السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

أي طبيعة استهدافية لاغتيال "مختلف"؟ تغييب للحواريين مع شطح المتحمّس للحياد

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

يعز على كثيرين من معارف الوزير السابق الدكتور محمد شطح ومحبيه افول سنة 2013 بغيابه بعملية اغتيال تشكل شاهدا اضافيا ليس فقط على مدى المخاطر التي كان يتحسسها ويخشى منها على لبنان منذ بعض الوقت بل على تضاؤل هامش الاعتدال وقبول الآخر مجددا. اذ يستعيد اغتيال الدكتور شطح فصلا من فصول ازمة سياسية كانت طويت مبدئيا مع طي صفحة الاغتيالات التي طاولت قيادات ورموزا في قيادات قوى 14 اذار والتوصل الى وفاق سياسي برعاية اقليمية ودولية، على رغم اعتبار كثيرين ان هذا الفصل لم يطو في الواقع بل استعاد زخمه مع اغتيال اللواء وسام الحسن العام الماضي. الا ان التمايز بين الاغتيالين الآثمين يتمثل في حقيقة ان اللواء الحسن شخصية اثارت اشكاليات من حيث موقعها ودورها الامنيان، فيما الدكتور شطح شخصية سياسية فكرية تتميز بواقعية وموضوعية متحررة من ضغوط الموقع السياسي وقادرة على التوجه نحو حلول سياسية تستدعي تدوير الزوايا وتضييق الهوامش من دون اقرار باحتمال التسليم للعجز السياسي او الديبلوماسي ومستعدة لتفهم الآخرين بالتحليل السياسي المعتدل والواقعي. وشخصية حوارية وغير صدامية على مثال الدكتور شطح وانفتاحه المعترف به حتى من خصوم تيار المستقبل لا تستدعي في المبدأ عملية اغتيال لم يصدق كثر انها استهدفت المستشار السياسي والديبلوماسي لرئيس الحكومة السابق سعد الحريري ورجحت فور شيوع نبأ الاغتيال وجود خطأ في تسمية المستهدف من وراء التفجير الذي وقع قرب مبنى ستاركو في وسط بيروت او وجود خطأ في المستهدف في العملية الارهابية نظرا الى تعذر قبول ان شخصية مماثلة غير ذات موقع سياسي او زعاماتي خاضع للمنافسة قد تتعرض الى اغتيال بتفجير ارهابي. من هنا اكتساب الاغتيال طابع الرسالة السياسية من حيث استهداف شخصية لعلها من الاقرب من حيث موقعها الى كل من الرئيسين الحريري وفؤاد السنيورة وتوجيه ضربة قوية الى تيار المستقبل مباشرة لهذه الجهة كما لجهة كون شطح شخصية حوارية معتدلة، فيما المطلوب قد يكون يذهب في اتجاه القضاء على هذا الخط والنهج راهنا في لبنان.


في آخر ندوة حوارية شارك فيها الدكتور شطح وتناولت موضوع حياد لبنان برعاية السفارة السويسرية، وهو كان من ابرز المنظرين المتحمسين بقوة لضرورة تحييد لبنان عبر تنفيذ القرار 1701 الذي من شأنه ان يحمي حدود لبنان ليس مع اسرائيل فقط بل مع سوريا ايضا مما قد يساعد الدولة اللبنانية على اقفال باب الحدود الذي تعبر منه رياح الفتنة والحرب على لبنان وتشرعه لمخاطر كان يخشى منها شطح ويحذر منها في كل مناسبة، دافعا في اتجاه اقفال الباب ايضا على كل الذرائع التي يرفعها خصوم التيار من اجل تبرير مشاركة " حزب الله" في الحرب السورية بالاستناد الى ما يقال انه سابقة تدخل التيار هناك. كان مرتاحا لفكرة ان تحييد لبنان بات مطلبا مدعوما من الداخل والخارج في الوقت الذي كانت الفكرة مستهجنة في ابان الحرب الداخلية. وهو كان من ابرز المتحمسين لمؤتمر الدول الداعمة للبنان الذي انعقد اخيرا في نيويورك من منطلق انه قد يساعد لبنان على الصمود في ظل ما يواجهه والمساعدة على استقراره النسبي عبر دعم الجيش ومؤسساته الدستورية من دون ان يخفي خوفه من المخاطر التي شرع تدخل " حزب الله" في الحرب السورية لبنان عليها. وكذلك من دون ان يخفي مخاوفه الكبيرة من طموح ايران الى شرعنة سيطرتها ونفوذها على لبنان، كما فعل النظام السوري عبر تنازلات للغرب في ملفها النووي بما يسمح لـ "حزب الله" برفع سقف شروطه والضغط لفرض اجندته.
ما يمكن ان يفتح عليه اغتيال شطح الديبلوماسي والاقتصادي والسياسي المتعدد الافق في هذه المجالات جميعها هو التساؤلات الكبيرة حول ما اذا كان هذا الاغتيال فاتحة او بداية لمجموعة من الاغتيالات الجديدة كما حصل في العام 2004 حين استهلت سلسلة الاغتيالات بمحاولة اغتيال النائب مروان حماده والتي اعقبها اغتيال الرئيس رفيق الحريري كما اي رسالة سياسية محددة بهذه العملية راهنا ولاهداف معينة. ذلك ان هذا الاغتيال لا يمكن ربطه في سياق التفجيرات التي حصلت في مناطق " حزب الله" والتي استهدفته مباشرة او استهدفت مناطق سيطرته وتاليا لا يمكن ان تشكل جزءا من حربه او مواجهته مع من يسميهم التكفيريين في سوريا ثم في لبنان. كما يتعذر ادراج الاغتيال في خانة الاعتداءات التي تطاول الجيش اللبناني وتهز الاستقرار النسبي، خصوصا ان من يقوم بها هو من الاسلاميين الذين يتهم تيار المستقبل بحمايتهم وفقا لما يعلنه خصومه. بل ان الانطباع الغالب انه استهداف مختلف ليس واضحا بالنسبة الى المراقبين السياسيين اذا كان يأتي على خلفية استخدام لبنان ساحة لتوجيه رسائل اقليمية ضاغطة موازية للضغوط الجارية على صعد عدة بين محاور متناحرة في المنطقة ام هو يأتي ايضا من ضمن البدء للاعداد للاستحقاقات الدستورية اللبنانية، تماما كما حصل لدى استهداف عدد كبير من البرلمانيين بعد 2005 بهدف تقليل نسبة الاكثرية التي كانت مرجحة لقوى 14 آذار وتاليا منعها من انتخاب رئيس للجمهورية بالاستناد الى هذه الاكثرية او على خلفية لي ذراع تيار المستقبل في اطار رسالة ضمن الصراع الاقليمي من جهة ودفعه نحو القبول بخيارات سياسية يتعذر قبولها من دون ضغط امني او عسكري.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم