الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

للمرة الأولى في لبنان والمنطقة... ابن الـ3 سنوات أصغر مريض يخضع لهذا النوع من الجراحة: "كُتب له عمر جديد"

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
الطفل ابراهيم الشمالي قبل الجراحة.
الطفل ابراهيم الشمالي قبل الجراحة.
A+ A-

 

 إبرهيم الشمالي (3 سنوات ونصف سنة) توقف قلبه فجأة ليسقط أرضاً. هو الذي كان يلهو في الخارج سقط أمام أعين والديه، وما جرى كان أشبه بمعجزة وحظ سعيد أنقذا هذا الطفل من الموت المحتم. هذا القلب الصغير كان يعاني خللاً في كهرباء القلب من دون معرفة ذويه، وقلبه الذي كان ينبض بشكل طبيعي توقف فجأة عن الخفقان ولم يفهم أحد ما جرى مع إبرهيم.

منذ بضعة أيام أصبح الطفل إبرهيم أصغر مريض يضع جهاز تنظيم ضربات القلب، كُتبت له الحياة ونهاية سعيدة بعدما واجه الموت. ما جرى يستحق التوقف عنده، فهذه الجراحة تعتبر الأولى في لبنان والمنطقة، فكيف أُنقذ، وماذا في التفاصيل؟

تشرح الاختصاصية في كهرباء القلب عند الأطفال في مستشفى الجامعة الأميركية، وهي الاختصاصية الوحيدة في لبنان والمنطقة لمعالجة حالات كهرباء القلب عند الأطفال، الدكتورة فاطمة شرف الدين، في حديث مع "النهار"، أن "الطفل إبرهيم كان يعاني من حرارة والتهاب في الحنجرة، وبعد مراجعة طبيب الأطفال وصف له مضاداً حيوياً إلا أنه لم يتمكن من تناوله، الأمر الذي دفع بالطبيب إلى وصف دواءٍ آخر fluconazole وهو مطهّر للفطريات. وبعد تناوله بخمس عشرة دقيقة، وأثناء لعبه مع أصدقائه سقط إبرهيم أرضاً وأُغمي عليه. توّجه به والده إلى طوارئ مستشفى الططري التي لا تبعد عن منزله 3 دقائق في منطقة بعلبك حيث خضع الطفل إلى إسعافات أولية وإنعاش قلبي – رئوي أعادته إلى الحياة.

من الطوارئ إلى مستشفى دار الأمل في المنطقة، انتقل إبرهيم حيث أجريت له جميع الفحوص والذي أثبتت عافيته وعدم تضرر أي من وظائفه نتيجة توقف القلب. وكشفت الفحوص أنه يعاني من متلازمة فترة QT الطويلة، إضافة إلى انخفاض في دقات القلب. وقد التقيتُ بوالديه بعد مراجعتهما الاختصاصي في كهرباء القلب في الجامعة الأميركية الدكتور برنارد أبي صالح، واتفق على نقله إلى مستشفى الجامعة للخضوع للجراحة. وهنا أودّ ان أشكر فريق كهرباء القلب باكمله، والدكتور برنارد ابي صالح على تعاونه، وفريق مركز قلب الاطفال وجمعية القلب الشجاع (Brave Heart Fund) لإتمام هذا الانجاز الطبي".

وفق شرف الدين، أنه "إجمالاً، يوضع جهاز منظم ضربات القلب لطفل يزن أكثر من 25 كيلوغراماً، ولكن إبرهيم كان يزن فقط 15 كلغ ونتيجة تعذر وجود أجهزة متخصصة تلزم للجراحة لهذا العمرفي لبنان، اضطررنا إلى وضع الجهاز عبر التمييل ليصبح أصغر مريض يضع هذا الجهاز في لبنان والمنطقة. وبالرغم عدم توافر المواصفات المطلوبة، لا يسعنا سوى القول "الحمدالله على كل شيء، ولقد عاد إبرهيم إلى عائلته ومنزله ".

وعن مراقبة الجهاز ومخاطره، توضح شرف الدين: "نراقب الجهاز كل 3 أشهر للتأكد من عمل الجهاز والبطارية. كما نجحنا في الحصول على جهاز Remote monitoring التي تقيّم عمل الجهاز يومياً وترسل إنذاراً في حال وجود أي مشكلة أو خلل، ويصبح إبرهيم الطفل الثاني في لبنان الذي يحصل على هذه الخدمة التي  قدمتها مجاناً شركة Boston Scientific  وترسل تقارير يومية عن حالته.

ولكون إبرهيم يعاني مشكلتين، الأولى متلازمة فترة QT الطويلة، انخفاض في دقات القلب، وتالياً عليه أن يتناول أدوية لمدى الحياة بالإضافة إلى تغيير الجهاز كل 7 سنوات تقريباً بحسب حالة المريض واستهلاكه ونشاطه اليومي. وهنا يهمنا أن نسلط الضوء على مشكلة أساسية تكمن في عدم توافر بعض هذه الأدوية في لبنان وغير مسجلة في وزارة الصحة. لذلك سنعمل على تأمين الدواء من الخارج، وكلفته عالية (400 ألف ليرة العلبة الواحدة) ويحتاج إليه كعلاج طوال عمره.

إلى جانب هذا العلاج، يتوجب على إبرهيم عدم تناول قائمة ببعض الأدوية التي تشكّل خطراً على قلبه، إضافة إلى اتّباع نمط حياة بعيد عن المجهود الجسدي.

أما المهمة الثانية التي يتحضر لها الفريق الطبي فتكمن في إجراء فحوص لكل أفراد العائلة، فبعد اطّلاعنا على تاريخ العائلة تبين أن أحد أفراد العائلة خضع لزرع جهاز تنظيم ضربات القلب في سن مبكرة، كما أن هناك صلة قرابة بين الوالدين والتي قد تؤدي دوراً في وجود هذه المشكلة.

إذاً، الموضوع اليوم ليس فقط نجاحنا في إنقاذ إبرهيم من الموت وإنما في أهمية التوعية حول كهرباء القلب وإجراء الفحوصات في سن مبكرة في حال وجود تاريخ عائلي لإنقاذ أي شخص من توقف القلب المفاجئ. ونعلم جيداً أن هناك أشخاصاً توفوا نتيجة توقف قلبهم المفاجئ وكان بإمكاننا إنقاذهم لو علمنا مسبقاً بالخلل الموجود والذي يمكن معالجته أحياناً بحبة دواء أو بجراحة. وما يجعلنا نرفع الصوت اليوم، أن خلل كهرباء القلب أحياناً لا ترافقه أعراض وغالباً ما يكون العارض الأول هو الأخير، لذلك من المهم أن نعمل جميعاً للتوعية حول هذا الموضوع منذ الطفولة.

حالات كثيرة سمعنا بها بعد الوفاة، لذلك تكون البداية مع طبيب الأطفال من خلال معرفة التاريخ الطبي للعائلة، وفي حال تبين وجود مشكلة عند أحد أفراد العائلة بكهرباء القلب (كالإغماء- صرع – تسارع في دقات القلب)، وجب إجراء تخطيط قلب وكهرباء القلب للطفل للتأكد من عدم وجود أي خلل.

نسمع مؤخراً عن بعض حالات وفاة لأولاد لم يتخطوا الثامنة، ولهذه الحالة الطبية في هذه السن أسباب جينية أو تشوهات خلقية منذ الولادة. لذلك تكمن أهمية إجراء الفحوص وإنقاذ الأطفال كما الشباب من الموت المفاجئ.

 

 


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم