الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

من أدخل "متفجّرات الحريري" إلى لبنان؟

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

لم يتحدث "مصدر" المعلومات عن طريقة تصرّف "الضباط الأربعة" كلهم في جلسات التحقيق معهم. اكتفى بذكر المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد مشيراً إلى أنه لم يتعب من نفي أي تورط له في جريمة قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري. لكنه كان يقترب من الإنهيار أحياناً ثم يستدرك فيتماسك. وربما كان الوحيد الذي لم يدَع إنتقاداته وإتهاماته تشمل كل الذين حققوا معه ربما لأنه استشف من طريقة التحقيق المحترفين منهم وغير المحترفين. أما اللجنة، فتعرّضت، إستناداً إلى المصادر نفسها لضغوط كثيرة ولتهديدات قاسية بالجملة والمفرّق. ولم يميّز الذين وجهوها بين الذين من هؤلاء يقومون بعملهم باحتراف، وبين الذين يسعون إلى تحقيق هدف محدد مسبقاً لهم. وقسم كبير من هؤلاء كان منتمياً إلى "حزب الله" في شكل أو في آخر. لذلك قرّر المسؤولون عنها نقلها إلى لاهاي مقر المحكمة في هولندا كي تتابع عملها من هناك. فانتقلت بعد شحن أغراضها وملفاتها إلى هناك. لكنها أبقت في العاصمة اللبنانية بيروت فريقاً من اثني عشر محققاً أو ربما ستة. وقبل أن يتابع المصدر سرد معلوماته وتحليلاته قلت له: تقول أن لجنة التحقيق اكتشفت بعد إعادة النظر في "تركة" ديتليف ميليس عدم مسؤولية الضباط الأربعة عن الجريمة. لكن المعلومات عن تغيير في مسرح الجريمة وعن محاولة التخلص من أدلة انتشرت وعلى نحو واسع في العاصمة اللبنانية ولم تكن كلها تلفيقاً. وكان "الضباط الأربعة" في حينه مسؤولين عن الأمن في البلاد، وقيل أن بعضهم شارك في إزالة الأدلة أو أعطى أوامر بإزالتها. ألا يرتِّب ذلك مسؤولية ما عليهم؟ أجاب: ربما يكون هؤلاء الضباط، بعضهم أو كلهم، على معرفة بما حصل (أي بالجريمة). لكن التحقيق لم يتوصل إلى دليل واحد يشير الى أي تورُّط لهم فيه أو إلى أي دور. حتى إذا عرفوا بحكم مواقعهم ومراكزهم أمراً وإن لم يشتركوا فيه فإنهم غير مسؤولين وخصوصاً إذا امتنعوا عن إطلاع المحققين عليه. وطبيعي في حال كهذه أن يمتنعوا عن الكلام حرصاً على حياتهم وعلى حياة أفراد عائلاتهم. إذ قد يتعرضون جميعهم إلى القتل من الجهات المتورطة في الجريمة. في أي حال اعتقدت لجنة التحقيق الدولية، أيام ميليس ثم أيام الذين خلفوه في رئاستها، أن لـ"حزب الله" وسوريا وإيران ضلعاً أو دوراً في اغتيال الحريري. ولا تزال على اعتقادها.
على ماذا بنت هذا الاعتقاد؟
أجاب المصدر نفسه: كانت سوريا تسيطر على لبنان في صورة كاملة. وقال لبنانيون رسميون لمحققي اللجنة أن السيارة التي قتلت الحريري بانفجارها كانت مُحمَّلة بطنَّين من المتفجرات. وان المتفجرات سرقت من مخازن الجيش اللبناني. وتبيَّن لاحقاً لهؤلاء، وبعد التحقق من ذلك من قيادة الجيش، أن مخازنه لم تتعرّض إلى سرقة متفجرات وبالحجم الكبير المذكور. فتوصلت اللجنة جراء ذلك وبسبب معلومات إضافية إلى استنتاج بأن المتفجرات أُدخِلت إلى لبنان من سوريا. والسؤال الذي يُطرح هنا رغم أن الجواب عنه معروف هو: من يستطيع إدخال هذه الكمية إلى لبنان؟ والسؤال الآخر الذي يُطرَح أيضاً هو: لماذا استعمال هذه الكمية الكبيرة في عملية تفجير واحدة؟ والجواب الذي توصلت إليه لجنة التحقيق كان الرغبة الكبيرة جداً في التخلُّص من الحريري، والحرص على التأكد من حتمية سقوطه قتيلاً بواسطة الإنفجار.
ثم تابع "المصدر" إياه معلوماته، قال: السيارة التي فُخِّخت واستُعمِلت لتنفيذ الاغتيال أتت إلى طرابلس في شمال لبنان. هواتف الخليوي والـSim Cards أي بطاقات استعمالها اشتُريت من طرابلس أيضاً. وكان في حوزة المتهمين بتنفيذ الاغتيال نوعان من الهواتف الخليوية. واحد يستعملونه فقط للاتصال في ما بينهم. وآخر لاتصال كل منهم مع كل من هو خارج دائرتهم.
كيف عرَفت لجنة التحقيق ذلك؟ أجاب المصدر نفسه: من حركة الاتصالات التي أجريت بواسطة الهواتف الخليوية من النوعين المشار إليهما أعلاه. إذ جرى تتبُّع هذه الحركة وتبين للجنة التحقيق أن الاتصالات من هواتف النوعين تلازمت بعضها مع بعض في أثناء تحرُّك منفذي عملية الاغتيال. أما من اكتشف ذلك فكان الضابط في قوى الأمن الداخلي البارع جداً في تكنولوجيا الاتصالات، إذ فكَّ الرموز وتوصَّل إلى الاستنتاجات المعروفة. والضابط هو الشهيد وسام عيد. هل قُتِل بسبب ذلك؟ لا أعرِف. ربما.
ماذا عن المتهمين بتنفيذ جريمة الاغتيال؟ ومن الشهود؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم