لماذا قد تنهار خطّة السلام في أوكرانيا؟
يتوجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى قضاء عطلة الأعياد وهو متفائل نسبياً حيال خطته للسلام في أوكرانيا. لكن ينبغي التفتيش كثيراً للحصول على أدلة تدعم تفاؤلاً ولو واقعياً. فالخطة ذاهبة على الأرجح إلى الانهيار، لأن روسيا وأوكرانيا لا تستطيعان تحمل وقف الحرب في الوقت الراهن.
مشكلتان لأوكرانيا
بالنسبة إلى كييف، لا يقدم ترامب ما يستوجب القبول بالخطة. أفرغ الرئيس الأميركي الضمانات الأمنية من أي معنى، والعالم كله تقريباً يتصرف على هذا الأساس. في الواقع، كلما زاد الحلفاء الأطلسيون نسبة إنفاقهم الدفاعي، كما طلب ترامب، ازدادت هشاشة الحلف الأطلسي نفسه.
بالتالي، إذا كانت المادة الخامسة من الميثاق التأسيسي لـ"الناتو" ضعيفة، فكم بالأحرى ضمانات "شبيهة" بتلك المادة. وليست هذه النقطة الأهم لأوكرانيا.
فالمطلوب من كييف الآن التخلي عن المناطق المتبقية من دونيتسك التي لم تستطع روسيا احتلالها، وهي مساحة تقرب من نحو 20 في المئة من أراضي الإقليم. وتضم تلك المساحة المدن الأكبر في المنطقة، ومعها شبكة التحصينات الأكثر تعقيداً.
Thousands of kilometers of defensive fortifications have been built in Ukraine’s frontline regions
— NEXTA (@nexta_tv) December 21, 2025
Defense Minister Denys Shmyhal released a video showing anti-tank ditches, “dragon’s teeth,” and other fortifications stretching for hundreds of kilometers.
According to him, such… pic.twitter.com/OdcBdTp8GC
إذا تخلت أوكرانيا عن "الحزام-الحصن" هذا فستكون معرضة لهجوم روسي في المستقبل. وما يجعل التخلي عن هذه المنطقة أصعب ليس الرفض الشعبي وحسب. فالسيطرة الروسية على كامل دونيتسك تحتاج، بحسب "معهد دراسة الحرب" في واشنطن، إلى ما لا يقل عن عامين، و"بكلفة عظيمة".
ما يقلق بوتين
لا يستطيع الرئيس الروسي وقف الحرب في أوكرانيا لأن إرثه بات مرتبطاً بها. بالحد الأدنى، عليه أن يسيطر على كامل دونباس لادعاء أنه حقق إنجازاً ما. وحتى ذلك لن يكون كافياً. لا إنجازَ فعلياً في حرب دامت أربعة أعوام للسيطرة على نحو 66 في المئة من المنطقة، وذلك بعد 8 أعوام من سيطرة قواته ومواليها على نحو ثلث الإقليم. وهذا من دون الحديث عن الخسائر البشرية التي فاقت التوقعات.
ثم هناك قضية السيطرة على نحو 30 في المئة زابوريجيا وخيرسون اللتين أعلنت روسيا ضمهما في خريف 2022. لهذا السبب، لن تكفي دونباس وحدها طموحات بوتين.
في الصيف الماضي، توقعت مجلة "إيكونوميست" حاجة روسيا إلى نحو أربعة أعوام للسيطرة على المناطق الأربع. مجدداً، ليس هذا مثيراً لحماسة الكرملين. حتى ولو كان بالإمكان تحقيق هذا الأمر في نصف هذه الفترة، تتبقى مخاطر كبيرة أمام الرئيس الروسي.

في النهاية، ستتساءل النخب الروسية عما إذا كانت حرب الأعوام الخمسة أو الستة تستحق كل هذه الخسائر، وأثقلها الفرص المستقبلية الضائعة، من أجل خُمس مساحة أوكرانيا تقريباً.
معلومات حساسة؟
في حديث إعلامي نُشر الاثنين، قال نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس إن القادة الأوكرانيين يتحدثون في مجالسهم الخاصة عن أنهم سيخسرون "على الأرجح" دونباس في نهاية المطاف. قد يتحقق ذلك في غضون عام تقريباً أو ربما أطول، كما قال.
إذا كان التقييم الأوكراني صحيحاً لجهة الفترة المقدرة لخسارة دونباس فقد يسقط واحد من أصعب العوامل التي تعطل مبادرة ترامب. لكن يبقى على الحكومة الأوكرانية التسويق الشعبي المرير لقبولها التخلي عن "الحزام-الحصن" في مقابل إدراكها أنها لن تحصل أمنياً على الكثير.
ومع ذلك، يثير تسريب الأوكرانيين معلومات حساسة إلى إدارة غير متعاطفة معهم علامات استفهام كبيرة. بعكس كل التوقعات، ربما تكشف الأيام – إذا صحت التسريبات – أن أوكرانيا قريبة من القبول بخطة ترامب. لكن كما يقال، فقط إذا.
نبض