السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

أمّ الدنيا" تبكي ضحاياها وسياحتها... مصر الى "الطوارئ" مجدداً!

المصدر: "النهار"
موريس متى
أمّ الدنيا" تبكي ضحاياها وسياحتها... مصر الى "الطوارئ" مجدداً!
أمّ الدنيا" تبكي ضحاياها وسياحتها... مصر الى "الطوارئ" مجدداً!
A+ A-

منذ 6 سنوات، لا تكاد مصر تخلع ثوبها الاسود حتى ترتديه من جديد. ها هو الارهاب يضرب بلاد الفراعنة مرة تلو الاخرى، حاصدا المزيد من الابرياء. لم تجف دموع المصريين بعد على ضحايا احد الشعانين الاسود الذي شهد تفجيرين، الاول في كنيسة ما جرجس في طنطا، والثاني في الكاتدرائية المرقسية في الاسكندرية، والحصيلة أكثر من 46 قتيلا ونحو مئة جريح.

أمام هذه التطورات الامنية ، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حالة طوارئ لمدة ثلاثة أشهر لحماية البلد ومنع المساس بمقدراتها، كما قرر تشكيل مجلس أعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف، صادقت عليه الحكومة ومن ثم مجلس الشعب ليدخل مباشرة حيز التنفيذ.

تحدد المادة 154 من الدستور المصري الذي صدر في العام 2014 شروط إعلان حالة الطوارئ وتطبيقها عندما يتعرض أـمن البلاد لخطر معين، وتحديدا عند قيام حالة تهدد بوقوع حرب أو حدوث اضطرابات في الداخل أو كوارث عامة او طبيعية. ويعطي قانون الطوارئ رئيس الجمهورية الحق في فرض سلسلة قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والإقامة والمرور في أماكن، أو في أوقات معينة، وكذلك تكليف أي شخص تأدية أي عمل من الأعمال. كما يعطي الحق للرئيس او للجنة التي يقوم بتشكيلها بمراقبة الرسائل الهاتفية والنصية والصحف والاعلام بشكل عام، اضافة الى مواقع التواصل الاجتماعي، وصولا الى إغلاق مؤسسات إعلامية ومواقع الكترونية وحسابات على مواقع التواصل وغيرها من الاجراءات التي تجدها هذه اللجنة مخالفة لقوانين حالة الطوارئ. كما تلحظ حالة الطوارئ تحديد ساعات العمل للمواطنين وفرض حظر التجول، وتحديد مواعيد فتح المحال وإغلاقها، ونشر الجيش والقوى المسلحة والامنية في المرافق العامة والحيوية في البلاد، الى تجميد كل رخص السلاح وعزل بعض المناطق. وفي حالة الطوارئ، يقوم الجيش المصري والقوات المسلحة باتخاذ كل الاجراءات الامنية لمواجهة اي عملية إرهابية محتملة من خلال عمليات دهم لأماكن مشبوهة والقاء القبض على المشتبه فيهم وإحالتهم على المحاكم العسكرية أو ما يعرف بمحكمة امن الدولة.

وبالعودة الى التاريخ المصري، في العديد من الفترات تم فرض حالة الطوارئ في البلاد. فقد فرضت للمرة الاولى عند اندلاع حرب 1967 واستمرت حتى العام 1980. في العام 1981 عادت السلطات المصرية وفرضت حالة الطوارئ مع اغتيال الرئيس أنور السادات واستمرت هذه الاجراءات مدة 30 عاما، أي منذ تولي الرئيس السابق حسني مبارك مهمات رئاسة الجمهورية وحتى إسقاط حكمه في العام 2011. وبعد تنحي مبارك، قرر المجلس الأعلى للقوات المسلحة بقيادة المشير طنطاوي يومها فرض حالة الطوارئ مجددا بعد أحداث اقتحام السفارة الإسرائيلية في القاهرة، وتم تمديد العمل بهذه الاجراءات حتى ايار 2012. بعدها بأشهر قليلة إندلعت أعمال شغب واسعة في البلاد عقب إسقاط حكم "الاخوان المسلمين" برئاسة محمد مرسي، وكل ما أسفر عنها مناإضطرابات كان أبرزها فض اعتصامي رابعة والنهضة، يومها قرر الرئيس الموقت عدلي منصور فرض حالة الطوارئ مجددا ولكن لفترة لم تتخط الشهر الواحد واستمرت حتى 14 أيلول 2013. مع وصول الرئيس السيسي الى سدة الحكم، ونتيجة العمليات الارهابية التي شهدتها محافظة سيناء، قرر الرئيس فرض حالة الطوارئ فقط في هذه المحافظة، ويتم تجديدها كل 3 اشهر، حيث ينص الدستور المصري على الا تتعدى حالة الطوارئ مدة 3 أشهر حداً اقصى.



السياحة تدفع الثمن

ها هي السياحة المصرية تتلقى بدورها صفعة تلو الاخرى. هذا القطاع الذي لم ينهض بعد من تداعيات ثورة 25 يناير التي أطاحت الرئيس حسني مبارك، يتلقى الضربات المتتالية، من الاضطرابات السياسية والامنية بعد اطاحة مبارك وحكم الاخوان وإسقاطهم في الشارع، وتحطم الطائرات السياحية في سيناء وشرم الشيخ وصولا الى التفجيرات الارهابية. كلها وضعت السياحة في مأزق كبير وفي أزمة لا يمكن التنبؤ بنهايتها بعد. وبالتأكيد، للضربات الارهابية الاخيرة تداعيات تعقد حدة الازمة، وبحسب الارقام الاخيرة، فقد تم إلغاء ما يقارب 20% من الحجوزات الى مصر لهذا الموسم في الايام القليلة التي أعقبت التفجيرات. وكانت حركة السياحة الروسية لمصر والتي تمثل ما يقارب 70 بالمئة من حجم الحركة السياحية في بلاد الفراعنة، قد توقفت بعد إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء نهاية تشرين الاول 2015 حيث قدرت الخسائر المالية لهذا التراجع بنحو 225 مليون دولار شهريا. وفقدت مصر أكثر من 50 بالمئة من إيراداتها السياحية منذ أحداث كانون الثاني 2011، إذ بلغت تراجعت عائدات القطاع مما يقارب 12.5 مليار دولار في العام 2010 الى ما دون 4 مليارات دولار في العام 2016، في الوقت الذي كانت تستهدف القاهرة إيرادات تقارب 7 مليارات دولار في العام 2017 لتعزيز حتياطاتها من العملات الاجنبية. لكن هذه الآمال قد لا تتحقق بعد التطوارات الامنية المتسارعة التي تشهدها مصر منذ اشهر. واستنادا الى ارقام وزارتي المال والسياحة ، فقد سجلت إيرادات القطاع السياحي في مصر نحو 8.9 مليارات دولار في العام 2011 و 10 مليارات دولار في 2012 و 5.9 مليارات في 2013 و 7.3 مليارات في 2014 و 6.1 مليارات في 2015 وصولا الى 3.4 مليارات دولار فقط في العام 2016. واستنادا الى الارقام الرسمية، تراجع عدد السياح في مصر من 14.7 مليون سائح في 2010 الى نحو 5.3 ملايين نهاية 2016، ما كبّد القطاع السياحي خسائر تقارب 33.4 مليار دولار خلال 6 سنوات من الازمة المتواصلة.


[email protected]

Twitter: @mauricematta


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم