الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أنا جائعٌ ونحن جياع

عقل العويط
عقل العويط
أنا جائعٌ ونحن جياع
أنا جائعٌ ونحن جياع
A+ A-

كتبتُ البارحة في 14 كانون الثاني 2020 مقالًا عنوانه "أنا جائعٌ".

أكتب اليوم الأربعاء في 15 كانون الثاني، مقالًا ثانيًا في المعنى نفسه. إنّما أكتبه ليس على سبيل التكرار، بل لأطالب المسؤولين بتحمّل مسؤولياتهم حيالي كمواطنٍ، وحيال أمثالي من المواطنين الذين يواجهون مشكلاتٍ حادّة وموجعة في هذا المجال بالذات، وفي سواه من المجالات المماثلة.

نعم أنا جائعٌ، وأريد حلًّا فوريًّا لمسألة هذا الجوع.

الأمور لا يمكن أنْ تستمرّ على هذه الحال.

المواطنون الأوادم الأحرار المحرَجون المزروكون، الذين يطالبون بإيجاد حلولٍ ماليّةٍ ومعيشيّةٍ واقتصاديّةٍ وسياسيّةٍ فوريّة، لأنّهم لا يتقبّلون الذل والمهانة والإهانة والاستجداء، يجب ألّا يُستَخَفّ بأحوالهم المأسويّة هذه.

المسؤول مسؤولٌ، ويجب أنْ يتحمّل مسؤوليّته.

وإذا كان المسؤولون، في ما سبق من شهورٍ وسنواتٍ، قد تلكّأوا، أو تهاونوا، في تحمّل المسؤولية، فقد آن الأوان الخطير لتدارُك هذا التخلّف عن أداء الواجب، الذي لن تُحمَد عواقبه.

قد يمكن التغاضي ليومٍ، ليومين، لثلاثة أيّام، لكنّ الزمام سيفلت من الأيدي. صدِّقوني.

لن تبقى المسألة مسألة مواطنين أوادم أحرار محرَجين ومزروكين في الزوايا فحسب، بل ستتحوّل لتصبح مسألةً بالغة التعقيد، يتداخل فيها كلّ شيءٍ بكلّ شيء: المواطن الآدمي الحرّ الثائر المنتفض المسالِم الفقير المحرَج المزروك، بالأزعر المرتزق المأجور الانتهازيّ المتسلّق المفتعل العنف الداخل على الخطّ.

آنذاك، ستفلت "اللعبة"، "كلّ اللعبة" من يد رئيس الجمهوريّة، ومن يد "العهد"، ومن يد رئيس مجلس النوّاب، ومن يد النوّاب، ومن يد رئيس الحكومة المستقيل، ومن أيدي الوزراء المستقيلين، ومن يد رئيس الحكومة المكلّف، ومن يد حاكم المصرف المركزيّ، ومن يد "حزب الله"، ومن يد حركة "أمل"، ومن يد "التيّار الوطنيّ الحرّ"، ومن يد "حزب القوّات اللبنانيّة"، ومن يد "الحزب التقدّمي الاشتراكي"، والأحزاب والتيّارات الأخرى كافّة، ومن أيدي القوى المسلّحة الرسميّة، ومن أيدي الطوائف والمذاهب، ومن أيدي البطاركة والمفتيّين والمشايخ، ومن الأيدي جميعها على الإطلاق، داخلًا وفي الخارج.

وآنذاك لات ساعة مندم.

وما دمتُ فتحتُ موضوع الجوع، ولا أريد أنْ أترك سترًا مغلقًا، فقد اقترضتُ (من صديق وأصدقاء) مالًا بالعملة الوطنيّة، بهدف تسديد قسطٍ جامعيٍّ ثانٍ بالعملة الأجنبيّة، تحت طائلة الطرد من الجامعة في حال التخلُّف عن تسديد المبلغ في الوقت المناسب. 

وعليه، فقد قصدتُ المصرف الذي أتعامل معه (على طريقة أهل القرى) لأسأله المشورة، فعدتُ خائبًا.

في المصرف، لا حلّ لهذه المسألة من طريق المصرف. وعليه، فقد دلّني الموظّف العامل في المصرف إلى أحد الصيارفة، لعلّني أعثر هناك على حلّ "مقبول".

في المختصر المفيد، أُعلِمتُ بأنّ سعر صرف عملتنا الوطنيّة، اليوم، هو في نحو ألفين وخمسمئة ليرة لبنانيّة مقابل الدولار الواحد (أو أقلّ بقليل. فقط بقليل)

وقد أحببتُ، على سبيل التنبيه والتحذير، أنْ أروي هذه الحادثة الطازجة التي جرت معي صباح هذا اليوم الأربعاء، 15 كانون الثاني 2020، واضعًا إيّاها في تصرّف حاكم المصرف المركزيّ، ورئيس حكومة تصريف الأعمال، ووزير المال في الحكومة المستقيلة، ورئيس الحكومة المكلّف، والمراجع القضائيّة والقانونيّة المختصّة، ليكونوا على بيّنةٍ من أحوال مواطنيهم الأوادم، و... من أحوال سياساتهم.

لا أحد يلعب بالجوع (ومع الجوع) ويطلع رابحًا.

ثمّ، لا تحذروا فقط صولة الكريم إذا جاع (وقد تصير صولته بالغة الانتفاض والتمرّد وخارجة على المعهود والمألوف!) إحذروا – أيضًا وخصوصًا - الزعران المرتزقة المأجورين الانتهازيّين المتسلّقين المدفوعين المحرَّكين من وراء الكواليس المفتعِلي العنف، إحذروا هؤلاء – لا سيّما – إذا دخلوا على الخطّ، من داخل ومن خارج. وهم حتمًا داخلون. والسلام.

[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم