الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

هل تُستَدرج إسرائيل ضد "حزب الله"؟

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

يبدو المتابعون الأميركيون لأوضاع المنطقة واثقين أن مجموعات إسلامية أصولية متطرفة، نجحت في التسلل إلى لبنان، أو بالأحرى في دخوله، وأن هدفها الأساسي هو استهداف "حزب الله" عقاباً له على قتاله في سوريا إلى جانب الرئيس الأسد، وعلى إمساكه بلبنان، وضغطه على "شعبهم" فيه مباشرة ومداورة. علماً أن للمجموعات إياها هدف آخر، هو إنهاك "الحزب"، ودفع البيئة الحاضنة له الى النقمة عليه والتذمّر من سياسته الاقليمية. ويعتبر هؤلاء أن تفجيري الضاحية والسفارة الإيرانية ومحاولات التفجير الفاشلة فيها التي اكتٌشِفت هي جزء يسير من البرنامج العملي.
هل ستعتمد المجموعات الإسلامية المتطرفة وسائل أخرى لاستهداف "حزب الله"؟
يعتقد المتابعون الأميركيون أنفسهم، وبشيء من الجزم، أنها ستستفز إسرائيل بعمليات من الأراضي اللبنانية في الجنوب، وتُستَدرج رئيس وزرائها المتشدِّد بنيامين نتنياهو إلى تنفيذ عملية عسكرية واسعة ضد "حزب الله" في لبنان تشترك فيها كل الأسلحة في جيش بلاده. ويكون هدفها تنفيذ ما فشل جيشها في تنفيذه عام 2006، وهو "استئصال" "الحزب". وهذه الكلمة استعملت في حينه في اسرائيل. هذا الاعتقاد قد يوحي أن المتابعين يعتقدون أن إطلاق النار من الجانب اللبناني الأسبوع الماضي على جندي إسرائيلي داخل حدود بلاده، يصب في اتجاه الاستفزاز والاستدراج المذكورين. لكن يؤكد هؤلاء أن إسرائيل لم تقع في "فخ الردّ"، ولا سيما بعد استدراك قيادة الجيش اللبناني الموقف بالإعلان، بعد التحقيق مع الجندي الذي أطلق النار، أنه تصرف بقرار منفرد وشخصي، وان لا نية عندها لخرق "الستاتيكو" القائم على الحدود، الذي فرضه القرار الدولي 1701 والتزمت دولتا لبنان واسرائيل تنفيذه، وقامتا بذلك. لكنهم يعتقدون أن تكرار "الخرق" الأمني أو العسكري الذي حصل، وبغض النظر عن الذي سيقوم به، سيدفع الحكومة الاسرائيلية إلى الردّ، ولا أحد يعرف حجم ردّها. لكن المرجَّح انها ستوجع "حزب الله"، أذا وجدت حاجة إلى ذلك، وستضعه في موقع وموقف لا يحسده عليهما أحد. إذ سيكون عليه، وبسبب تورطه عسكرياً في سوريا، أن يؤمن خطوط الاتصال والامداد مع مقاتليه، وأن يخوض في الوقت نفسه معركة حماية الضاحية الجنوبية لبيروت، وهي معقل أساسي له. وما يخشاه المتابعون الاميركيون أنفسهم في هذا المجال، هو أن يصبح قادة اسرائيل، وخصوصاً نتنياهو، أكثر عدائية وتجرؤاً جراء الموقف السلبي السعودي الشامل، سواء من "الحزب"، أو من راعيته إيران، إذ قد يعتبرونه دعماً غير مباشر.
هل من طريقة أخرى لاستهداف الحزب، تكون اسرائيل جزءاً منها؟
يعتقد عدد من الخبراء والمتابعين اللبنانيين والعرب، أن استدراج الوجود الفلسطيني في لبنان، انطلاقاً من مخيمات الجنوب أولاً، ثم الشمال، للاشتباك الكبير مع "الحزب" في لبنان، أو بالأحرى لمواجهته، أمر محتمل. والهدف منه سيكون دفع قيادته الى اتخاذ قرار بتخفيف التورّط في سوريا للدفاع عن معاقله، والمنطقة التي أزال احتلال اسرائيل لها، وبذلك صنع مجده ومجد إيران وسوريا الأكبر. ويبني هؤلاء اعتقادهم على بدء انخراط إسلاميين أصوليين متشددين فلسطينيين في لبنان، في حرب سوريا، كما في "الجهاد" داخل لبنان. ويبنونه أيضاً على المذهبية، التي تكاد أن تصبح سمة الحرب الدائرة في الدولتين، وربما في العالم العربي والاسلامي. ويبنونه أخيراً على اعتقاد أن الفلسطينيين لن يدعوا سُنّة لبنان، كما سُنّة سوريا، يُهزمون. طبعاً هذه الاعتقادات كلها تعتبرها قيادات فلسطينية، وجهات ديبلوماسية عربية معادية لنظام الأسد، مبالغاً فيها. فالمتشدِّدون الفلسطينيون في المخيمات قِلَّة، وتنظيماتهم صغيرة. والمنظمات الكبيرة الاسلامية والوطنية ضد التورط في صراعات لبنان، وهذه أمور صحيحة كلها. لكن لا أحد يعرف المستقبل، إذ كما حسمت "حماس" موقفها في سوريا، وانحازت الى الذين "كانوا يجمعون لها التبرعات" في مساجدهم، فانها قد تحسمه ايضاً في لبنان في حال الضرورة، وكذلك منظمات أخرى. علماً أن لبنانياً عاقلاً لا يتمنى ذلك ولا وقوع بلاده في حرب أهلية أخرى أشد قسوة وعنفاً من الحرب الأولى، وربما أكثر ديمومة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم