‘الهوس‘ بقاعدة باغرام... مأزقٌ لترامب في أفغانستان؟

ودار التاريخ دورته.
سنة 2019، زار الرئيس الأميركي دونالد ترامب قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان حين كانت المفاوضات مع "طالبان" متأرجحة. بعد ستة أعوام، يريد ترامب استعادة القاعدة.
بحسب مصادر "سي إن إن"، بدأت المفاوضات مع "طالبان" بشأن هذا الطلب منذ آذار/مارس الماضي. تريد واشنطن مراقبة الصين التي تبعد عن القاعدة نحو 800 كيلومتر والوصول إلى العناصر الأرضية النادرة واستهداف داعش، بحسب المصادر نفسها.
"أمور سيئة"
تحدث ترامب عن أهمية القاعدة، في الأسبوع الماضي وحسب، ثلاث مرات. ووصفها بأنها "من الأضخم" حول العالم. كذلك، تحدث عنها في حملته الانتخابية الأخيرة.
مثّل انسحاب أميركا المبكر من تلك القاعدة في تموز/يوليو 2021 حدثاً بأبعاد رمزية واستراتيجية. تقع القاعدة على بعد 70 كيلومتراً شمال كابول وبناها بداية الاتحاد السوفياتي في الخمسينات، قبل أن تصبح مقر القيادة المركزية للقوات الأميركية خلال احتلالها للبلاد.
تم إخلاء القاعدة تحت جنح الظلام مما أحبط معنويات القوات الأفغانية، بعدما أدركت استحالة الحصول على مساعدة عسكرية جوية. عجّل ذلك انهيار حكومة كابول مع انهيار جيشها.
رفضت "طالبان" على لسان عدد من المسؤولين طلب ترامب، ووصفته بـ "المستحيل". جاء ذلك بالرغم من وعيد ترامب بحدوث "أمور سيئة" في حال عدم تلبية مطلبه. لكن سجل ترامب مع "طالبان" في المفاوضات يمنحها بعض أوراق القوة.
هذه أبرزها
صحيح أن إدارته الأولى أطلقت تهديدات كثيرة ضد مقاتلي الحركة بشأن الالتزام بالمفاوضات، لكنها غالباً ما كانت تهديدات موقتة. فقد سمح ترامب للحركة باتباع "استراتيجية القتال والحوار" بالتوازي مع خفض عدد قواته، كما لم يشرك الحكومة الأفغانية السابقة في المفاوضات.
علاوة على ذلك، ثمة الكثير من الغموض بشأن البدائل أمام الولايات المتحدة. من غير المرجح أن تقوم واشنطن بإعادة احتلال القاعدة، لأن ذلك سيتطلب عشرات آلاف الجنود وجهداً كبيراً لإصلاحها وإمدادها، فقط كي تنتهي عند كونها مقراً أميركياً محاصراً في البلاد، بحسب ما نقلته "رويترز" عن مسؤول أميركي.
كما أن قصفاً "تأديبياً" لبعض مراكز الحركة أو قادتها لن يؤدي إلى تغيير جوهري على الأرض. وبينما ترغب "طالبان" بفك عزلتها عن العالم، من المستبعد أن تقبل بإعادة نشر قوات أميركية في القاعدة مقابل حصولها على بعض التمويل. في الواقع، تبدو المخاوف معكوسة.
كيف؟
كان ترامب قد ذكر بشكل محدد أن القاعدة قريبة من المنشآت النووية الصينية. ربما قصد الرئيس الأميركي مقر "لوب نور" لاختبار الأسلحة النووية والذي يقع في مقاطعة شينجيانغ على بعد ألفي كيلومتر من الحدود.
قد يشكل هذا المقترح نقطة توتر جديدة بين الولايات المتحدة والصين. في جميع الأحوال، وبحسب المعلق العسكري من "مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات" بيل روجيو، "حتى لو درست طالبان هذا (الطلب)، من شبه المؤكد أن تقوم الصين بكل ما بوسعها لإغراء طالبان كي تبقي الولايات المتحدة خارج أفغانستان، ولديها من النفوذ والإغراءات ما هو أكبر بكثير لجعل ذلك يحدث". وتخوف روجيو من تقديم الإدارة تنازلات للحركة بدون أي مقابل فعلي.
في المحصلة، يخاطر ترامب بوضع نفسه في موقف صعب عبر إطلاقه تهديدات سرعان ما ستتبخر: إما بفعل غياب القدرة، أو النية، على إقرانها بالفعل.