الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

"حزب الله" يضع 14 آذار بين خيارين: إما الاستسلام خوفاً على لبنان أو التصدّي

اميل خوري
A+ A-

السؤال المهم الذي باتت الضرورة الوطنية والمصلحة اللبنانية العامة تفرضان طرحه على قادة "حزب الله"، بعد تكرار تهديداتهم وتحذيراتهم لرئيس الجمهورية وللرئيس المكلف ولشركائهم في الوطن وعلى الاخص قوى 14 آذار، وقد بلغت حد التخوين إذا ما أقدموا على تشكيل حكومة لا ترضيهم أو انتخبوا رئيساً للجمهورية لا يعجبهم، أو إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون يعتبرونه غير منصف وغير عادل، أو عارضوا حرباً على اسرائيل ساعة يشاؤون، او شاركوا في حرب كما يفعلون في سوريا وربما في غيرها، هذا السؤال هو: هل يعيش قادة "حزب الله" في دولة لها دستورها ونظامها وقوانينها ومؤسساتها أم يعيشون في دولتهم وعلى الآخرين فيها الخضوع كما يقررون وإلا فليرحلوا عنها؟


اذا كان قادة "حزب الله" يؤمنون بالدستور ويحترمون احكامه ويحتكمون للمؤسسات عند حصول خلافات، فما عليهم سوى حجب الثقة عن أي حكومة لا تعجبهم، وعدم التصويت على أي مشروع للحكومة غير مقبول منهم، وإذا كانوا ضد من تنتخبه الأكثرية النيابية رئيساً للجمهورية، فما عليهم سوى مقاطعة المشاركة في الحكومة وحتى مقاطعته وجعل مجلس النواب المكان الطبيعي للمواجهة وتعبئة الاجراءات الشعبية ضده، وإذا كان قانون الانتخابات لا يعجبهم فما عليهم سوى مقاطعة الانتخابات كي يأتي مجلس النواب غير ممثل تمثيلا صحيحاً لشتى فئات الشعب، لا بل يمكنهم وهم يمثلون الغالبية في طائفتهم ان ينزعوا عن الحكومات طابعها الميثاقي.
هذا ما كان يحصل في الماضي عندما كان في لبنان معارضة وموالاة وعندما كان الجميع يحترمون الدستور ويحتكمون في خلافاتهم للمؤسسات ويرفضون المشاركة في حكومة يكون برنامج عملها مخالفاً لبرنامجهم. ولم تكن المعارضة تشارك في الحكومة لا لشيء سوى للمشاكسة والمناكفة وتعطيل قراراتها كما يحصل اليوم. ولم يكن النواب يقاطعون جلسات انتخاب رئيس الجمهورية بل كانوا يحضرونها ويصوتون للمرشح الذي يريدون أو يسقطون ورقة بيضاء في صندوق الاقتراع.
اما إذا ظل قادة "حزب الله" يهددون بالشارع وبـ7 أيار، بطبعة جديدة، كلما لم يعجبهم تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس للجمهورية أو متى قرروا الدخول في حروب خارجية بمعزل عن رأي الدولة وحملوا الشعب عواقب ذلك، فإنهم يضعون شريكهم في الوطن بين خيارين: إما الرضوخ والاستسلام لكل ما يقررونه فلا يبقى عندئذ شركاء في الوطن بل شريك واحد له وحده القرار، وإما أن يحمل السلاح مثله ويواجهه في الشارع فتقع الفتنة عندئذ التي قد يزول معها لبنان الواحد شعباً وارضاً ومؤسسات.
الواقع ان "حزب الله" بخطابه الفوقي والاستفزازي المستمر كأنه يقول لقوى 14 آذار ان تختار بين الاستسلام له او الحرب. والاستسلام معناه القبول بتشكيل الحكومة التي يريد وهو ما فعله منذ العام 2007 الى الآن، والقبول بالمرشح الذي يريد رئيساً للجمهورية، وبقانون الانتخاب الذي يريد كي يضمن الفوز بالاكثرية النيابية، وان يحارب اسرائيل ساعة يشاء ويهادنها ساعة يشاء، وان ينفذ ما يريد من القرارات ولا ينفذ ما لا يريد، وان يرسل عناصره للقتال الى حيث يريد وما على الطرف الآخر، وإن كان شريكاً له في الوطن، سوى القول "سمعاً وطاعة".
لقد بات على 14 آذار ان تقرر إما الاستمرار في سياسة الصمود في وجه "حزب الله" ومن معه في انتظار التطورات التي تغير دور الحزب وتجعله شريكاً مساوياً ومتساوياً لشريكه الآخر في الوطن، وإما اعتماد سياسة التصدي بأحد امرين: إما اعلان الطلاق بالتراضي فيكون لـ14 آذار لبنانها ولـ 8 آذار لبنانها في اطار صيغة فيديرالية او كونفيديرالية اذا لم تنجح صيغة اللامركزية الواسعة في تحقيق ذلك، وإما طلاق بالحرب في محاولة كل طرف اعادة تكوين لبنان جديد وسلطة جديدة، هذا اذا بقي بعد هذه الحرب في لبنان ما يمكن لملمته لاقامة وطن ودولة.
لذلك، فان الامل الوحيد الباقي ليس في تشكيل حكومة بل في انتخاب رئيس جديد للجمهورية يخرج لبنان من وضعه الشاذ ويعيد الجميع الى كنف الدولة والى احترام الدستور وتطبيق ما تبقى من اتفاق الطائف او وضع اتفاق جديد يعيد توزيع الصلاحيات على السلطات الثلاث بصورة اكثر عدالة وانصافاً لكل الطوائف، ويفتح اللبنانيون مع العهد الجديد صفحة جديدة للبنان جديد وحكم عادل ومعتدل وإلا فلا فرق بين رئيس قوي ورئيس ضعيف اذا استمر الوضع الشاذ في لبنان الذي بدأ منذ العام 2005 ولم ينته حتى الآن.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم