الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

نوّاب على مين؟

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
نوّاب على مين؟
نوّاب على مين؟
A+ A-

اللعبة التي تمارسها الطبقة السياسية خسيسةٌ تماماً، ومكشوفةٌ تماماً، لكن لا بدّ من تبسيطٍ بسيط في الشرح لكي لا تنطلي هذه اللعبة على أحد، ولكي لا ينجرف أحد في التعميات والمزايدات. ولكي – أيضاً - لا تصل البلاد في الوقت نفسه إلى طريق "دستوري" مسدود آخر، يتمّ بسببه التمديد "الموضوعي" القسري لمجلس النوّاب.


أسأل السؤال: ماذا تكون "ترتكب" الهيئة العامة لمجلس النوّاب عندما تصوّت غالبية الأعضاء فيها على تشريع ضرائب جديدة، تقع مفاعيلها المباشرة والجائرة على ذوي الدخل المحدود الذين يشكّلون الأكثرية الساحقة من المواطنين؟
لا أزعم أني أفهم في الاقتصاد، أو أني ملمّ بشروط إنجاز الموازنة، وموجباتها، بحيث أجد نفسي مضطراً إلى الموافقة على "الأمر الواقع" الذي يضعني النوّاب أمامه، من خلال البحث عن مصادر تمويل للموازنة لا يعثرون عليها إلاّ في جيوب الفقراء.
لكن مهلاً. إذا كنت في الوقت نفسه لا أريد أن أتطاول على أحد، أو أن أنال من كرامة أحد، وخصوصاً "النوّاب" وسواهم ممّن يمسكون بعنق السلطة، فإني أريد أن أذكّر المعنيين بالتحديد البديهي لـ"وظيفة" النائب، من خلال "شرح" معنى فعل "ناب"، "ينوب"، الذي تتحدّر منه كلمة "نائب".
يُقال "ناب عن فلان"، بمعنى "قام مقامه"، و"مثّله"، و"دافع عن مصالحه". لكن غالبية النوّاب عندنا تغتصب هذا المعنى، وتضع تعريفاً مضاداً ومناقضاً للفعل. أنا النائب، لا أنوب "عن" الناخبين، بل أنوب "عليهم".
ما أريد أن أخلص إليه هو الآتي: مجلس النوّاب الحالي (معه مجمل الطبقة السياسية التي تحكم لبنان)، لا "ينوب عن" الناس، ولا يمثّل مصالحهم، ولا يدافع عنها.
هناك مشكلة كبرى في البلاد، ليس الاقتصاد الكارثي وجهها المفجع الوحيد. إنها مشكلة أخلاق وقيم ونزاهة وصدق وشفافية. والحال هذه، يمكنني أن أزعم أن الطبقة السياسية الحاكمة لا تملك شيئاً من هذه المعايير والمفاهيم التي ألفت إليها، بدليل أن لا مصلحة لأطرافها الأساسيين في وقف عملية النهب التي تُفقِر لبنان وتجعله دولة فاشلة، الأمر الذي يدفع السلطتَين التشريعية والتنفيذية، "بالتكافل والتضامن"، إلى البحث عن مصادر "أخرى" لتمويل العجز في الموازنة، بدل وضع حدٍّ أخلاقيّ، دستوري وتشريعي وقانوني وتنفيذي، للإهدار والسرقة.
تذكّرني عبارة "نوّاب على مين" التي جعلتُها عنواناً لهذا المقال، بعبارة "عسكر على مين"، وهي عنوانٌ شهير لمقالٍ كان كتبه صديقي سمير قصير في "النهار"، أيّام النضال والكفاح والكرامة "السيادية"، ثم جعله عنواناً لكتاب له.
"أنتم "نوّاب على مين" أيها السادة النوّاب؟!
[email protected] 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم