الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مفاوضات جنيف تستعيد اعتبارها إزاء استانا والتصعيد الإيراني - التركي مؤشر للتعقيد

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

توترت المواقف في الأيام الاخيرة بين تركيا وايران، وهما الراعيتان الاساسيتان لوقف النار في سوريا، الى جانب روسيا، عشية اجتماع جنيف - 4 للمفاوضات بين النظام والمعارضة في سوريا. ولعلّ التصعيد الذي حصل في المواقف والذي تم تجاوزه سابقا لاسباب براغماتية، يتصل وفق ما يقول مراقبون بالانفتاح الذي بدأته ادارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب مع تركيا، قياسا على مرحلة توتر عرفتها مع ادارة سلفه باراك اوباما. فتركيا التي توصلت مع ادارة ترامب عقب مشاورات بين الرئيس الاميركي ونظيره التركي رجب طيب اردوغان الى اقامة مناطق آمنة في سوريا، تسببت بتوتير للموقف الايراني انطلاقا من واقع ان عودة الحرارة الى العلاقة التركية الاميركية تبعد تركيا عن الحاجة الى الخروج من عزلتها وازمتها بعض الشيء، في الوقت الذي تزداد عزلة ايران، وثانيا بالنسبة الى المناطق الآمنة التي طالبت بها تركيا مرارا من الولايات المتحدة وباتت محتملة في المدى المنظور فيما ترفضها ايران بقوة. المؤشرات للتغيير قد تكون ظهرت عمليا في الموضوع السوري في مؤتمر استانا- 2 الاسبوع الماضي الذي لم يكن على مستوى الجهود التي بذلتها روسيا لانجاحه كما المؤتمر الاول الذي سعى الى تثبيت وقف النار، وكان الوفد التركي متدني التمثيل، وكذلك بالنسبة الى وفد المعارضة التي تتأثر بتركيا. ولاحقا ما لبث وزير الخارجية التركي محمد جاويش اوغلو ان سحب البساط من تحت مؤتمرات استانا بقوله في مؤتمر الامن في ميونيخ قبل أيام أن جنيف هي المكان الوحيد للبحث في الحل السياسي وانتقال السلطة، وان استانا لم تكن ابدا بديلا من جنيف.


مع ان الموفد الدولي ستافان دو ميستورا كان تساءل عن مدى التزام الادارة الاميركية الجديدة البحث عن تسوية سياسية للنزاع السوري، فإن الجواب أتى وفق المراقبين المعنيين بإعادة الاعتبار الى مفاوضات جنيف من خلال تركيا كما من خلال الاجتماع الذي حصل في حضور وزير الخارجية الاميركي ريكس تيلرسون. هناك مفاعيل مختلفة لعودة التوتر بين تركيا وايران التي ينبغي ان تشعر بضغط نتيجة الضغوط المحتملة من واشنطن كما من الدول العربية الخليجية بشكل خاص، وهذه كانت على تنسيق مع تركيا أخيرا التي تبنت خطاب الدول الخليجية عن تسعير إيران الخطاب المذهبي في المنطقة وتشييع سوريا والعراق ما ساهم في انزعاج ايران اكثر. والتصعيد ولو الكلامي بين ايران وتركيا باعتبار انه لن يتطور على الارجح الى ابعد من ذلك انما يعني طرفين اقليميين مؤثرين على الارض في سوريا بما يضيف عوامل جديدة الى عدم الثقة بأن مفاوضات جنيف المرتقبة مبدئيا في 23 الجاري ستكون منتجة. والواقع أن اتفاق البلدين المعنيين مؤثر جدا في مفاوضات الحل السياسي كما في تثبيت وقف النار. هذه النقطة حول ارجحية عدم فاعلية الجولة المقبلة من المفاوضات سبق ان حسمتها تساؤلات الموفد الدولي الى سوريا ستافان دو ميستورا الذي ساهم في تقليص الآمال والتوقعات من خلال ابدائه تحفظه من منطلق تأكيده ان "نظام الاسد لم يكن اصلا مهتما وجادا بالتفاوض". وهو تساؤل يجيب صراحة وبوضوح عما يعتبره الهدف من المفاوضات المتصل بما اذا كانت هناك فرصة لاحراز تقدم في المفاوضات السياسية السورية. لكن توتر الموقف التركي الايراني اضاف عاملا جديدا يرخي بظلاله على خلفية متغيرات في الموقف الاميركي عما كان زمن باراك اوباما.
تقول مصادر ديبلوماسية ان ثمة جهدا لاعادة الاعتبار الى مفاوضات جنيف نتيجة رفض عربي وغربي لاستئثار روسيا بترجمة قدرتها على قولبة اطار حل سياسي للازمة السورية في استانا برعايتها مع كل من تركيا وايران. وهذا سيكون المغزى الاساسي لعقد جولة جديدة من المفاوضات من دون اهمال فاعلية المظلة التي وفرتها روسيا لوقف النار في سوريا، والتي تأمل الدول الغربية ان تستمر بضغط روسيا على كل من النظام وايران. لكن احدا من الدول المستبعدة من المفاوضات في استانا لم يرغب في رؤية بديل او مسار مواز لمفاوضات جنيف. ومن هذه الزاوية تكتسب المفاوضات المتجددة أهمية، لكن ليس من طموح الى أبعد من ذلك راهنا. إذ لا أوهام ان توافقا على حل سياسي محتمل في المدى المنظور في ظل جسور يحاول ان يبنيها الرئيس السوري مع ادارة الرئيس الاميركي التي لم تعلن موقفا في شأنه، فيما اعلانها التعاون مع موسكو على محاربة تنظيم الدولة الاسلامية أحيا لديه الآمال باحتمال القبول ببقائه وشرعنة هذا البقاء. لكن يعتقد انه سيكون مبكرا بالنسبة الى الرئيس الاميركي ان يتساهل في هذا الاطار راهنا، فيما لا تزال مواقفه تثير عواصف من الانتقادات والتظاهرات في الولايات المتحدة الاميركية، علما ان عدم اكتمال فريقه لا يسمح له بموقف صلب في هذا الاطار. اضف الى ذلك ان بعض المواقف التي اعلنها على غرار اقامة مناطق آمنة تساهم في تمويلها الدول الخليجية وينسق التعاون في شأنها مع تركيا، فتحت بابا مختلفا في التطورات السورية لا يعتقد انه في الامكان القفز فوق احتمال حصولها ام لا. وهذه النقطة لا تشكل علامة الاستفهام الوحيدة في هذا الاطار في ظل التساؤلات عن طبيعة ما ستتجه اليه الامور مع ايران. الا ان الحصيلة الرئيسية لذلك ان مفاوضات جنيف تبقي الازمة السورية على الطاولة، وكذلك الاهتمام بها، انما ليس ابعد من ذلك اقله في الوقت الراهن. وليس من ملمح للتفاؤل في هذا الاتجاه من اي جهة.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم