الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أرشيف "النهار" - انتحار الأمة والأفراد: عيد استقلال مختلف

المصدر: أرشيف "النهار"
Bookmark
أرشيف "النهار" - انتحار الأمة والأفراد: عيد استقلال مختلف
أرشيف "النهار" - انتحار الأمة والأفراد: عيد استقلال مختلف
A+ A-
نستعيد في #أرشيف_النهار مقالاً كتبه مصطفى الجوزو بتاريخ 24 تشرين الثاني 1995، حمل عنوان "انتحار الأمة والافراد: عيد استقلال مختلف".عندما انتحر الشاعر خليل حاوي ابان الاحتلال الاسرائيلي للبنان، قيل ان تدنيس العدو لأرض الوطن احدث في نفسه ازمة جامحة فآثر ان يموت، وكان رواقيا في اختياره هذا. لكن بعضهم زعم سرا ان انتحاره كان بسبب مرض عضوي. وأمس، عندما انتحر زميلنا الساخر الدكتور رالف رزق الله، كاد الجميع يوقنون انه انتحر رفضا للواقع، اي انه اختار الموت الرواقي ايضا. لكن بعض الناس شكّوا في امور مرضية جسدية، وكلٌ فسّر مقالته "مدخل الى التعاسة" (ملحق "النهار" 9/9/1995) على طريقته وفي الاتجاه الذي يرضي تحليلاته. والواقع ان في العالم ملايين المرضى، ومنهم من قد لا يقارن بما زُعم لخليل حاوي او افترض لرالف رزق الله، ومع ذلك لا ينتحر اولئك الناس. حتى مرضى الايدز يعيشون على امل اختراع دواء يشفيهم منه. لكن يكفي ان يصاب الانسان في بلدنا بأقل من الايدز بكثير حتى تراوده افكار يائسة، وربما فكّر في الانتحار او انتحر فعلا، واخبار وسائل الاعلام شهود على ذلك. وسبب هذا ان البلاد المستقرة اقتصاديا وسياسيا والخاضعة لقيم عامة متوازنة، ولا نقول ثابتة، قلما تكون بيئة صالحة للانتحار، فهي كالجسم المعافى لا يكون مرتعا للميكروبات المرضية، بل هو مقاوم لها، في حين تبدو البلاد المضطربة الاقتصاد والسياسية والقيم محرضة على الانتحار، ربما لاتفه الاسباب، كالجسم الهزيل يستسلم حتى لأضعف الميكروبات. وحين يقع بلد ما تحت الاحتلال (الاحتلال الاجنبي او الاحتلال الداخلي) فان ذلك يؤدي الى اضطراب حبل الاقتصاد والسياسة والى اختلال القيم الاخلاقية والعلمية والاجتماعية والعقدية. وعندئذ ينقسم الناس ثلاثة اقسام: قسم الطحالب التي تلتصق بالاحتلال وتتحرك بمقتضى حسابات نفعية، في علاقاتها مع السلطة او مع المواطنين، متذرعة بالواقعية او بالعملية، وقسم الرافضة التي تثور في العلن او في الخفاء سعيا الى تبديل الاوضاع بثورة بيضاء او حمراء يحاسِب فيها المغتصبون لسلطة الشعب ومقدراته، وقسم اليائسة التي لا تجد محلا لها في المجتمع فترتضي الموت البطيء او تنتحر. ولبنان تحت الاحتلال العلني منذ الاجتياح الاسرائيلي ودخول الصهاينة لاول عاصمة عربية مستقلة، سواء بالوجود العسكري الصريح في الجنوب والبقاع الغربية (1)، او بالضغط المستمر على سائر المناطق قصفا او حصارا، وهو الآن يراقب العدو يقطف ثمار هذا الاحتلال وثمار حرب العراق التي اذلّت العرب قاطبة: انصار العراق وخصومه سواء بسواء، ويشهد تفاعلا كيميائيا مع هذين الحدثين للقوى التي اشعلت الحرب في لبنان. وهو تفاعل لم يبدأ قطعا منذ سنة 1978 او سنة 1982، بل بدأ قبلهما بكثير، منذ ان اخذ النفوذ الاسرائيلي يتسرب الى لبنان في مواجهة النفوذ العربي الوحديّ (2) الذي هبت رياحه من القاهرة ودمشق وبغداد وطرابلس الغرب، حتى راح بعض المحلليين يتحدثون، منذ سنة 1969 على الاقل، عن العصر الاسرائيلي القادم. لا اغفال بالطبع للنفوذين الصاعدين الاميركي والسوفياتي السابق ولا للنفوذين المتقهقرين الانكليزي والفرنسي، في حركة صراع ومزاحمة انتهت، او كادت، الى فوز النفوذ الاميركي واضمحلال انواع النفوذ الاخرى. لكن ليس من الغلو في شيء استنتاج ان...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم