الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

لبنان البابا فرنسيس

الياس الديري
الياس الديري
لبنان البابا فرنسيس
لبنان البابا فرنسيس
A+ A-

حين يتحدّث أسقف روما البابا فرنسيس عن وطن صغير يُدعى لبنان بهذا القدر من الشغف، وبهذا الاحتضان، وبهذا الحنان الذي دفعه للإعلان "أن لبنان في قلبي"، إنّما يوجِّه إلى اللبنانيّين تحديداً رسالةً صريحة تحثُّهم على التمسُّك بلبنانهم النادر الصيغة والنادر التركيبة، وعدم التفريط به وبنظامه ولا بشبر من أرضه وموقعه.
وما وَعْدُه بزيارة هذا اللبنان، والتحدُّث مع مكوِّناته، وطوائفه، ومسؤوليه بصراحة ومسؤوليَّة، إلّا لتشجيعهم على التضحية بالغالي قبل الرخيص في سبيل حماية هذه "الأعجوبة"، بل هذه "الجزيرة"وسط هذه الجغرافيا التي أقام في رحابها تاريخ انطلاقة الأديان والإيمان، وتاريخ الثقافات والحضارات، وحتى تاريخ الحروب والفتوحات...
أجل، إنه لبنان الذي وصفه البابا السابق القدّيس يوحنا بولس الثاني بـ"الوطن الرسالة". وبهذا الوصف الموجز والدقيق شاء البابا القدّيس أن يوصي اللبنانيّين، وخصوصاً المستهترين منهم، بعدم ارتكاب أيّة غلطة قد تودي بهذا البستان النادر، فنخسر لبنان ويخسره العرب كنموذج فريد، ويخسر العالم المنطقة كلّها كون لبنان الصغير الحجم والعدد هو ميزان الذهب فيها.
كأن البابا فرنسيس يعرف لبنان العشرة آلاف وأربعمئة واثنين وخمسين كيلومتراً مربّعاً من زمان، حتى قبل أن يصل إلى الفاتيكان، وقبل أن يشبَّ في بلده، وقبل أن يسمع بمنطقة في الشرق الأوسط تحوي بلداً صغيراً يضم تحت جناحيه ثماني عشرة طائفة.
مريحٌ ومطمئنٌ كلام البابا حين يؤكّد عَبْره أن للبنان مكانة خاصّة لدى الكرسي الرسولي. وحين يُعرب عن سروره لاستعادة الدولة اللبنانيَّة انتظام مؤسَّساتها الدستوريّة.
وتأكيداً لإعجابه بالوطن الصغير، ولحرصه عليه، بلَّغ الرئيس ميشال عون أنه يُصلّي دائماً من أجل لبنان. ويعمل ما في وسعه من أجل دوام استقراره. وهو سعيد جدّاً بالتطوّرات الإيجابيّة التي حصلت منذ انتخابه رئيساً.
وقد أراد أن يسمع الجميع كلاماً آخر كبير الأهميّة، أعلن عَبْره أن هذه المكانة المميَّزة لهذا اللبنان "العاجق الكون" بجميع أبنائه، أتاحت له أن يعيش قيم الأصالة القائمة على الاحترام المتبادل، والسعي الدائم إلى تحقيق السلام بين الشعوب والمذاهب.
فلبنان رسالة، ووطن نموذج، ليس بلداً عاديّاً، أو بلد منافسة بالأرقام بين أحجام الطوائف، أو التسابق إلى المناصب والمكاسب كما هو حاصل اليوم...
بل هو يرتكز على الاعتدال والتسامح، وقِيَم العيش المشترك، ممّا يؤهِّله ليكون مركزاً عالميّاً لـ"حوار الحضارات".
ولو قيل في بعض قياداته ومرجعيّاته ومتزعّميه إنهم لا يستحقّونه.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم