السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

تلافياً لامتطاء صهوة الفراغ!

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

الرئيس ميشال عون يعلم، والرئيس نبيه برّي يعلم، والرئيس سعد الحريري يعلم، حتى الغريب بات يعلم أن لبنان لا يختلف بوضعه عن وضع عصفور في قفص.


والرؤساء الثلاثة يعلمون أيضاً أن اللبنانيِّين طوَّقهم اليأس من الجهات الأربع، ومنذ سنوات. فهم اليوم لا ينتظرون المزيد من الكلام، والمزيد من الوعود، والمزيد من الخيبات.
بل هم في أشدّ الحاجة إلى أعمال، وإنجازات، وخطوات فعَّالة، ونتائج تُعيد بعض الأمل والرجاء إلى النفوس، وتجدِّد دورة الحياة الطبيعيَّة البائسة في بلد ينخره الفساد، وتشلّه المصالح الشخصيَّة، وتسجنه داخل دائرة الأزمات استجابة لتطلّعات شخصانيّة، فضلاً عن رغباتٍ للخارج.
كان الجميع ينتظرون انتخاب رئيس جديد، وتشكيل حكومة إنقاذ، وعودة الدولة والمؤسَّسات، وكذلك عودة محبّي لبنان والأصدقاء من عرب وخليجيّين وأجانب قريبين وبعيدين.
تحقَّق نصف الأمنية. امتلأ قصر بعبدا برئيس يُوصف بالقوي، وامتلأت السرايا بحكومة من ثلاثين وزيراً ورئيس استُقبل بالورد والزغاريد. وانتظر الناس أن تظهر مبادرات إيجابيَّة على أرض الواقع تردُّهم عن قرار التسلُّح بجواز سفر وحقيبة جاهزة...
واضحٌ، وجليّ، ومقروء أن لبنان يتخوَّف من الدخول مجدّداً في النفق الذي سبق الفضل وعَبَره في تجربتين قاسيتين، واستحقاقين دستوريّين ميثاقيّين ومصيريّين: الفراغ الحكومي عشرة شهور وبضعة أسابيع، ثم الفراغ الرئاسي الذي استمرَّ عامين ونصف الثالث.
والآن الآن، يتحضَّر لبنان، على ما تُنبئُ تمثيليّات "القانون الجديد"، ليمخر بالمركب ذاته بحر تجربة ثالثة، وبقيادة الربابنة أنفسهم، وربما للغايات ذاتها إلّا إذا...
لقد ضاق الناس ذرعاً بكل هذه المسرحيّات و"الطقطوقات" التي باتت تُبكي لا تُضحك، ولا تغني من جوع، ولا تُرجع الطمأنينة إلى النفوس، ولا تُضفي على لبنان بعض ما كان وبعض ما جعله مقصد المميَّزين والمشاهير في العالم.
فالمطلوب الآن، إخراج العهد الجديد والحكومة الجديدة وآمال الناس العاديّين من مأزق انتخابي مفتعل، إن لم يكن مُدبَّراً. فكل ما يرافق حكاية قانون الانتخاب، والدوران في فلكه، يوحي للناس بأن في المسألة ضحكاً على العقول قبل الذقون.
الرؤساء الثلاثة يعرفون، والمخضرمون يعرفون، والخبراء القدامى يعرفون، أن لبنان في عزِّه، وفي مرحلة تحليقه الديموقراطي البرلماني الازدهاري ثمة "نظام" رديفٌ لنظامه النادر في المنطقة هو "التوافق".
وشهادات الرئيس كميل شمعون والرئيس شارل حلو والرئيس صائب سلام والرئيس تقي الدين الصلح، من شأنها أن تقول لمسؤولي اليوم إن كل شيء في لبنان ميزانه التوافق.
إلّا إذا كان الخارج يزعجه التوافق أيضاً.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم