ثلاثة آثار محتملة اقتصادية وعسكرية وأمنية لتفعيل آلية الزناد ضد إيران

ايران 02-10-2025 | 19:08

ثلاثة آثار محتملة اقتصادية وعسكرية وأمنية لتفعيل آلية الزناد ضد إيران

يصل القلق إلى حد أن وزير الاقتصاد الإيراني، الذي تم تعيينه حديثاً، أعلن أنه ليس له دور في السيطرة على سعر العملة.
ثلاثة آثار محتملة اقتصادية وعسكرية وأمنية لتفعيل آلية الزناد ضد إيران
ايرانيان أمام صراف آلي لسحب نقود.(أف ب)
Smaller Bigger


بعد فترة طويلة من التكهنات والتخمينات المختلفة حول آلية الزناد أو  (Snapback)، أي عودة العقوبات الأممية ضد إيران، تم تنفيذ هذه الآلية اعتباراً من 28 سبتمبر/أيلول، بهدف - حسب زعم الولايات المتحدة وأوروبا - منع تطور الأنشطة النووية الإيرانية! وذلك في الوقت الذي تقول واشنطن إنها دمرت المنشآت النووية الإيرانية في هجوم على تلك المنشآت في يونيو/حزيران الماضي. ويقول المسؤولون الإيرانيون إن آلية الزناد تُنفذ ظاهريًا وبحجة الأنشطة النووية الإيرانية، لكن الهدف الرئيسي منها هو إضعاف نظام الجمهورية الإسلامية. كما يدعون أن "آلية الزناد" لن يكون لها تأثير كبير على الاقتصاد الإيراني مقارنة بعقوبات الولايات المتحدة.
لكن من مجموع الآراء المنتشرة في المجتمع الإيراني والمواد المنشورة في وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، يمكن فهم أن هناك ثلاثة مخاوف وقلقاً رئيسياً وجدياً هذه الأيام بشأن الآثار المحتملة لتنفيذ آلية الزناد أو "الإرجاع السريع"، وهي:

1-القلق الاقتصادي: هل يؤدي الزناد إلى انهيار معيشي جديد؟
رغم أنه لم يتضح بعد للشعب الإيراني كيف سيؤدي تنفيذ آلية الزناد عملياً إلى قيود ومشكلات في حياة الناس في إيران، إلا أن سعر العملات الأجنبية، خاصة الدولار، شهد ارتفاعاً غير مسبوق في الأيام القليلة الماضية، حيث تجاوز 110 آلاف تومان، كما تجاوز سعر الذهب حدود 10 ملايين تومان للغرام الواحد. وقد أثر هذا الارتفاع  على أسعار جميع السلع الاستهلاكية والخدمات اليومية للناس، على سبيل المثال، تجاوز التضخم في أسعار المواد الغذائية في إيران 50%. 

 

 

 

 

 

ايرانيون في أحد شوارع طهران. (أف ب)
ايرانيون في أحد شوارع طهران. (أف ب)

 

ويقول المسؤولون الاقتصاديون إن ارتفاع سعر الدولار والذهب أمر نفسي وعابر، لكن خلافاً لهذا الادعاء، فإن البنك المركزي الإيراني، الذي بدأ منذ بضعة أشهر في بيع مسبق للعملات الذهبية، اعتمد هذه الأسعار الجديدة كأساس لتسعيره، ما يدل على أن الحكومة الإيرانية أيضًا تعترف بانخفاض قيمة العملة الوطنية والقفزة في الأسعار. كما أن السوق غير مبالٍ بتصريحات المسؤولين الحكوميين، ويعاني من اضطراب، حيث ارتفعت أسعار جميع السلع تأثراً بسعر الدولار. ويصل القلق في هذا الصدد إلى حد أن وزير الاقتصاد الإيراني، الذي تم تعيينه حديثاً، أعلن أنه ليس له دور في السيطرة على سعر العملة، وأن المسؤولية تقع على عاتق البنك المركزي.


 بالطبع، يجب القول إن الأسواق في إيران لا تواجه أي نقص حقيقي، وجميع أنواع السلع والخدمات متوفرة فيها. وقالت الحكومة الإيرانية إنها لن تسمح في هذه الظروف لأي شخص بإثارة مشكلات في حياة الناس بغرض الربح، وستحاول السيطرة على شبكة الإنتاج والتوزيع، والحفاظ على الأسعار عند مستويات معتدلة. أمر آية الله خامنئي (المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران) الحكومة الإيرانية قبل شهر بتوفير كميات كافية من السلع الأساسية للبلاد، والحفاظ على أسعار ما لا يقل عن 10 سلع أساسية ومطلوبة للناس ثابتة. كما حذرت السلطة القضائية الإيرانية من أنها ستتعامل قانونياً مع أي شخص يحاول تهديد الأمن الاقتصادي للناس.
وتظهر التجارب السابقة أن هذه التدابير والتهديدات ليست غير مؤثرة في المدى القصير، لكن في المدى المتوسط، تؤثر آلية السوق، وبحسب آدم سميث "اليد الخفية للسوق"، على اقتصاد البلاد ومعيشة الناس، ولهذا السبب يقلق الكثير من الناس من تفاقم المشكلات الاقتصادية الناتجة عن تشديد العقوبات.

2- القلق من حرب جديدة: هل يكون الزناد شرارة لصراع عسكري؟
بالتزامن مع تنفيذ آلية الزناد، يوجد قلق جدي وشائع في إيران من أن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هذا مقدمة لحرب جديدة ضد إيران. ويعتقد البعض أن إسرائيل لم تحقق جميع أهدافها في الحرب التي استمرت 12 يوماً (تشير إلى الصراع العسكري الأخير بين إسرائيل وإيران أو الجماعات المدعومة منها في المنطقة)، وربما تبدأ حرباً جديدة لتحقيق أهدافها المتبقية. في هذا السياق، يُقال إن الهدف الرئيسي لإسرائيل من الحرب السابقة كان إسقاط الجمهورية الإسلامية، وفي هذا الإطار كانت تنوي اغتيال القائد والمسؤولين السياسيين الرفيعي المستوى في إيران، لكنها فشلت، وربما تسعى إلى هذه الأهداف في الحرب المقبلة. ويصل هذا القلق في إيران إلى حد أن المسؤولين العسكريين وغير العسكريين يعلنون باستمرار عن جاهزية إيران العسكرية لمواجهة قاطعة ومدمرة لأي اعتداء على إيران، ويحاولون تهدئة المجتمع. فإن هذا الجو من القلق من بدء حرب جديدة قد أدى إلى تعليق الاقتصاد الإيراني أيضاً. وهذه حقيقة حذر منها آية الله خامنئي الشهر الماضي، قائلًا إنه يجب تجاوزها، وأن البلاد لا يجب أن تبقى في حالة تعليق بين الحرب والسلام. لكن يبدو أن هناك مسافة حتى تحقيق استقرار حقيقي وهدوء نفسي عام لا يوجد فيه قلق من بدء حرب جديدة. ربما يمكن لبعض القرارات المهمة والمختلفة للحكومة في المستقبل، مثل اتفاق محتمل مع الولايات المتحدة، أن يخلق هذا الاستقرار. ويُعتبر قرار مجمع تشخيص مصلحة النظام (هيئة إيرانية عليا مسؤولة عن حل النزاعات بين البرلمان والمجلس الدستوري) يوم الأربعاء الماضي بانضمام إيران إلى اتفاقية مكافحة تمويل الإرهاب المعروفة بـ"باليرمو" (اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، والتي تشمل جوانب مكافحة تمويل الإرهاب كجزء من متطلبات مجموعة العمل المالي FATF خطوة إيجابية في هذا الاتجاه.

3- القلق من زيادة السخط العام: هل يؤدي الضغط إلى ثورة شعبية؟
القلق الأخير من تنفيذ آلية الزناد هو زيادة السخط العام من أداء الحكومة، وبدء احتجاجات اجتماعية جديدة، خاصة من قبل الطبقات الفقيرة والضعيفة اقتصاديًا. في إيران، يعيش أكثر من 15 مليون شخص في أطراف المدن، ولا يتمتعون بمستوى رفاه جيد. يقلق من هذه المسألة مجموعتان: المجموعة الأولى هم الذين يعارضون أي عدم استقرار أو فوضى أو شغب، والمجموعة الثانية هم مؤيدو الحكومة، الذين يقلقون بشدة من أن يؤدي الوضع المعيشي السيئ وعمليات الحرب النفسية من وسائل الإعلام المعارضة للجمهورية الإسلامية وبعض الأخطاء الحسابية إلى دفع المجتمع نحو الاحتجاج والإضراب والتظاهرات. يعتقد المتخصصون في الشؤون الأمنية أن هذا السيناريو يكمل تماماً خطة إسرائيل في الحرب التي استمرت 12 يوماً الماضية. بحيث كانت إسرائيل والولايات المتحدة تتوقعان أن يخرج الناس الغاضبون من سياسات الجمهورية الإسلامية إلى الشوارع مع الهجوم العسكري على إيران، ويثورون ضد النظام السياسي، وتستفيد إسرائيل من هذا الجو لتحقيق أهدافها، لكن في الواقع، فشل هذا الهدف بسبب معارضة الشعب الإيراني للحرب والعدوان العسكري، والآن تنتظر إسرائيل تجربة حظها مرة أخرى مع زيادة الضغوط الاقتصادية على الناس وعدم تنفيذ مطالب الناس في الأشهر التالية للحرب وزيادة السخط. يقول العديد من الخبراء إن هذه الخطة  قد تنجح إذا لم تتمكن الحكومة الإيرانية من الرد على توقعات ومطالب الناس في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، أو إذا اتخذت قرارات خاطئة بسبب تحليلات وحسابات خاطئة. بحسب المتخصصين في علم الاجتماع والعلوم السياسية، فإن أهم عقبة أمام فشل خطط إسرائيل ضد إيران هو وجود التماسك والتضامن الوطني، الذي يفوق قوة الردع العسكري بكثير، وهذا الأمر يعتمد أكثر من أي شيء آخر على أداء الحكومة في الأيام المقبلة.
في الختام، يمكن القول إن إيران أمام أيام وأسابيع مهمة، وأحداث وحوادث كبيرة تنتظرها.

 
العلامات الدالة

الأكثر قراءة

اقتصاد وأعمال 10/7/2025 5:24:00 AM
سترتفع كلفة تسديد مفاعيل التعميمين من نحو 208 إلى 260 مليون دولار شهريا، بزيادة نحو 52 مليون دولار شهريا
لبنان 10/6/2025 11:37:00 PM
افادت معلومات أن الإشكال بدأ على خلفية تتعلق بـ "نزيل في فندق قيد الإنشاء تحت السن القانوني في المنطقة".
لبنان 10/7/2025 1:21:00 PM
 النائب رازي الحاج: ابتزاز علني لأهل المتن وكسروان وبيروت
لبنان 10/7/2025 1:51:00 PM
في اتصال لـ"النهار" مع وكيل هذه العائلات المحامي محمد حبلص أكد أن ملف هذه العائلات يحظى بمتابعة من الوزير الحجار واللواء شقير "على عكس التجارب السابقة مع مسؤولين آخرين"