الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

المصارف عند وزير المال دفاعًا عن مصالحها: كيف تفرض ضرائب على اقتصاد مأزوم؟

سابين عويس
سابين عويس
المصارف عند وزير المال دفاعًا عن مصالحها: كيف تفرض ضرائب على اقتصاد مأزوم؟
المصارف عند وزير المال دفاعًا عن مصالحها: كيف تفرض ضرائب على اقتصاد مأزوم؟
A+ A-

لم يتوقف تحرك المصارف لشرح وجهة نظرها من الاجراءات الضريبية الجديدة المقترحة في مشروع موازنة 2017، وما ترتبه على القطاع من انعكاسات تصفها المصارف بالسلبية والخطيرة، ليس فقط على المؤسسات المصرفية وإنما على الاقتصاد في شكل عام. فبعد اجتماع مجلس إدارتها منتصف هذا الشهر، وغداة بدء مجلس الوزراء بدرس المشروع، وبعد اجتماعها بحاكم المصرف المركزي في إطار اللقاء الشهري، حيث كان عرض لانعكاسات الاجراءات المقترحة، وما يمكن أن يقوم به الحاكم رياض سلامة من اتصالات وتوسط مع المسؤولين من أجل إعادة النظر فيها، يستكمل مجلس الجمعية تحركه فيزور وفد منه وزير المال علي حسن خليل قبل ظهر اليوم في الوزارة لهذه الغاية، بعدما كانت الجمعية رفعت إلى خليل، وسلمت نسخة منها إلى الحاكم، مذكرة ضمنتها "القلق الكبير الذي يثيره للقطاع المصرفي مشروع الموازنة لسنة 2017 لما يتضمنه من أحكام ضريبية من شأن إقرارها الاضرار بالأسس التي يقوم عليها النظام المصرفي اللبناني كقطاع جاذب للاستثمارات والرساميل، وكمركز مالي في منطقة الشرق الاوسط"، على ما جاء في مقدمة الكتاب- المذكرة المرفوع من الجمعية.


ويأتي تحرك الجمعية بعدما لمست المصارف جدية نية الحكومة إقرار الموازنة، فضلا عن موقف "حزب الله" الذي عبر عنه أمينه العام عندما أثار هذا الموضوع داعيا إلى أن تصيب الضرائب الفئات الميسورة وليس الفقراء، من دون الاخذ في الاعتبار ما قد يترتب على الإجراءات المقترحة من آثار على الاقتصاد، بقطع النظر عن التأثير على المصارف. والواقع أن هذه الاجراءات لا تتناول فقط القطاع المصرفي، بل مطارح أخرى تصيب القطاعات التجارية والسياحية في ظل تراجع اقتصادي ونسبتي عجز ومديونية قياسيتين (العجز الى الناتج المحلي 9,5 في المئة و147 في المئة نسبة الدين الى الناتج).
وبحسب الكتاب الذي أرفق بملحقين، أولهما يتضمن لائحة مفصلة بمعدل الضريبة الذي يطاول كل مصرف بمفرده، والثاني يتعلق بتفصيل الضرائب التي تصيب القطاع، وبعيدا من البحث في ما إذا كان من الجائز زيادة العبء الضريبي على اقتصاد مأزوم كما هي حال الاقتصاد اللبناني، فإن الزيادات المقترحة لا تتوقف عند "ما يبدو في الظاهر رفعا لمعدل الضريبة على القيمة المضافة بنسبة واحد في المئة وعلى الفوائد 2 في المئة وعلى ارباح الشركات 2 في المئة، بل ان الزيادات ليست إلا المشهد السطحي لحقيقة الزيادات الاخرى المقترحة للمصارف والناتجة من تغيير طريقة احتساب الارباح الخاضعة للضريبة، وفرض ازدواج ضريبي على الربح نفسه، فضلا عن ضرائب جديدة اخرى على المؤسسة نفسها بما يغرق المؤسسات المصرفية بضريبة دخل تختلف بين مصرف وآخر تبعا لحجم اكتتاباته بسندات الخزينة اللبنانية، تراوح معدلاتها بين 17 و76 في المئة من الربح الفعلي. ويضاف الى ذلك ضريبة توزيع الأرباح 10 في المئة وضريبة أملاك مبنية مستجدة بمعدل 2 في المئة، فضلا عن رسوم أخرى (رسوم طابع وتسجيل عقارية ورسوم استهلاك).
ويرى الكتاب أن هذه الزيادات تأتي فيما يواجه القطاع السنة المقبلة استحقاقات داهمة مصيرية، أهمها:
- وجوب تأمين رساميل إضافية للمصارف تنفيذاً لموجبات بازل 3.
- استمرار التصاعد في عجز المالية العامة وانعكاس المديونية العامة الكبيرة على ملاءة المصارف، وتصنيف لبنان الائتماني، وازدياد المخاطر السيادية التي سبّبت تدهور ميزان المدفوعات اللبناني نتيجة الشحّ في تدفق الرساميل في هذه الظروف.
- مخاطر تصاعد تأثير موجة العقوبات الدولية على القطاع المالي انعكاساً لاستمرار الصراع في المنطقة.
- تأثيرات إلغاء السرية المصرفية على تدفق ودائع المغتربين وغير المقيمين إلى مصارف لبنان نتيجة البدء بتطبيق معاهدة التبادل التلقائي للمعلومات الضريبية التي انتسب إليها لبنان عام 2016.
- التراجع في نوعية محفظة ديون القطاع الخاص لدى المصارف نتيجة الأزمة الاقتصادية وانخفاض معدلات النمو، واضطرار المصارف إلى جدولة الكثير من الديون وتكوين مؤونات لمواجهة خسائرها وتأثير ذلك على معدلات ملاءتها".
ويضيف الكتاب ان مثل هذه المخاطر يجب أن تعالجها السلطات المسؤولة، وقد استطاعت المصارف مواجهتها في الغالب بإمكاناتها الذاتية التي بلغت خط الاستنزاف اخيرا، واصبح الوضع يتطلب نظرة حذرة لمجريات الامور، سواء لاستمرار قدرة القطاع المصرفي على تلبية حاجات الدولة المتصاعدة من الديون، وكيفية مقاربتها لحماية النظام المالي ليبقى متمتعاً بالمؤشرات المالية الدولية التي تتيح له استمرار التعامل مع المصارف المراسلة وليبقى جاذباً للرساميل والاستثمارات، لا يبدو أن الضرائب المقترحة قد راعته، بل أتت جائرة بحقه، وبصورة تمييزية تتعارض مع مبدأ المساواة أمام الضريبة".
وختمت الجمعية مطالبة بـ"استبعاد النصوص الضريبية التي تتناول القطاع بشكل انتقائي، لما تلحقه من ضرر فادح بالمصارف والسوق المالية. الزيادات الضريبية المقترحة إذاً تخالف قواعد العدالة والمساواة بين المكلفين لاختلاف معدلاتها بين مصرف وآخر ولاعتمادها الازدواج الضريبي، فتؤدي إلى كلفة ضريبية فاحشة غير معتمدة في أي بلد، مما يتسبب بمشكلة فعلية ليس للمصارف فقط، إنما لصدقية لبنان وسمعته المالية".
وتسعى المصارف بحسب مصادرها الى أن تفيد من التباينات الحاصلة في مجلس الوزراء حول المشروع، معطوفة على توجهات العهد الرامية الى عدم السير بأي إجراءات غير مدروسة، ومعروفة النتائج. فالهدف لا يقف عند إقرار موازنة بل إنعاش الاقتصاد. وهذا ما يجعل فصل سلسلة الرتب والرواتب وتمويلها عن المشروع توجها جديا. ولوحظ ان الجلسة الحكومية أمس لم تصل إلى نتيجة في هذا الشأن رغم الشروحات التي قدمها وزير المال.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم