الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

زواج التونسيات من غير المسلمين... معارضة ظاهرية وواقع يفرض قواعده

المصدر: "النهار"
تونس-ياسر خليل
زواج التونسيات من غير المسلمين... معارضة ظاهرية وواقع يفرض قواعده
زواج التونسيات من غير المسلمين... معارضة ظاهرية وواقع يفرض قواعده
A+ A-

وتشير الإحصاءات إلى أن هناك أكثر من مليون تونسي يقيمون في الخارج، أي ما يعادل 9% من عدد التونسيين البالغ نحو 11.4 مليون نسمة، وتشكل النساء قرابة 37% من المغتربين.  

وتقيم غالبية التونسيين في الخارج في دول أوروبية (83%)، وتأتي فرنسا في المقدمة بنسبة تناهز 56%، تليها إيطاليا 14%، والبقية موزعون على دول في معظمها ذات غالبية غير مسلمة في آسيا وإفريقيا، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا وأوستراليا. ولا تضم البلدان العربية سوى 15% من المغتربين التونسيين. وهذا وفقا لإحصائيات وزارة الشؤون الاجتماعية، ومنظمات مجتمع مدنية تونسية.

رؤية واقعية

وعلى الرغم من عدم وجود أرقام دقيقة لعدد التونسيات المتزوجات من أجانب، إلا أن بعض التقديرات يشير إلى أن المئات منهن يرتبطن بأزواج غير مسلمين كل عام، ويبقى كل منهم على ديانته في الغالب طالما أقاموا خارج البلاد، ولكن حين تتم العودة إلى تونس، أو إذا حصل الزواج في تونس، كان المنشور (73) الذي ألغي يفرض على الزوج أن يعلن إسلامه حتى يتم توثيق الزواج بصورة رسمية.

ويقول فيصل محمد، سائق تاكسي لـ"النهار": "كمسلم أنا أعارض هذا القانون، ولكن حين أنظر إلى عائلتي أجد أن ابنة أختي متزوجة من ألماني غير مسلم، وهي مازالت جزءا من العائلة، ونتعامل معها بشكل طبيعي، وابنتي تريد السفر إلى إيطاليا قريبا، وربما تفرض عليها الحياة هناك أن تحب وتتزوج رجلاً غير مسلم".

وأضاف: "إذا استطاع علماء الدين الإسلامي أن يتحدثوا إلينا بصورة مقنعة وأكثر واقعية فسوف نتقبل وجهات نظرهم، ويرتاح ضميرنا، فرفضنا (النظري) للقرار هو رفض مبني على ما تعلمناه من أن الإسلام لا يبيح هذا الزواج، وهو رفض أساسه التسليم بالأمر وليس الاقتناع". ولفت إلى أن "الزمان وظروف الحياة تبدلا كثيرا، والواقع بات مختلفا عن الفترة التي صدرت فيها مثل هذه الفتاوى، لذا نحن لا ننكرها، ولكن يصعب علينا تطبيقها".

ووافق ديوان الإفتاء في تونس على الاقتراح الذي تبناه الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي. وكان الديوان قد نشر في صفحته الرسمية بموقع "فايسبوك" تهنئة للمرأة التونسية في عيدها، ولفت إلى أن اقتراحات السبسي التي شملت أموراً تتعلق بالمساواة بين الرجال والنساء، من بينها حق المرأة في اختيار شريك حياتها بغض النظر عن دينه، تعد "تدعيما لمكانة المرأة وضماناً وتفعيلاً لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات التي نادي بها ديننا الحنيف في قوله تعالى (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، فضلا عن المواثيق الدولية التي صادقت عليها الدولة التونسية والتي تعمل على إزالة الفوارق في الحقوق بين الجنسين".

وتقول فادية العلي، وهي فتاة في الحادية والعشرين من عمرها تعيش بشكل مستقل في العاصمة التونسية، لـ"النهار": "أشعر اليوم بأنني أكثر راحة، فالدولة تعطيني حقي في اختيار شريك حياتي بصورة يحميها القانون، لا أعرف من سوف يختار قلبي في المستقبل، وأنا لست عنصرية، سوف أتعامل مع الإنسان الذي أحبه كإنسان، بغض النظر عن دينه، أو لونه، أو عرقه".




ويذكر ان تونس تحتفل في 13 آب من كل سنة بإقرار مجلة الأحوال الشخصية العام 1956 والتي منحت النساء العديد من الحقوق وأنهت تعدد الزوجات. 

وتعتبر تونس مذاك رائدة في العالم العربي على صعيد حقوق النساء، رغم أن التونسيات لا يرثن إلا نصف ما يرثه الرجال، وهو ما تنص عليه الشريعة الإسلامية..


قواعد ثابتة

وبينما يرحب البعض بقرار السماح للتونسيات بالزواج من غير المسلم، فإن مواطنين وعلماء مسلمين داخل تونس وخارجها عارضوا القرار واعتبروه مخالفا للشريعة الإسلامية، وتعاملوا معه بصورة تقليدية، كربونية. يأتي هذا في وقت تتزايد فيه الدعوات لتجديد الفكر والخطاب الديني الذي لم يشهد تطويراً واجتهاداً حقيقيا منذ أكثر من 5 قرون.

وكانت المعارضة للقرار التونسي أشد حدة في مصر، وناقش الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي المحلية، القرار بصورة ربما أكثر كثافة مما حدث في تونس.

وهاجم علماء أزهريون القرار، واعتبروه يضر بمصلحة المرأة. وأصدر "الأزهر" بيانا على لسان وكيله الدكتور عباس شومان يرفض فيه زواج المسلمة بغير المسلم.

وقال شومان في صفحته الرسمية على موقع فيسبوك: "الدعوات المطالبة بإباحة زواج المسلمة من غير المسلم ليس كما يظن أصحابها في مصلحة المرأة، فإن زواجا كهذا الغالب فيه فقد المودة والسكن المقصود من الزواج، حيث لا يؤمن غير المسلم بدين المسلمة، ولا يعتقد تمكين زوجته من أداء شعائر دينها فتبغضه، ولا تستقر الزوجية بينهما".

مجتمع متنوع

ويقول ناجح الزغدودي، الصحفي بولاية القيروان (160 كيلو متراً جنوب العاصمة)، لـ"النهار": "المجتمع التونسي متنوع. الصراع هو على مستوى النخبة. بخصوص قبول العائلات بزواج بناتها من أجنبي غير مسلم، فإن الظرف الاقتصادي غلب على اهتمام التونسيين وأصبح همهم الأكبر هو تحسين ظروفهم".

وأضاف: "من التونسيين أصلا من هو غير مسلم، أو غير متدين، وقليل من يسأل عن هذا الجانب، سواء من قبل الطبقة الضعيفة المشتغلة بقوت يومها، أو الطبقة الراقية والنخبة المنفتحة كليا"، موضحا أن "معظم العائلات تشرب الخمر، وتقامر، وبالتالي فإن مسألة زواج تونسية من غير مسلم هي فقط مستهجنة على شبكات التواصل لمن لم تتح لهم الفرصة مثل انتقاد من يربح في القمار وهو يتمنى أن يكون مكانه".

ويرى أن "الأمر الآخر هو أنه قبل الحديث عن هذا القانون -وهو شكلي- هناك تونسيات يخرجن من البلاد يتزوجن حسب قانون بلد الزوج غير المسلم. علما أن زيجات هؤلاء نسبتها ضعيفة. زذكرني الموضوع بزواج المصريين من الإسرائيليين".

وأكد صحفيون ومواطنون تونسيون لـ"النهار": أن الأمر يختلف من ولاية إلى أخرى، ومن طبقة اجتماعية لغيرها، ولكنهم أشاروا إلى أن أغلب المعارضة ظاهرية، موضحين أن الواقع والعصر الحديث يختلف، ويفرض قواعده.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم