الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

تعويم المسخ الميت !

علي حماده
A+ A-

افضل وصف للحكومة هو كلام الشيخ بطرس حرب الذي وصفها بالميت الذي لا يمكن اطلاق النار عليه، ولا احياؤه. وقد اتى هذا الكلام وغيره وبالاخص كلام رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ليعيد تصويت الموقف، وليضع محاولات رئيس الحكومة المستقيلة وفريقه السياسي في زاوية الخروج على الدستور، وعلى الاعراف والقوانين. ففكرة "التعويم" لا وجود لها. والحديث عنها مناورة سياسية لا تقل سوءا عن كل ما حصل منذ تكليف نجيب ميقاتي وحتى استقالة الحكومة، وصولا الى مرحلة تصريف الاعمال التي ازكمت الانوف بروائح الفساد المستشري في معظم الوزارات.
ثمة من يقول ان مناورة "التعويم" هدفها دفع القوى المعارضة لصيغة ٩-٩-٦ الى القبول بها. وثمة من يقول ان هدفها تحضير الساحة للفراغ الرئاسي، ودفع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة تمام سلام الى الاعتذار. وثمة من يقول ايضا انها في جانب منها رد من ميقاتي على عزلته العربية والاسلامية السنية، وكذلك انكشافه في الساحة الشمالية. وثمة من يقول ايضا وايضا انه هجوم اقليمي معاكس يأتي في سياق افلات نظام بشار الاسد من الضربة الاميركية، مما اطال عمره لبضعة اشهر.
المهم في كل ما سبق ان المسوؤلية الاولى سياسيا ووطنيا تقع على عاتق نجيب ميقاتي الذي يكون بمثابة من يرتكب خطيئة اكبر من خطيئته الاولى يوم خان العهود، وركب مركب انقلاب "حزب الله" وبشار الاسد، معتديا على ارادة بيئته بالطريقة المعروفة.
لم تكن الاستقالة خطأ، ولا عملا شريفا. لم تكن خطأ لان الحكومة ما كان يجب ان تكون. ولم تكن عملا شريفا لانها اتت في سياق عمل مدروس مهد لتورط الفريق المهيمن على الحكومة، اي "حزب الله" في دماء السوريين. ومع ذلك نقول لرئيس حكومة تصريف الاعمال ان فكرة "التعويم" خطيئة مضاعفة، وان عليه ان يفكر مليا قبل الاقدام على عمل بهذه الخطورة من حيث مخالفته الدستور، وضربه مؤسسة رئاسة الحكومة، وما تمثله ضمن الصيغة اللبنانية. وحسنا فعل رئيس الجمهورية عندما مهد لاجهاض الفكرة معيدا الامور الى المربع الاول، اي الى مربع تشكيل الحكومة. وهو اليوم قوي بموقفه الرافض فكرة التمديد، وتمسكه الحازم بالدستور في ظل واقع يتسم بتطاول لم يسبق له مثيل على الدستور والقوانين والاعراف. فلتنصب كل الجهود في سبيل تشكيل حكومة تريح المواطنين، بعيدا من الانقسامات الحادة في الخيارات الكبرى، ولنذهب جميعا الى انتخابات رئاسية ديموقراطية ضمن المهل الدستورية، ولنجنب البلاد مزيدا من الانحدارات القوية على كل المستويات. ولنه هذه المأساة التي تمثلها "الحكومة المسخ" التي تشكل نقطة سوداء في تاريخ لبنان السياسي.
مطلوب من الرئيس تمام سلام ان يستجمع شجاعته مع رئيس الجمهورية لتوليد حكومة، بصرف النظر عن تذاكي البعض في تفسير الدستور و هم كبار المخالفين له، بقولهم ان حكومة لم تحصل على الثقة لا تملأ الفراغ الفراغ الرئاسي.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم