السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

نصرالله يُطلق الرسائل نيابة عن محوره ولبنان أكثر فأكثر رهينة ربطه بسوريا

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

زادت المواقف التي اطلقها الامين العام لـ"حزب الله" الوضع الداخلي ارباكاً وخطورة مع تصعيد حدّة الخطاب المذهبي مما عزّز أكثر فاكثر ثنائية الصراع الشيعي – السني مع استعلاء في نصائح يقول إنه اسداها الى الفريق الاخر بفصل الموضوع السوري عن لبنان، فيما يعلن استمرار بقاء عناصر حزبه في سوريا دعما للنظام او يدعوه الى عدم الرهان على متغيرات لن تأتي في مصلحته، فيما يعزز موقعه من رهاناته على انتصارات او مكاسب يتوقعها من هذه الرهانات. فهذه المواقف بدت صادمة سياسياً من حيث مستوى التصعيد الخطير فيها بالنسبة الى مختلف الاوساط السياسية على رغم عدم توقع موقف مختلف عن ذلك الذي اعلنه الامين العام للحزب الشهر الماضي واطلاقه عبارات تتناول حتمية الشراكة بدت خجولة جداً قياساً الى النبرة الخطابية المرتفعة، في حين ان الارباك طاول حلفاء اساسيين للحزب خصوصاً ان هذه المواقف ساهمت في اظهار تهميش المكونات الاخرى في البلد وعدم قدرة هؤلاء على مواكبة خطاب السيد نصرالله واهدافه في ظل احتدام صراع شيعي- سني بات يتخذ لبنان اكثر فاكثر منصة للتعبير عن هذا الصراع الاقليمي الحاد او لاضافته الى ساحات الصراع العربية بعد استبعاد نسبي للبنان في السنة الاولى لانطلاق الثورة في سوريا بحيث يجعل من موضوع تأليف الحكومة عاملاً تفصيلياً من انعكاسات هذا الصراع وتفاعلاته.


ليس بسيطاً ان يضطلع السيد نصرالله من الضاحية الجنوبية تحديداً بمهمة توجيه الرسائل بالنيابة عن محور بات معطلاً أو مقيداً في التعبير، بين نظام سوري لم يعد أي قيمة او وزن لكلامه في ظل اعتماده على حلفائه لمده بسبل الاستمرار والبقاء كما هي الحال أمام اضطرار الحزب لاستمرار وجوده في سوريا ما دام النظام في حاجة اليه، وفي ظل طرح مصير هذا النظام على طاولة المفاوضات في مؤتمر جنيف - 2 او مع حكومة جديدة في طهران تفرض الموجبات عليها تعديل خطابها السياسي والتهدئة اقليمياً ودولياً وحتى ازاء اسرائيل او تضطر الى الاعتماد على "حزب الله" وعلى ميلشيات شيعية عراقية للمحاربة الى جانب النظام، فيما لا تقرّ ايران بدفاعها المباشر عن النظام عبر قواتها. فبمقدار ما يعبر اضطلاعه بهذا الدور عن استئثاره كحزب في صنع المعادلات السياسية والاقليمية وقدرته على فرضها على الداخل اللبناني، فان هناك خلط أوراق كبيراً في المنطقة بحيث يمكن ان تتقرر على أساسه مصائر جهات عدة او مصالحها على الأقل. ولا بأس، في رأي مصادر سياسية، من تصعيد المواقف وتصليبها تعزيزاً للمواقع التفاوضية في حين ان المرحلة هي لنقل الصراع الى مستوى آخر ولوضع اللاعبين رهاناتهم على الطاولة كما يجري لدى أي استعداد للعب الورق على سبيل المثال. فالاطلالة المباشرة الاولى للسيد نصرالله مساء الاربعاء، التي رفعت تحدي الخروج من مخبأ اضطراري لجأ اليه لسنوات خشية استهداف اسرائيلي، حملت دعوة لتحدي الخوف وشد عزيمة مناصريه من استهداف عبر المتفجرات او ما شابه وعبر الاطمئنان الى عدم المساومة على رأس الحزب في المفاوضات الايرانية مع الغرب بل على العكس لأن الاتفاق قد يحرّر ايران من العقوبات ويترك المجال لتعزيز يدها في المنطقة ولبنان. لذلك تمحورت اطلالته على الدفاع عن التفاهم الايراني مع الغرب حول الملف النووي لدى ايران على قاعدة رفع التحدي أيضاً في وجه المعارضة التي يبديها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لأي اتفاق محتمل بين ايران والدول الخمس الكبرى زائد المانيا مع ايران حول ملفها النووي، كما في موازاة التحفظ الذي ساقته الدول العربية وفي مقدمها المملكة السعودية على اتفاق مرتقب قد يجد حلاً للملف النووي الايراني لكنه يترك ايران غير مقيدة في السعي الى تعزيز نفوذها في المنطقة. وليس بسيطاً ان يلتقي المنطق الذي رفعه السيد نصرالله دفاعاً عن التفاهم الايراني – الغربي والتحذير من حرب اقليمية كبيرة مع منطق الادارة الاميركية في مواجهة الكونغرس رداً للمزيد من العقوبات على طهران. الا ان اي توافق او تفاهم مع الغرب سيكون صعباً من دون عبوره ممراً يجده مراقبون اجبارياً مع دول الخليج العربي من جهة ومع اسرائيل من جهة أخرى مما يترك المخاوف الكبيرة من مساومات لا بدّ منها في ضوء الخطوات التالية لرئاسة طهران وسعيها الى الخروج من عزلتها وضيقها الاقتصادي.
وفيما رفع السيد نصرالله تحدي بقاء قواته في سوريا ما دام النظام يحتاج اليها، رداً على مطالبة افرقاء في الداخل بانسحابه منها تسهيلاً لتأليف الحكومة العتيدة والشراكة معه علما ان هناك مطالبة له من الامم المتحدة أيضاً بالانسحاب من سوريا، فان احداً لم يتوقع في الاساس سوى مزيد من انغماس الحزب في الوحول السورية ما دامت الازمة مستمرة. لكن بمقدار ما يفيد ذلك ان وجود الحزب والميليشيات العراقية الشيعية ضرورة للنظام بعد انقاذه من الانهيار ومن أجل مساعدته على الصمود وتسجيل بعض المكاسب، فان لبنان يغدو أكثر فأكثر رهينة الوضع السوري عملاً بما نقل عن السيد نصرالله قوله لأحد حلفائه تبريراً للتمديد لمجلس النواب ثم لقائد الجيش من انه لا يستطيع خوض الانتخابات لأن "امعاءه" في سوريا فيما التمديد لقائد الجيش يحمي ظهره في لبنان، على حدّ ما نسب الى الأمين العام للحزب.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم