الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

هل تبالغ 14 آذار في طلب انسحاب الحزب؟ العودة إلى "إعلان بعبدا" مخرج لائق للجميع

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

من غير المرجح ان يتخلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن تمسكه بـ"اعلان بعبدا" حتى نهاية ولايته في الربيع المقبل وهو لا يزال يرفعه عنوانا لرأب الصدع بين اللبنانيين على قاعدة ما ورد في الفقرة 12 منه التي نصت على تحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الاقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والازمات الاقليمية. وباتت الدعوة الى التزام هذا الاعلان الركيزة الاساسية في اي مناسبة خطابية او اطلالة لرئيس الجمهورية، خصوصا انه حظي بدعم كبير له ولاعلان بعبدا من مجموعة الدعم الدولية في نيويورك اخيرا في الوقت الذي تطالب الدول المؤثرة اللبنانيين بالتزامه وتستمر باعتباره ورقة مهمة تقي لبنان مخاطر ما يجري في جواره وتمنع انزلاقه. كما ان تبني هذا الاعلان يسمح للبنان بأن يبقي على الحد الادنى من علاقاته الاقليمية كترجمة لسياسة النأي بالنفس الذي اعتمدها غير راغب في اثارة غضب هذا الفريق الاقليمي او ذاك ومنع اصطفافه قسرا لحساب هذه الجهة او تلك. وقد اضحى هذا الاعلان الذي صيغ في حينه على عجل ومن دون تخطيط بمثابة نقطة القوة لعهد سليمان والتي ستوسم ولايته بها، والتي يعتقد بعض المراقبين انها يمكن ان تعزز امكان التمديد له لدى بعض الخارج في حال كان الخيار الآخر هو الفراغ في حين يعتبر بعض المراقبين انها تضعف حظوظه لدى بعض الافرقاء في الداخل على قاعدة تحديده سقفا يلتزمه او يقبل به الجميع باستثناء "حزب الله".


بيد انه من غير المرجح، وفق ما يخشى مراقبون سياسيون، ان يصمد هذا الاعلان او يعاد احياؤه في ظل فراغ رئاسي محتمل او مع انتخاب رئيس جديد خصوصا مع تحول هذا الاعلان بندا رئيسيا من شروط قوى 14 آذار للمشاركة في الحكومة العتيدة بمعنى تحوله مطلب فريق في وجه فريق آخر سبق ان نعاه ومن المستبعد ان يقبل باحيائه ما لم يكن ذلك من ضمن تنازل عن شروط متبادلة او في ظل اتفاق جديد يكون الاعلان جزءا منه. ومع ان هذا البيان الذي يستند الى بنود اساسية لا بد منها على صعيد التزام نهج الحوار والتهدئة الامنية والتزام العمل على دعم مؤسسات الدولة تم التوافق عليه كنتيجة لطاولة الحوار التي انعقدت في 11 حزيران 2012 وكان فريق 14 آذار متحفظا عنه في حينه، اذ بدا مستهدفا في بعض ما جاء في مضمونه في ظل كلام متزايد عن دعم افرقاء من السنة في طرابلس المعارضة السورية في ذلك الوقت واتهام هؤلاء من جانب قوى 8 آذار بالتدخل في الحرب السورية، فان " حزب الله" ما لبث ان انقلب على هذا الاعلان بعد مصارحته اللبنانيين والخارج بمشاركته القتال الى جانب النظام السوري واطاحته مضمون هذا الاعلان.
يعتبر سياسيون ان قوى 14 آذار تبالغ في طلب انسحاب "حزب الله" من سوريا كشرط رئيسي للمشاركة في الحكومة باعتبار ان اعلان بعبدا وحده يلبي مضمون ما تسعى اليه هذه القوى من دون الحاجة الى ايغالها في شرط تفصيلي اضافي يؤكد المؤكد. اذ ان البند الابرز في هذا الاعلان يتصل بتحييد لبنان عن سياسة المحاور، الا انه يتضمن بنودا اخرى لا تقل اهمية علما ان التزام مضمون الاعلان يفترض ضمنا سحب الحزب عناصره من سوريا. ويذهب البعض في الجدل حول هذا الاعلان الى درجة نفي اي صلة بمضمونه بما يطالب به البعض لجهة ضبط سلاح " حزب الله" واخضاعه لسلطة الدولة على قاعدة ان الاعلان لم يأت على ذكر سلاح الحزب وان هذا الاخير يخضع لمنطق الاستراتيجية الدفاعية التي لم تبحث على طاولة الحوار بعد. في حين يرى آخرون ان البند المتصل بالتزام المتحاورين القرارات الدولية بما في ذلك القرار 1701، وهو بند يكرر اركان في قوى 8 آذار التزامه وضرورة تنفيذه كاملا، يفترض ايضا تمتع الدولة بالقدرة على بسط سلطتها على كامل الاراضي اللبنانية ومنع الميليشيات ومنع اي سلاح خارج اطار سلاح القوى الامنية اللبنانية اضافة الى حماية الحدود الشمالية مع اسرائيل والشرقية مع سوريا، الامر الذي يفيد بحتمية عدم وجود سلاح خارج سلاح سلطة الدولة وقواها الامنية. وليس من شك ان هذا التفسير يمكن ان يثير اعتراضات او تحفظات اضافية على التزامه من جانب الفريق الذي تخلى عنه، علما ان القرار في شق منه يلبي بعض ما تطالب به قوى 8 آذار لجهة حماية الحدود مع سوريا ومنع المتسللين، اضافة الى ان البند 13 من الاعلان يتضمن ضرورة ضبط الاوضاع على طول الحدود اللبنانية السورية او استخدام لبنان مقرا او ممرا او منطلقا لتهريب السلاح والمسلحين. لذلك يعتبر السياسيون انفسهم ان مطلب اجراء حوار بين اللبنانيين حول هذه البنود وفق ما يطالب به بعض قوى 8 آذار مبالغ فيه ايضا ما دامت كل العناصر موجودة في التزام اعلان بعبدا. ومن هذه الزاوية فان عودة الافرقاء الى التزام هذا الاعلان يؤمن، في رأي المراقبين المعنيين، مخرجا لائقا للجميع لا يزال ممكنا خصوصا انه ورقة التفاهم الوحيدة التي تم التوافق عليها في غياب القدرة على التوافق على اي بديل آخر وفي انتظار توافر الظروف لذلك والاهم من ذلك اسقاطا لرهانات اقليمية يتهم كل فريق الآخر بها.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم