"جدار مسيّرات" أوروبي لصد توغّلات روسيا... وخطوة أولى من ألمانيا

ناقش زعماء الاتحاد الأوروبي في كوبنهاغن إقامة "جدار طائرات مسيّرة" لحماية القارة من المسيّرات الروسية، وذلك بعد أيام فقط من اختراق طائرات مسيّرة مجهولة مجاله الجوي، ما أدّى إلى إغلاق مطارات دنماركية.
وتعهّدت دول أوروبية عدّة بتخصيص قوّات وأنظمة مضادّة للطائرات المسيّرة لمساعدة الدنمارك في حماية قمّة الاتحاد الأوروبي اليوم الأربعاء. وحظرت الدنمارك تحليق جميع الطائرات المسيّرة في أجوائها حتى يوم الجمعة.
واتّهم كثير من الزعماء روسيا بارتكاب انتهاكات صارخة للمجال الجوي الأوروبي من خلال توغّلات لطائرات مسيّرة فوق بولندا وطائرات مقاتلة فوق إستونيا في الآونة الأخيرة.
وقال رئيس الوزراء الفنلندي بيتري أوربو لدى وصوله "ستستمر روسيا في ذلك، وعلينا أن نكون مستعّدين، وعلينا أن نعزّز استعدادنا"، معبّراً عن دعمه لجدار الطائرات المسيّرة، وهو شبكة من أجهزة الاستشعار والأسلحة لرصد الطائرات المسيّرة وتعقّبها وتحييدها.
ولم تفصح الدنمارك عن الجهّة التي تعتقد أنّها مسؤولة عن الحوادث التي وقعت في مجالها الجوي الأسبوع الماضي والتي عطّلت حركة الطيران في مطارات عدّة، لكن رئيسة الوزراء مته فريدريكسن أشارت إلى أن موسكو قد تكون المسؤولة.
وقالت للصحافيين "هذا هو النمط الذي يتعيّن علينا ملاحظته، وفي رأيي أن هذا النمط في الأساس حرب هجينة على أوروبا، وهذا ما نحتاج إلى الرد عليه".
الأصول الروسية المجمّدة
والاجتماع هو أيضاً أول فرصة لقادة دول الاتحاد الأوروبي، وعددها 27، لمناقشة اقتراح لاستخدام الأصول الروسية المجمّدة في أوروبا لتمويل قرض كبير لأوكرانيا.
ومع وصولهم إلى القمّة، عبر بعض القادة عن دعمهم القوي للفكرة، في حين كان آخرون أكثر حذرا.
روسيا تنفي
بدورها، نفت روسيا مسؤوليتها عن تحليق طائرات مسيّرة فوق الدنمارك، ونفت كذلك أن تكون طائراتها المقاتلة دخلت المجال الجوي الإستوني، وقالت إنّها لم تكن تنوي إرسال طائرات مسيرّة إلى بولندا.
لكن هذه الحوادث دفعت الزعماء الأوروبيين إلى تكثيف الدعوات لتعزيز دفاعات القارة وزيادة الدعم لأوكرانيا في مواجهتها الغزو الروسي.
وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي بتحمّل مزيد من المسؤولية على كلتا الجبهتين.
وكانت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين طرحت فكرة جدار الطائرات المسيّرة الشهر الماضي بعد أن دخلت نحو 20 طائرة روسية مسيّرة المجال الجوي البولندي على الرغم من أن المسؤولين يقولون إن العمل على فكرة الجدارة كان جاريا قبل ذلك الوقت.
ثغرات
لم تقدّم المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد، خطّة مفصّلة لجدار الطائرات المسيّرة حتى الآن، تاركة أسئلة عن التكلفة والجوانب العملية من دون إجابة.
لكن الأمين العام لحلف حلف شمال الأطلسي مارك روته أشاد بالفكرة أمس الثلاثاء ووصفها بأنّها "جاءت في الوقت المناسب وضرورية".
وذكر مسؤولون ومحلّلون أن التوغّل في بولندا كشف عن ثغرات في قدرة أوروبا على الدفاع في مواجهة توغّل الطائرات المسيّرة.
وردّت قوّات حلف شمال الأطلسي بنشر طائرات مقاتلة وطائرات هليكوبتر ومنظومة دفاع جوي من طراز باتريوت وأسقطت عدداً من الطائرات المسيّرة.
وانتقد المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الخطط الأوروبية لإقامة جدار طائرات مسيّرة. وقال للصحافيين أمس "يظهر التاريخ أن إقامة الجدران دائماً ما تكون سيئة".
"تهديد متزايد"
في السياق، أكّد وزير الداخلية الألماني أن "المركز المضاد للطائرات المسيّرة" الذي تعتزم بلاده إنشاءه يهدف إلى مواجهة "التهديد المتزايد" الذي تمثّله هذه الأجهزة، في أعقاب رصد تحليق فوق مواقع حسّاسة في شمال البلاد، بحسب وسائل إعلام محلية.
وقال ألكسندر دوبريندت عقب اجتماع حكومي في برلين إن "المركز المشترك للدفاع ضد الطائرات المسيّرة" سيتيح "تبادل المعلومات، تحليل التهديدات، تقييم المخاطر وتنسيق التدابير العملياتية".
وأضاف الوزير أن ألمانيا يجب أن "تتجهّز بما يلزم في مواجهة هذا التهديد الجديد المتنامي".
وكان قد أعلن السبت إنشاء هذا المركز "في فترة وجيزة"، بالاعتماد على "بنى قائمة".
وأشار أيضاً إلى أنّه ينوي تعديل قانون أمن الطيران بما يتيح للقوات المسلّحة "إسقاط" هذه المسيرات، بعد رصد "سرب" من الطائرات المسيّرة الجمعة فوق ولاية شليسفيج هولشتاين المحاذية للدنمارك.
وبحسب مجلة "دير شبيغل"، فقد شوهدت مسيّرات فوق محطّة كهرباء والمستشفى الجامعي في مدينة كيل ومقر الحكومة الإقليمية في المدينة نفسها، إضافة إلى موقع يتبع للفرع البحري لشركة "تيسنكروب" الصناعية العملاقة، مساء الخميس.
ورُصدت طائرات مسيّرة فوق موقع للجيش الألماني في سانيتس ومقر للقيادة البحرية في روستوك بشمال البلاد، وفق المصدر نفسه.
وتقع المنطقة على الحدود مع الدنمارك. وقال دوبريندت الأربعاء إن "تقييم" الحوادث في شليسفيج هولشتاين أظهر أن كثيراً من هذه التحليقات كانت "استفزازية"، مشدّداً على ضرورة أن تكون هناك "استجابة مناسبة لكل تهديد محدّد".