السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

سفير "الائتلاف السوري" في باريس منذر ماخوس لـ"النهار": المنطقة ستشتعل اذا لم تحدث الضربة

المصدر: خاص - "النهار"
محمد نمر
A+ A-

"الاحباط" هو حال المعارضة السورية اليوم بعدما قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما العودة الى الكونغرس في قرار توجيه ضربة عسكرية الى النظام السوري. إذ قال سفير الائتلاف الوطني السوري لدى باريس منذر ماخوس لـ"النهار" إنه (القرار) "إحباط للمعارضة لأن القرار كان متخذاً".


ووفق النظرة التحليلية لماخوس، فإن أوباما كان قد أعلن أنه لم يتخذ قراره بعد، وأنه يدرس العديد من الخيارات في كيفية معاقبة النظام السوري، بما فيها الخيار العسكري. وكان يقول إن استخدام السلاح الكيميائي "خط أحمر"، وفعلاً قد قام النظام السوري هذه المرة وفي مرات سابقة باجتياز هذا الخط الأحمر. والمعلومات المؤكدة اليوم وبعد بحث طويل، ان السلاح الكيميائي تم استخدامه في الغوطة من قبل النظام السوري، إذ رست المعادلة بالنسبة الى أوباما على أن استعمال الكيميائي خط أحمر ومن استعمله النظام السوري وبالتالي يجب ان يعاقب، فضلاً عن أن أوباما تطرق إلى مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية مهددة من قبل النظام السوري وأن حلفاء أميركا أيضا مهددون، وكل ذلك يصب في نقطة واحدة مفادها أن ما فعله النظام السوري أصبح بامتياز يستحق تدخلاً عسكرياً لوقف تدهور الأوضاع في هذا البلد.
ماخوس قرأ بين سطور خطابي أوباما الأخيرين، ومن الناحية النظرية والتحليلية، ان الاخير توصل إلى نتيجة حتمية بوجوب التدخل العسكري، أما من الناحية العملية، كانت المعارضة على إتصال مستمر مع الادارة الأميركية، والإتصالات اظهرت بأن التدخل قائم وسيكون خلال أيام فقط. على الصعيد الفرنسي، المعارضة أيضاً على اتصال مستمر مع الدولة، التي كان موقفها، بحسب ماخوس "اكثر تطورا وجدية وحاسما وهذا ليس جديدا على الفرنسيين والانكليز، فمنذ شهور يقومون بعمل دؤوب عبر الاتحاد الأوروبي من أجل اقناع دول الاتحاد الـ 27 بضرورة رفع الحظر عن توريد الأسلحة إلى المعارضة السورية".


نقطة التحول


إنتقل ماخوس إلى نقطة التحول التي أحدثها أوباما حينما قرر العودة إلى الكونغرس، قائلاً: "كان هناك تنسيق كامل بين أوباما والفرنسسين وحتى الانكليز، وكانت الوقائع التي نعرفها أنهم ذاهبون للقيام بضربة عسكرية فعلية منسقة في ما بينهم، ناهيك عن اطراف اخرى كانت تقول صراحة موقفها، كألمانيا، بأنهم لن يقفوا بعيداً عن أي عمل عسكري يتم القيام به".
وفي رأيه، فإن "ما ألقى الظلال القاتمة على مسألة التدخل العسكري هو التصويت الذي حصل في مجلس العموم البريطاني، رغم أن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزير الخارجية البريطاني وليام هيغ كانا أيضا من أكثر المتحمسين، لا بل كانا يعبران بشكل واضح أن بريطانيا في قلب العملية تماما، لكن كاميرون قرر أن يعود إلى البرلمان حتى لا يتهم لاحقاً بأنه قام بعمل منفرد من دون استشارة البرلمان". ولفت إلى أن "اتخاذ القرار في النظام البريطاني تختلف عن آلية اتخاذه في فرنسا أو الولايات المتحدة، فقضية العودة إلى البرلمان ليست ملزمة في المطلق لكن لا تستطيع الحكومة البريطانية في مسألة تتعلق بالسلم والحرب وقضايا مصيرية ألا تعود إلى البرلمان".
المعارضة السورية تفاجأت "بما حصل في البرلمان البريطاني، فهي لم تكن تتوقع رفضه العملية العسكرية"، مذكراً بأن "المحافظين هناك، خصوصاً حزب العمال البريطاني، تاريخياً، كان يقف دائما في مواقف ليست في صالح الشعوب العربية والإسلامية والشعوب المضطهدة، رغم ان اسمه حزب العمال، ومواقفه عادة أقرب إلى مصالح إسرائيل في المنطقة، ودخوله على الخط بقوة أسقط مشروع كاميرون، فتم العدول عن مشاركة بريطانيا في العملية، وبالتالي أرخى هذا الحدث بظلاله القاتمة على كل العملية".
وأضاف: "هذا أيضاً أثر على أوباما في تأجيل قراره والعودة إلى مجلس الشيوخ والكونغرس لأجل الحصول على الموافقة، لأنه هو الآخر الذي يتردد منذ سنتين ونصف في إتخاذ قرار حاسم ليدعم مصداقية الولايات المتحدة في المحافل الدولية، ويبدو أنه أعلن انه رئيس ضعيف وهمومه الحقيقية تدور حول تطوير الاقتصاد الأميركي في ظل الأزمة الدولية الاقتصادية ولم يكن في يوم من الأيام متحمساً، وهمومه ليست ضمن إطار السياسة الكبرى، بل هي داخلية في الدرجة الأولى، إذ يريد أن يثبت للأميركيين أنه يقوم بعمل دؤوب من أجل الولايات المتحدة ومن أجل حل أمورها وليس العمل في الخارج، خصوصاً بعد الإشكاليات الكبيرة التي حدثت في الولايات المتحدة بعد تدخلها في العراق وافغانستان والتي تركت جروح كبيرة في المجتمع الأميركي".


قرار الكونغرس


وتابع ماخوس : "هناك من يصرح علناً عن شعوره بأن الكونغرس سيوافق على القيام بالضربة العسكري، إلا أن ذلك لا يغير شيئاً، لأنه تم دفع العملية إلى الوراء ولن يكون هناك قرار قبل 9 أيلول، في المقابل هناك من يشكك بموافقة الكونغرس، ما يعني أن العملية دخلت في نفق مظلم". ورأى أن "اوباما وكاميرون لا يريدان ان يتحملا مسؤولية ما سيترتب بعد الضربة، ويمارسان عملية رمي المسؤولية على البرلمانات".
ماخوس لا يستطيع أن يجزم بأن الكونغرس سيوافق أم لا، لكنه ذكر بأن "الادارة الأميركية وفي مقدمتها وزير الخارجية جون كيري يعتقد ان الكونغرس لن يرفض ان تقوم أميركا بدورها التاريخي، إلا أن الادارة نفسها ايضا ليست متأكدة من قرار الكونغرس، والدليل أن كيري يقوم بجهود حثيثة لإقناع الكتل البرلمانية والشخصيات البارزة من أجل تمرير القرار".


مصير الأزمة


وفي شأن مصير سوريا في حال تمت الضربة، قال: "ان حدثت الضربة، رغم الاعلان صراحة أن هدفها ليس اسقاط النظام بل معاقبة نظام بشار الأسد، فهي ستشل العديد من قدراته التي تسمح له بالاستمرار بالقيام بعمليات مجازر جماعية مروعة، خصوصا عندما استعمل اسحلة محرمة دوليا، وهي كانت القشة التي قسمت ظهر البعير، لأن هناك تراكمات كبيرة حول وحشية النظام السوري من جهة ودخول أطراف إقليمية ودولية من جهة أخرى بشكل مفضوح، إذ هناك عملية اجتياح كبيرة من قبل "حزب الله" ومشاركة ايران بشكل مباشر سواء بالمقاتلين من الحرس الثوري الايراني أو بالدعم المادي أو اللوجستي أو السياسي، فضلاً عن الاسلحة التي لم تنقطع عبر جسر مستمر بين طهران ودمشق والعراق بتواطؤ نظام نوري المالكي، والذي رغم كلامه المستمر عن أنه يقوم بالتفتيش، لكنه كذاب ويتواطىء مع النظام، والدليل ان هناك مقاتلين عراقيين يأتون من اطراف معروفة وبمعرفته".


واعتبر أن "دخول آلاف المقاتلين من "حزب الله" مسألة لم تحدث أبدا في العالم؟.. انه غزو واضح وصريح.. والمجتمع الدولي لم يتعامل معه، وفي العادة عندما تدخل مجموعة جنود إلى بلد ما تقوم الدنيا وتقعد، ويقال أنه تم اختراق سيادة دولة"، مذكراً بأن "النظام السوري مدوعم من حلف كبير فيه دولة عظمة هي روسيا التي لا تتدخر جهدا بتوريد الأسلحة التي تزداد كميتها كماً ونوعاً في الشهور الأخيرة، رغم كل الكلام عن انهم ينفذون عقود سابقة". وأضاف: "هي عملية مفضوحة وكاذبة تهدف إلى الحفاظ على النظام السوري بسبب رؤية روسيا لمصالحها الاسترايتيجة في المنطقة واستعمال النافذة السورية من أجل اعادة احياء الحرب الباردة واعادة احياء المنظومة السابقة من أجل المصالح والدخول في بزار سياسي مع أميركا والغرب، وبالتالي هذا الحلف الاقليمي الرهيب كان لا بد أن يقابل بتدخل خارجي لأن الميزان غير متكافىء في المطلق".


الواجب الاخلاقي


في المقابل وبحسب ماخوس، "هناك المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري التي تملك جزءا صغيراً جدا مما يملكه الحلف الاخر، لذلك من الواجب السياسي والاخلاقي للمجتمع الدولي أن يصحح هذه المعادلة، خصوصا أن الثورة السورية ثورة الحرية والكرامة وليست ثورة متطرفين او رهابيين كما يحاول أن يصورها النظامان الروسي والسوري و"حزب الله" وباقي أطراف الحلف". ودعا إلى "القيام بالضربة وتغيير الموازين، وبعدها ما تبقى من الأزمة يكون من مهمتنا حيث سنحاول أن نكمل العملية ونذهب الى اسقاط النظام".
أما إذا لم تحدث الضربة فبرأي ماخوس "ستبقى الكفة راجحة للنظام بشكل واضح لأنه يحصل على دعم اقليمي ودولي ونحن لا نحصل إلا على القليل وستزداد الأمور سوءاً وستنتشر النار في الهشيم، وسيكون الاستقرار في رمته مهدداً تماما"، وأضاف: "النار بدأت تصل إلى لبنان الذي لن يتأخر كثيرا حتى يتحول إلى ساحة مشابهة لسوريا، علما أن بعض الاطراف اللبنانية، خصوصا 14 آذار تقوم بعملية ضبط النفس، رغم استفزازت "حزب الله" وحلفائه في لبنان لكن هذه المسألة لها حدوداً"، كما "ستنتقل الازمة إلى العراق، حيث حال الغليان واصطدام الأوضاع مع سوريا ووجود فصائل مختلفة، العديد منها ذات اجندات تختلف تماما عن اجندات "الجيش الحر" الذي يدعو إلى مجتمع ديموقراطي ومدني وتعددي ومجتمع القانون وتساوي الجميع بالواجبات، فيما هناك الفصائل ذات الاجندات المختلفة ستكون فاعلة في دول الجوار في حال بقي "الجيش الحر" في وضع صعب، وستصل النار إلى ابعد من ذلك، وقد يؤدي الأمر إلى هيمنة إيران على المنطقة برمتها وحصول تهديد حقيقي لدول الخليج التي تحوي على اهم مخزون نفطي". وقال: "كل هذه الأمور ستحصل في حال عدم التدخل وترك المعادلة في خلل لصالح النظام، وان لم تكن الضربة من اجل عيون الشعب السوري، فلا شك أنها قضية اخلاقية، يريدون عبرها استعادة المصداقية ولو بشكل جزئي، لكن في الدرجة الاولى هم يدافعون عن مصالحهم من اجل استمرار الاستقرار والتزود بالطاقة إلى الاقتصاد العالمي".


لبنان والضربة


لبنانياً، حمل ماخوس "حزب الله" المسؤولية الكاملة عما يجري، لكن ليس وحده بل هو طرف ضمن هذا المحور الاقليمي الدولي الذي يضم ايران والعراق وروسيا، وهناك مجموعات تأتي من دول اخرى من خارج الشرق المتوسط وتدخل في هذا الحلف في اطار مذهبي من أجل مشروع امبراطوري فارسي".
وقال: "هناك موزاييك طائفي في لبنان المهدد بعودة الحرب الأهلية من جديد، خصوصا بعد احداث طرابلس والضاحية، وحاليا الأمور ما زالت تحت السيطرة إلى حد ما، لكن هذه السيطرة لن تكون موجودة في وقت قريب جدا، إذا لم يتم التعامل مع ما يحدث في سوريا".
وتطرق ماخوس الى قضية اللاجئين، مؤكدا أن "عددهم الأسطوري يهدد الاستقرار، وقدرات لبنان والاردن وتركيا محدودة إذ سيصل عدد اللاجئين في لبنان أو الاردن إلى عدد السكان المحليين، و لا ننسى ان هؤلاء يعيشون في ظروف مأساوية وكارثية تماما، الامر الذي يمثل عبئاً انسانياً و مصدراً لعدم استقرار، وعلى المجتمع الدولي ان يتحمل مسؤولياته".



[email protected]
twitter: @mohamad_nimer


 


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم