيت الكيك، وبالتالي يعزز احتمال اضافتهما لاحقا الى الكيك بطريقة ما.  

ملاحضة اضافية: بمشاهدة الفيديو المتناقل بالسرعة البطيئة، أمكن فريق Teyit رصد ثقب خارجي في الكيك، قبل تفتيته. الحبتان الظاهرتان في الفيديو "تقعان بالضبط من المكان الموجود تحت الثقب" (في الدائرة الحمراء)، وفقا لما خلص اليه. 

-ما يمكن قوله إذاً في هذا الشأن هو انه ليس واضحًا في أي مرحلة أضيفت الحبتان الصغيرتان أو من وضعهما في الكيك. كذلك، لا يوجد أي دليل على ان الحبتين وضعتهما الشركة المصنِّعة للكيك، أو انهما "مخدر او تسببان بالشلل"، وفقا للمزاعم. غير ان القرائن اعلاه تعزز الشكوك ان تلاعبا بالكيك حصل، لسبب او لآخر.  

توترات تركية- كردية

في واقع الامر، ربط موقع Teyit الفيديو بـ"جهود، دوافعها سياسية، لتشويه سمعة العلامات التجارية التركية الشعبية، في ظل التوترات الكردية- التركية المتواصلة" في المنطقة.

بدوره، استنتج فريق The Observers ان الناس في كردستان العراق ربما "يخشون تناول الحلويات التركية المستوردة". وتوحي ذلك تعليقات على فيديو نشرته صفحة في الفيسبوك تزعم ان وزارة الصحة في كردستان العراق تديرها. ويظهر مقطع الفيديو نُشر في 29 تشرين الاول 2019، رجلاً يفتت كيك لوبو بنكهة جوز الهند من دون أن يجد أي أقراص بيضاء فيها. كذلك، تظهر صور منشورة في 6 تشرين الثاني رجلين يدققان في قطع من الكيك، بما فيها كيك لوبو.

وفقا لفريق The Observers، "قد تكون هذه الشائعات جزءًا من مشاعر سلبية عامة تجاه المنتجات التركية في كردستان العراق"، في وقت تنشط الدعوات الى مقاطعة المنتجات التركية (مثل هنا) على خلفية الهجوم التركي في شمال سوريا.   

النتيجة: في هذه المقالة، قدمنا اليكم عددا من القرائن التي تشكك فعليا في صحة هذا الفيديو، بما يرجح حصول تلاعب مقصود بالكيك، لسبب او لآخر.

بالنسبة الى المزاعم ان المنتج الظاهر في الفيديو "مصنوع في إسرائيل ومصدّر إلى الدول العربية فقط"، يتبين انها خاطئة، ذلك ان هذا الكيك من ماركة Luppo لوبو، تركي الصنع، ولا يُصدَّر الا الى العراق، بتأكيد من الشركة المصنعة Sölen.  

[email protected]



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم