الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

احذروا هذا "التقليد"!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

يفترض أن يشهد هذا الأسبوع "ولادة" الموازنة الاولى بعد انقطاع استمر 12 عاما كان صورة مطابقة عن الانحباسات والاضطرابات السياسية والدستورية التي طبعت مرحلة الصراعات بين تحالفي 14 آذار و8 آذار. من الناحية العملية لا يمكن التنكر للأهمية المفصلية لهذا الإنجاز المرتقب كأحد المؤشرات الاساسية في استعادة انتظام الدولة على طريق ترجمة شعار "استعادة الثقة" الذي ترفعه حكومة الرئيس سعد الحريري أيا جاءت صورة الموازنة في المطلق خصوصا بعد عملية الحفر بالإبرة التي يتولاها رئيس الحكومة بدأب منذ أسابيع الامر الذي يضمر قرارا ثابتا لديه بان الدخول من باب النهوض الاقتصادي الى مرحلة محفوفة بكل الغموض السياسي ربما يشكل الرافعة الأمثل لحكومته كما للعهد. وبصرف النظر ايضا عن المخاض الساخن الذي فتح مع طرح مشروع الموازنة على النقاش الحكومي والعام كل الملفات المالية والاقتصادية والاجتماعية المتراكمة من اكثر من عقد فان إقرار الموازنة سيرتب في المقابل فتحا على الغارب لملف الانحباس السياسي الذي يحاصر أزمة قانون الانتخاب التي بدأت تتسلل نحو خطر تفجير ازمة دستورية تلوح كل معالمها في الأفق. تبعا لذلك ترانا نتساءل امام احتمال الازدواجية الحاصلة في معاينة مسارين يسيران في اتجاهين متضادين، لماذا ستتمكن الحكومة من تحقيق انجاز ذي طابع اقتصادي ومالي جوهري تنفض معه غبار القعود والكسل والتراخي والترف والتعطيل الذي رتب على البلاد مليارات الدولارات من الهدر والانفاق العشوائي وتضخم الدين العام وعملقة الفساد لأكثر من عقد فيما تقف عاجزة امام قانون انتخاب بات أشبه بوصمة قاتلة للطبقة السياسية اللاهية عن المحظورات الشديدة الخطورة لسقوط المهل الانتخابية ؟ قد لا يكون مستساغا للحكومة ولا بالتأكيد للعهد العوني أي نوع من أنواع الإسقاطات والمقارنات بين هذا العصر السياسي وعصر الوصاية السورية على لبنان في أي اتجاه أو مسار. ولكن مجريات الازمة الطالعة في استحقاق الانتخابات النيابية سيحمل الشيء الكثير من مقارنات كهذه اذا تمادت الامور على قاعدة الفصل بين المسار الاقتصادي والمسار السياسي علما ان لا انبعاث حقيقيا لأي إنقاذ اقتصادي بالحدود الدنيا من دون تجدد سياسي حقيقي بالمعايير الموضوعية الصرفة. عرف لبنان أسوأ تجاربه اطلاقا في عصر الوصاية حين نشأت تلك المعادلة التي اريد لها تعميق الهيمنة السورية الاحتلالية من خلال انتزاع وحدانية الحكم وتقسيمه بين السياسي والامني من جهة والاقتصادي والمالي من جهة أخرى. ولا نظن اطلاقا ان التسوية السياسية التي بدأت مع انتخاب الرئيس ميشال عون وتشكيل حكومة الرئيس سعد الحريري، ايا كانت ظروفها والمواقف الداخلية والخارجية منها، قامت على خلفية مماثلة. وتبعا لذلك لن تكون اوهام في ان إنجازا آتيا في الموازنة سيشكل الضاغط الاقوى على الحكومة لتتلقف كرة النار في الازمة الانتخابية قبل ان ينفرط عقد استعادة كل شيء وخصوصا وحدانية الدولة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم