الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

سؤال من السويد: ترامب ماذا يدخّن؟

راجح الخوري
سؤال من السويد: ترامب ماذا يدخّن؟
سؤال من السويد: ترامب ماذا يدخّن؟
A+ A-

لم يسبق لأي رئيس في التاريخ ان تمكن من صناعة الأعداء بالسرعة التي يصنع فيها دونالد #ترامب اعداءه في الداخل والخارج، حتى الذين عيّنهم في مناصب مهمة في إدارته مصابون بالصدمة من تصرفاته المفاجئة ومواقفه المرتجلة والمحرجة التي تتناقض مع السياسات الأميركية المعروفة منذ زمن.


آخر هؤلاء ريكس تيلرسون وزير الخارجية الجديد، الذي ذهل يوم الخميس من الاسبوع الماضي وهو يستمع الى ترامب، يعلن تخلّيه عن حلّ الدولتين اساساً لتسوية النزاع الفلسطيني الاسرائيلي، رغم انها السياسة التي تلتزمها واشنطن منذ اعوام طويلة، لكن هذا ليس مفاجئاً عندما تنقل صحيفة " بولتييو" عن مصادر داخل الإدارة الجديدة، ان ترامب يتعمّد تهميش وعدم مشاورة المسؤولين الكبار الذين عيّنهم في اداراته، مثل وزراء الخارجية والدفاع والأمن الوطني والإستخبارات، والدليل التناقض الصارخ في المواقف الذي ظهر بعد قراراته الأولى بمنع دخول مواطني سبع دول اسلامية!


حتى الآن يشتبك ترامب مع الصحافة ومعظم وسائل الإعلام ومع السلطة القضائية الفيديرالية، وكشفت تقارير صحافية الأسبوع الماضي ان هناك حرباً خفية تدور بينه وبين وكالات الإستخبارات الأميركية منذ إتهامه لها، بتسريب اخبار عن اعمال قرصنة روسية لمصلحته في الإنتخابات، وخصوصاً بعدما إتهمها قبل عشرة ايام بتسريباتها عن إتصالات بالسفير الروسي، هي التي أدت الى إستقالة مستشار الأمن القومي مايكل فلين.


من الواضح ان الفوضى تتخذ شكل فجوة تتسع يومياً تحت إدارة البيت الأبيض والسلطات الأميركية، وبتزايد الإجماع على ان هذه الفوضى لن تتراجع، وهو ما تنقله وسائل الإعلام الأميركية عن قدامى المسؤولين في "الكابيتول هيل، الذين يوجّهون إنتقادات الى متزايدة الى الحال التي آلت اليها مسيرة الفوضى التي تغلب على ادارة ترامب، والمثير انه حتى الجمهوريين المحافظين يلوّحون بأنه سيقاومون السياسات التي لا يوافقون عليها.


لقد كان من المثير وغير المسبوق بالتأكيد، ان لا يتردد قائد العمليات الخاصة الأميركية الجنرال طوني توماس في الإعراب صراحة عن قلقه من المصير الذي ينتظر عمليات بلاده في الخارج، لأن السلطات العليا في واشنطن باتت مع العهد الجديد، عاجزة عن إصدار التوجيهات المناسبة والصحيحة الى قيادة العمليات الإميركية في الخارج وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط.


ومن خلال التقارير الأخيرة في الصحافة الأميركية يبدو الخلاف كبيراً بين ترامب والإستخبارات في عدد من المسائل الحساسة كالعلاقة مع حلف شمال الأطلسي والطريقة الأفضل لمقاتلة "داعش" والعلاقة مع روسيا. وفي السياق كان من المثير فعلاً ان يقول ترامب " ان فلاديمير بوتين قاتل ولكنني أحبه"، ولم تتردد صحيفة "وول ستريت جورنال" في الكشف عن ان المسؤولين في الإستخبارات بدأوا يحجبون معلومات مهمة عنه بسبب الخوف من تسريبها، وانهم وفق الصحيفة، قرروا عدم إطلاعه على مصادرهم واساليبهم لجمع المعلومات التي تتصل بالعمليات الحساسة في الخارج!


مشكلة ترامب مع الصحافة وصلت الى حد توجّه عدد من مناصريه للتظاهر امام محطة "C N N" في حين كان السيناتور جون ماكين يحذّر من ان قمع حرية الصحافة، هي الطريقة التي يبدأ بها أي ديكتاتور عمله، بينما وصات الأمور عند ترامب الى درجة إتهام وسائل الإعلام بأنها "عدو الشعب الأميركي"، في حين حرص وزير دفاعه جيمس ماتيس على القول وهو يزور ابو ظبي، ان ليس لديه اي مشكلة مع الصحافة، وليس خافياً انه اضافة الى الصحف ومحطات التلفزة، فإن شركات التقنية وفي مقدمها "غوغل" و" فيس بوك" و " تويتر" و" أوبر" و" نت فليكس" و" آب نيكسيس" و" سلس فورس" وغيرها تشتبك معه !


كان من المصادفات المثيرة في الأيام الماضية، أنه قبل ان يكمل الناس قراءة تغريدة السيناتور بيرني ساندرز على " تويتر"، التي تقول "ان ترامب يعاني من الكذب المرضي"، وقعت المشكلة الغريبة بين ترامب والسويد يوم السبت الماضي، عندما أشار في خطاب حماسي ألقاه في فلوريدا، الى ان السويد تعرضت الى إعتداء إرهابي: "أنظروا الى ما يحدث في المانيا، أنظروا الى ما حدث أمس الجمعة في السويد. السويد من كان ليصدق ذلك، لقد إستقبلوا عدداً كبيراً من اللاجئين، والآن باتت لديهم مشاكل ما كانت تخطر على بالهم"!


لكن لم يحصل أي حادث في السويد، وهكذا عندما إتصلت الخارجية السويدية بالخارجية الأميركية للإستيضاح، كان الجواب صادماً تقريباً عندما قيل، ان ترامب سمع الخبر من محطة "فوكس"، التي نفت الأمر كما قيل، ولم تكن هذه المرة الأولى التي يشير فيها أعضاء في إدارة ترامب الى هجمات ارهابية لم تحدث، ثم يوضّحون القول انها كانت زلة لسان ... لكن هذا لم يمنع من ان يأتي اكثر التعليقات سخرية من رئيس وزراء السويد السابق كارل بيلت الذي طرح سؤالاً تهكمياً:


"... ولكن ماذا دخّن ترامب" ؟ وهو ما دفع أحد المواقع الأميركية الى الرد: ربما الماريهوانا !


مشاكل ترامب تتفاقم وتتسع الى درجة أجبرت بعض كبار مناصريه الى توجيه الإنتقادات له، مثل ميتش ماكونيل رئيس الغالبية الجمهورية في الكونغرس، الذي أبدى علناً اعتراضاته وامتعاضه من تغريدات ترامب، وخصوصاً إتهامه وسائل الإعلام بأنها ضد الشعب الأميركي!


لكن الأمور لم تعد تتوقف عند الإنتقادات، فقد طالب إيرل بليمنيور النائب في الكونغرس قبل ايام بضرورة مراجعة التعديل الخامس والعشرين من الدستور، الذي يناقش عزل الرئيس اذا كان غير لائق نفسياً وعقلياً، مبدياً قلقه صراحة من إعتلال صحة ترامب العقلية، "بإعتبار ان الرئيس يتصرّف بشكل غير طبيعي ويكذب في شكل مستمر"!


قبل ذلك قال تيد ليو النائب عن ولاية كاليفورنيا: "في خلال ٢٤ ساعة غرّد #ترامب في "تويتر" عن التدمير والموت والشرّ والأخبار الزائفة، يجب ان تخضع صحته العقلية لفحوصات"، وقد ترافق هذا مع تحذيرات أطباء نفسانيين ومنهم جون كارتر كبير الأطباء في مستشفى هوبكينز من ان ترامب يعاني من مشكلات نفسية.


في اي حال ان التعديل الخامس والعشرين من الدستور الأميركي صدر في 10 شباط من عام ١٩٦٧ وهو يحدد أحكام عجز الرئيس وطريقة خلافته، وينصّ على ان يخلف نائب الرئيس الرئيس في منصبه اذا أصبح الأخير عاجزاً، وقد إختير جيرالد فورد عام ١٩٧٣ لمنصب الرئيس بموجب هذا التعديل، بعدما رشّحه ريتشارد نيكسون عندما إستقال سبيرو أغنيو، نائباً للرئيس يومها، وعام ١٩٧٤ استقال نيكسون ليصبح فورد رئيساً ونيلسون روكفلر نائباً له!

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم