خطّة أوروبية لتمويل أوكرانيا ودعم من الناتو... الكرملين: تقدّم الجيش الروسي أثّر في المحادثات
طرحت رئيسة الاتحاد الأوروبي أورسولا فون دير لايين الأربعاء خطة لتوفير 90 مليار يورو (105 مليارات دولار) لأوكرانيا على مدى عامين، لتمكينها من "قيادة مفاوضات السلام من موقع قوة".
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية خلال تقديمها اقتراحات التمويل "نقترح اليوم تغطية ثلثي احتياجات أوكرانيا التمويلية للعامين المقبلين".
وسيموّل القرض إما من خلال عملية اقتراض من الاتحاد الأوروبي أو باستخدام الأصول الروسية المجمّدة في الاتحاد، وهو الخيار الذي أيّدته المفوّضية لكن بلجيكا، العضو الرئيسي، عارضته بشدّة.
وقالت الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي إن الحزمة مكوّنة من 5 اقتراحات قانونية تتضمّن "قرض تعويضات" بضمان الأصول الروسية الموجود أغلبها في بلجيكا وحظر إعادة هذه الأصول المجمدة إلى روسيا.

وشملت الاقتراحات أيضاً ضمانات لقرض التعويضات مصمّمة لحماية أعضاء الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية من إجراءات انتقامية محتملة، وتعديلاً مقترحاً يتيح استخدام ميزانية الاتحاد الأوروبي لدعم قرض لأوكرانيا.
وقالت رئيسة المفوضية خلال تقديمها اقتراحات التمويل "نقترح اليوم تغطية ثلثي احتياجات أوكرانيا التمويلية للعامين المقبلين. ذلك يمثّل 90 مليار يورو (105 مليارات دولار)".
وأوضحت أنّ الثلث المتبقي ينبغي أن يوفّره "الشركاء الدوليون"، مثل بريطانيا وكندا واليابان.
وأضافت فون دير لايين "علينا زيادة كلفة الحرب على عدوان (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين، والمقترح الذي نقدّمه اليوم يتيح لنا الوسائل للقيام بذلك".
وتابعت "بما أن الضغط هو اللغة الوحيدة التي يستجيب لها الكرملين، يمكننا أيضا تكثيفه".
لكن خيار القرض الأوروبي، الذي يتطلب إجماع الدول الأعضاء، يصطدم باعتراض دول عدة ومعارضة جذرية من جانب المجر. ولم تُخفِ المفوضية تفضيلها استخدام الأصول الروسية المجمّدة، لكنها لا تزال بحاجة إلى إقناع بلجيكا.
وتخضع الحصّة الأكبر من هذه الأصول (نحو 210 مليارات يورو) لإشراف مجموعة "يوروكلير" البلجيكية في بروكسل.
وتقول المفوضية إن هذه الأموال، إلى جانب أصول أخرى مجمّدة في دول أوروبية مثل فرنسا، يفترض أن تتيح تمويل "قرض إصلاحي" لأوكرانيا لتأمين ميزانيتها وتمويل جيشها خلال العامين المقبلين.
لكن بلجيكا ما زالت غير مقتنعة.
وقال وزير الخارجية ماكسيم بريفو الأربعاء إن هذه الخطوة تمثّل "أسوأ الخيارات" و"لا تقد إجابات عن مخاوفنا".
وحاولت فون دير لايين تبديد تلك المخاوف قائلة "طلبت بلجيكا آلية متينة وتقاسما للأعباء، وقد استجبنا لذلك من خلال وضع هذه الآلية وضمان وجود كفالة قوية".
بدورها، اعتبرت وزارة الخارجية الألمانية أن روسيا لا تسعى إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا عبر التفاوض، وذلك غداة اجتماع بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف.
وكتبت عبر منصّة "إكس": "نرحّب بكل المناقشات الرامية إلى إنهاء حرب روسيا العدوانية على أوكرانيا. ببساطة، لا نرى في الوقت الحالي أي تحوّل في موقف روسيا التفاوضي".
قبل ساعات قليلة من اجتماع الثلاثاء، جدّد الرئيس الروسي إطلاق تحذيرات للأوروبيين، مُتهماً إيّاهم بمحاولة "عرقلة" جهود واشنطن لإنهاء الصراع، ومعلناً استعداده للحرب إذا ما أرادتها أوروبا على حد قوله.
ردّ المُتحدث باسم الحكومة الألمانية ستيفن ماير في مؤتمر صحافي معتبراً أن "هذا الخطاب العدواني من روسيا ليس جديداً علينا".
وأشار إلى أن الدول الأوروبية "تعيش معاً في سلام"، بينما "تقصف روسيا المدنيين كل ليلة" في أوكرانيا.
الكرملين
من جهّته، أعلن الكرملين أن طموح أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) يشكّل "مسألة أساسية" في المحادثات التي جرت في موسكو بين روسيا ووفد أميركي رفيع، من دون أن تفضي إلى أي اختراق.
وقال كبير المساعدين في الكرملين يوري أوشاكوف خلال إيجاز صحافي إن مشاركة كييف في الحلف كانت "إحدى المسائل الأساسية، وقد نوقشت".
واعتبر أن المكاسب الميدانية التي حقّقها الجيش الروسي في الأسابيع الأخيرة على الجبهة قد "أثّرت" في المحادثات حول أوكرانيا.
وقال أوشاكوف لصحافيين إن "نجاحات الجيش الروسي في الأسابيع الأخيرة في ساحة المعركة أثّرت في سير المفاوضات وطبيعتها".

دعم من الناتو
من جهّتها، أعلنت بلدان عدّة في حلف شمال الأطلسي (ناتو) الأربعاء مساعدة عسكرية إضافية لأوكرانيا تفوق قيمتها مليار يورو، داعية روسيا إلى وقف تهديداتها وخوض مفاوضات جدّية مع كييف.
وقال الأمين العام للحلف مارك روته الأربعاء إن "محادثات السلام جارية وهذا أمر جيّد، لكن لا بدّ لنا من أن نحرص خلال انعقادها وحتّى من دون أن نعلم متى ستنتهي على أن تكون أوكرانيا في أقوى وضع ممكن لمواصلة القتال".
وندّد عدّة وزراء بغياب نيّة التوصّل إلى سلام عند الجانب الروسي في أعقاب المحادثات التي عقدت في موسكو.
واعتبرت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر أنه "ينبغي أن يتخلّى الرئيس بوتين عن عنجهيّته ويتوقّف عن إراقة الدماء ويكون مستعدّا للجلوس على طاولة المفاوضات لدعم سلام عادل وشامل في أوكرانيا".
واعتبرت وزيرة خارجية لاتفيا بايبا براجا أنه من الأجدى "عدم الإنصات لبروباغندا" الكرملين.
وقال وزير خارجية ليتوانيا كيستوتيس بودريس لدى وصوله إلى بروكسل إن الروس "غير مهتمّين بتاتاً لا بوقف لإطلاق النار ولا باتفاق سلام"، داعيا الحلفاء في الناتو إلى دعم أوكرانيا.
وأعلنت بلدان عدّة في الحلف، من بينها النروج وبولندا وألمانيا، الأربعاء عن نيّتها شراء أسلحة أميركية بقيمة حوالى مليار يورو لصالح أوكرانيا.
وتندرج هذه المشتريات في إطار برنامج "بورل" الذي يقضي الغرض منه تزويد أوكرانيا بأسلحة أميركية بتمويل من الدول الأوروبية. وقد حشد البرنامج حوالى أربعة مليارات يورو.
وتعهّدت كندا بدورها دفع 200 مليون يورو، فيما أعلنت هولندا الإثنين عن نيّتها تقديم مبلغ 250 مليون يورو.
وتواجه فرنسا التي لا تشارك في هذا البرنامج ضغوطات من الشركاء، وعلى رأسهم ألمانيا وهولندا، للمساهمة بشكل أكبر في الدعم العسكري المقدّم لأوكرانيا.
نبض