الرقص هو البراءة

مجزرة النهر

أوَّلُ من تعرفَ إلينا هو النهر

أوَّلُ من مسحَ وجوهَنا بروحِ الماءِ

أرادَ لنا أنْ نكونَ فوقَ الضفافِ

قريباً منّه لدرجة الحبِ

وغيرَ بعيدٍ من قلبهِ

أرادَ أن يسلّمَ علينا

كانت الأيادي كحزنٍ معكوفٍ خلفَ ظهورِنا

أرادَ أن يبثَ وجعنَا على الفضائيات

وكان لهُ ما أراد

أرادَ وهو يمرُ سريعاً

أنْ يتأملَنا باستمرار

وهو معجبٌ بنا كأشجارٍ مصطفةٍ

ونائمةٍ

ويمكن

أنْ

تنهضَ

أي

لحظة.

(حلب كانون الثاني 2013)

بخار الماضي

الرقصُ هو البراءةُ،

لحظةُ سقوطِ ثمرةٍ ناضجةٍ من شجرةٍ،

المطرُ الذي ينزلقُ على النافذة

ولا يد تمسحهُ،

الصدمةُ الكهربائيةُ في المشفى

محاولةٌ أخيرةٌ لإنقاذ الحياة

برغم أنّها قد تنجحُ مرةً من الآلآف المرات،

اكتشافي لجسدِكِ

وأنتِ تعبرينَ بين غرفتين،

أوّلُ رشقة عطر

هذا الذي تَفلتَ من جسدكِ

كي يحلقَ في الفضاءِ الصغيرِ بيننا،

البراءةُ جَسدكِ في المرآة

عالمٌ زائلٌ

وشفافيةٌ باقيةٌ،

غرفةٌ في الطبقة السادسة،

في حيّ بستان الباشا

وأنا أمسحُ بخارَ الحمامِ عن مرآته

كي أشاهدَ آخرَ مشهدٍ لكِ تحتَ الماءِ

هذا كان حتى قبلَ ابتكارِ السِلفي

كنتُ أمسحُ ماءً تطفو حركتُكِ فوقهُ

المرآةُ بحيرةٌ معلقةٌ إذاً

وأنتِ تسبحينَ فيها

أتذكرُ حلب

وتاريخاً من اللحظاتِ الدقيقةِ

عقربَ الثواني الأسود في ساعةٍ بيضاء

أتذكرُ تاريخَ البراءاتِ كلّها

ماءٌ ومرآةٌ ورقصٌ سبقَ كلَّ ذلك

ورجلٌ قد أكونُ أنا

يمسحُ كلَّ ثانيةٍ

بخارَ الماضي عن روحِهِ

عن روحِ هذه العزلة المنتقاة

عن روحِ هذه العزلة المنتقاة.