السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

ما هو الحلّ؟

د. ميشال الشمّاعي
ما هو الحلّ؟
ما هو الحلّ؟
A+ A-

لبنان في نفق مظلم الآن، لكن المفارقة أنّ النّهاية محتومة والحلّ معروف؛ إلا أنّ النيّة ليست موجودة لأنّها مرهونة في مكان آخر. والقاعدة المعمول بها اليوم باتت: "الرّعيان بوادٍ والقطعان بوادٍ"، علت أصوات الأحرار، ومنهم رجال الدّين، الذين لم يوفّروا في خطبهم وعظاتهم الرؤساء والمسؤولين في الدّولة. ويكفي أن نعرف الدّرك الذي وصلنا إليه حيث ختم المطران بولس عبد الساتر الثائر بمسيحيّته، عظته بحوار من مسرحيّة ناطورة المفاتيح بين شخصيّة الملك كيفون الظالم ووزيره جاد الحكيم الذي أجابه عن سؤاله عن حال الرعيّة: "ما حدا بيقدر يحبس المي، والنّاس متل الميّ، إلا ما تلاقي منفز تنفجّر منّو". 

وهذه حال بلدنا الحبيب لبنان. لقد حاكى الرّحابنة في أعمالهم كلّها الواقع اللبناني، ولم يوفّروا أي جهد في توصيفه وانتقاده بهدف تقديم الحلول. والعمل المسرحي عينه يتضمّن الحلّ للأزمة اللّبنانيّة وذلك على قاعدتين طرحهما الرّحابنة في عملهم هذا كالآتي:

• القاعدة الأولى: رحيل الرّعيّة بأكملها من المملكة وترك الملك وحيدًا من دون رعيّته، ما حتّم عليه إطلاق المساجين عنده ليبقى له الحكم لأنّ الملك لا يستطيع أن يملك ويحكم من دون رعيّة. فهرب المساجين كلّهم وصارت الرّعيّة فارغة وصار الملك وحيدًا.

• القاعدة الثانية: تراجع الملك عن قراراته الجائرة بحقّ رعيّته، والأكثر وعد شعبه بأن يكون عادلا معهم. فعاد الشّعب وبقي الملك ولكن بعد تعديله لسلوكه في الحكم.

من هذا المنطلق، نحن في لبنان أمام هذين الحلّين، لكنّ الواقع غير المرتجى. صحيح أنّ قسمًا كبيرًا من الرّعيّة قد ترك لبنان بمن فيه، وهاجر إلى بلاد الاغتراب، وعلى حدّ قول كبيرنا الشاعر سعيد عقل في مسرحيّته قدموس: "نبني أنّى شئنا لبنان". وهاموا في أصقاع الأرض الأربعة يبنون لبنان حتّى غدا الانتشار أكبر من الوطن نفسه، وصار الانتشار اللبناني ظاهرة توقّف عندها الباحثون. وهي التي مدّت لبنان بالاوكسيجين في سنينه العجاف.

أمّا اليوم فلم يعد هذا الانتشار قادرًا على مدّ لبنان المقيم لا سيّما بعدما سدّوا المنافذ بوجهه، والهدف من ذلك كان لدفع الرعيّة على اتّخاذ الخيار الأوّل أي الرّحيل. وفيما يتعلّق بالخيار الثاني الذي يقضي بأن يغيّر الملك سلوكه، فقد اصطبر اللّبنانيّون أكثر من ثلاثة عقود والعقليّة الحاكمة ما زالت هي هي، لم تتغيّر.

من هنا، تبرز أهمّيّة اجتراح خيار ثالث وهو في هذه الحالة "الثورة". ونميّز بين الثورة والتمرّد لأنّ التمرّد حالة ظرفيّة تنتهي بتحقيق مطلب ما، أو قد تنتهي بتمرّد شرعي أقوى منه تشنّه السلطة المتمرَّد عليها. وبالطّبع هذا ما تحاول السلطة في لبنان أن تقوم به مغفلة أنّ ما تواجهه ليس مجرّد تمرّد إنّما هو ثورة حقيقيّة. والثورة لا يخبو وهجها أو تنطفئ نارها قبل أن تحقّق الهدف الذي قامت لأجله.

من هذا المنطلق، يخطئ من يظنّ أنّه بمسرحيّة الشرعيّة التي دارت رحاها في اليومين المنصرمين قد انطفأت الثورة، لا سيّما وأنّ النّهج قد تابع تسلّطه من خلال إعلان الرّئيس دياب بأنّه سيدفع الدّيون المستوجبة على لبنان، وذلك بعد إشارة أحدهم في خطاب له من تحت قبّة البرلمان في جلسة الثقة، موجّهًا إيّاه نحو المصدر الوحيد وهو أموال صغار المودعين. لذلك كلّه، لا حلّ إلا بحسب القاعدة؛ فالملك سيبقى على حاله والرعيّة لن تهاجر كما تأمّل الملك. فالحلّ الوحيد بالخيار الثالث أي الثورة في الشارع، والثورة الدّستوريّة من داخل ما تبقى من مؤسسات. فهل ستكون هذه الشرارة التي ستعيد إضرام نار الثورة من جديد؟

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم