السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

من المؤكد إنّني أفضل من مايكل جاكسون بالرقص

وفائي ليلا
من المؤكد إنّني أفضل من مايكل جاكسون بالرقص
من المؤكد إنّني أفضل من مايكل جاكسون بالرقص
A+ A-
راقص

من المؤكد إنّني أفضل من مايكل جاكسون بالرقص

وأفضل من مصمم الأزياء الشهير ذاك

وأستطيع أن أمشي على حبل البراعة أفضل من أي لاعب سيرك

من الأكيد أنني أبرع من فرناندو بيسوا في كتابه القلِق "اللاطمأنينة"

وأشهر من الرائعة داليدا في "جه سوي مالاد"

من الحتميّ أنني أفضل من سيرسم على مر العصور

وأجمل من سيكتب رواية

أو ينحت حجراً

أنا أشهر قتيل في التاريخ

وأهم ملك عبر على مسرح شكسبير العظيم

سوى أني الآن أجلس في "كافيه" صغير

أراقب العالم بعينين غبشتين

وأنظر عروق يدي

ارتجاف ساقيّ

سقوطي عن حافة الأمل

دون أن أفعل شيئاً

دون أن أنجز

أو أتقن

أو أترك أي أثر.

******

بافلوف

إنها المرأة الوحيدة في الطبقة السابعة، والتي كانت تملأ الممر المعتم لشقتها بالصراخ كلما قرع أحدهم جرسها بالخطأ: "ألف مرة كنت أقول لكم إنه جرس شقة، ليس زراً للمصعد، ولا زر الضوء (الأتوماتيك) لإضاءة الدرج، وليس زر العيادة المقابلة".

في كل مرة، كانت تُحرج البواب، وجميع الزوار والمرضى العابرين بالصدفة، والذين يرتكبون الحماقة ذاتها.

أخيراً اهتدت إلى الحل، كتبت على الجرس "هذا الجرس لشقة".

بعد أيام خيّم الصمت، لم تعد تصحو من النوم على صوت مبكر، لم تعد تقطع أكلها ليخفق قلبها ضعف المعتاد، لم تعد تخرج من الحمام مسرعة وهي تلتف بمنشفة الارتباك وهي تظن أن أحداً ما هناك.

أيام طويلة مرت، كانت فيها وحيدة وكئيبة مذ كف ذاك الجرس اللعين.

آخر الأسبوع تسللت ليلاً على رؤوس أصابعها ومحت بإصرارٍ حاقدٍ العبارة التي كتبتها وهي ترتجف وعادت إلى السرير، ولأول مرة منذ أيام هي بالواقع شهور، نامت.

كان نوماً عميقاً قد حدث تلك الليلة، لقد كانت متأكدة أنها ستصحو باكراً على متطفلٍ جديدٍ أخطأ وضغط زراً لعيناً كانت تنتظره طوال الوقت.

******

وتلك البلاد

وتلك البلاد

جدار نتكأ عليه

وننهدم

نحتمي بطين الكتابة الأولى

وبخرز (يخزي) أزرقه العين، وقل الله أحد

وتلك البلاد التي هجّ أهلها

رفوف جنون

غبار طلع هاذٍ

زغب شمس مُذّهب يحوّم في الأفق

مثل الحزن الذي يتنهد

وتلك البلاد

كتبنا كل إشاراتنا هناك، والرموز

أسماء حبيبات أُول

أرقام ما عدنا نذكر أسبابها

بصمات طين تركناها تؤرخنا حين نعود بلا أصابع

ارتجاج الأبواب التي تنهمر في القصائد، حين تستعيد طرقنا المُستعجل

(لمبات) تسهر طوال الليل تحمي هلعنا بحضن آمن

جرسٌ تتسابق الأقدام، ودقات القلب لتستطلع المفاجأة

تلك البلاد

مرايا، وخطوط متعرجة، خدوش كأنها نمش

عِميٌ نصل إليها

عِميٌ نتلمسها

ونستند قبل سقوطنا الأخير

ولكنني كنت أحرس الورد في زريعة أمي المركونة في الظل... تلوذ بالآيات وتسبيحات الصباح

حبال الغسيل التي تتمرجح عليها القصائد

بنطلونات أبي الواسعة التي ينفخها الهواء

فأنكمش

فساتين أمي التي تطير لخفتها البالغة أزهار البرتقال التي بحثنا طويلاً... ولم نجد.

سطح بيتنا المائل

المندلون الذي يخفي سراً ما

كتبية الجدات وأزرار ملونة وخيط مرتبك وإبرة إمعان لجدة لا تخطئ قُطبة الغرز... نتأوه

ولكنني كنت أحرس حنفية البيت الباردة

وصوت أمي الذي يكرره الصدى

تنادي أولاداً يتشاغلون بخبث عن شراء الحاجيات كي لا يفوت قطار اللعب دقيقة دونهم

ألملم المحفظة التي تناثرت دفاترها على امتداد الأرض

مرحات الآنسات

العشرات بالأحمر

والـ "أحسنت"

صوت الجرس

الصفوف

لقد كنت أحرس قبر جدي بأبو جرش

وصوت الأذان

ورائحة الغسيل، وكشتبان أمي الذي يرن بفضة التماعه

ورائحة الليمون في أرض الديار

كنت قبل أن يأتي الغريب

أنشغل بتضميد الورد ... وحرق النمل العاجز دون رحمة

والانسلال إلى جسدي الصبي بأصابع الاختلاس

قطف خوخ اللذة الحامض

لمس البثور التي تخلفها الذنوب على وجه الخجل

كنت... أود

قبل أن تقاطع حياتي برصاصك

قبل أن ترمي على سقف قلبي القنبلة

قبل أن ينفجر الصاعق الذي أخذ أصابعي

ونثر على جسدي ثقوب نمشه

كنت أود أن أتجاوز الحاجز

قبل أن يأخذ الصبي مني

ويعيد إليّ الراشد... الراشد جداً

يعيد إليّ... الانتباه.

******

سنجار

بأحذية أكبر من مقاساتنا

بأغانٍ أوسع من إغماضه أعيننا

كنا نظن الله قريب

كنا نظنه خلف التلال

أو أعلى خط الليلك

أسراب الطيور آخر الخريف

يتبعنا الغبار على مهل،

القمح الأشقر،

الرائحة،

بيوتنا التي نجرها بحزن كيلا تسقط منا المفاتيح

لا نأخذ سوى قطرة ماء

وأكفنا التي نشدها إلينا، كيلا تلوح للخلف

سوى ريشة طائر

سوى ابتسامات الأمهات في الأعراس

موسيقا تغمرك... تكاد تضيء

زيزان الليل الهائل أعلى جبال سنجار

برده الذي لا يرتجف فقط

بأحذية جند ماتوا

وأوراق لم نستطع أن نلحق تطايرها

صعدنا إلى ما لا نعرف

تتبعنا الظلال

الغيوم

صمت إله مكسور

قمر معلق بحبل مشيمته

إلتماعات الأصفر أعلى البيادر

خواتم الجدات العقيق

صوت الكلاب التي تستجدي أن نعود

ولا يحدث

لا يحدث.

****

فلز الغائب

1

بلادي...

قالها الرجل الذي اعتدته

للخريطة الملونة

فقط في دفتر الرسم

لأول حاجز تفتيش

أطلق كلبين المانيين

ليشما كل بوصلة

من وطنيتي

2

حبيبتي

قالها الرجل الذي مللته

للعبة البلاستيك

التي يلزمك عشر دقائق كاملة

لنفخها

اخلاء رأسها ووركيها وأثدائها

بهوائك الفارغ

3

شاعري المفضل

قالها الرجل الذي افتقدته

لكل أولئك الذين تحدثوا

عن كل شيء

سواي

حشرات كلمات

تزاحمت على دم

فلز الغائب

4

سريري

قالها الرجل الذي كنته

للمرأة التي حولته

إلى مصيدة فئران

وضعت به جبن جسدها

طازجاَ

وبضاً

وشهياً

لأي كان

5

نفسي

قالها الواثق الذي خبرته

للمائل أمامي

بربطة عنق حمقاء

وشعر أشيب قليلاً

وفم شبه منحرف

الذي أدار ظهره

وتبوّل

6

ربي

قالها المؤمن الذي أمنته

للصراف الآلي

الذي سحب بطاقتي

بفم امتصاصه

ولفظ في وجهي

ورقة بيضاء بلا رصيد

7

بيتي

قالها الرجل الذي ساكنته

للمأوى الذي جمعت به

(براطيش) العائلة

أظلاف ماعز رجيم

8

أحبكِ

قالها الرجل العاشق للحياة

أخذته من تنفسه

بقبلة طويلة جداً

لم تنتهِ حتى

آخر اختناقه

9

صديقي

قالها المغفل الذي ما زلته

للرجل الذي

برع بقيادة مقود مدرعاته

في حقول استثمار مصافحة

حصد كل شيء

ورأسي

10

أمي

قالها الرجل الذي مته

للمرأة التي تضع "الهيدفون"

قبل زجاج أصابعها

وأباح بأسراره جميعاً

استخدمت لأجله مبيداً حشرياً

فعالاً

وأوغلت أجهزة ما

في تصفيته تماماً

منه.

11

حييّ القديم

قالها المتفحم الذي صرته

للزقاق

الذي قضمته الشوارع المسرعة

وحلت على أرصفته

روائح لحم محترق

12

أبتِ

قالها الصبي الذي كنته

للغارق في هيرويين شمه

رميت له قميصي المخضب

فسألني عن إخوتي

القتلة

ومصير الذئب.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم