الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مسلخ الكرنتينا بين سندان المصالح الانتخابية ومطرقة سلامة الغذاء!

سلوى بعلبكي
سلوى بعلبكي
مسلخ الكرنتينا بين سندان المصالح الانتخابية ومطرقة سلامة الغذاء!
مسلخ الكرنتينا بين سندان المصالح الانتخابية ومطرقة سلامة الغذاء!
A+ A-

عندما بدأ وزير الصحة السابق وائل ابو فاعور حملة سلامة الغذاء، كان مسلخ بيروت في الكرنتينا من جملة المؤسسات التي وقع عليها الاختيار للاقفال نظراً الى سوء وضعه المخالف للشروط الصحية والبيئية وحتى القانونية، إذ أن المنطقة التي بني عليها المسلخ غير مصنّفة منطقة صناعية. في الفترة التي تلت اقفال المسلخ، بدأ الحديث عن اعادة تأهيله بالامكانات المتوافرة، إلاّ أن التقارير التي اعدها المعنيون أفضت الى نتيجة واحدة هي عدم وجود المؤهلات الفنية والصحية الكافية من الداخل والخارج لإعادة العمل فيه حتى لو تمّ تأهيله بالكامل.
النتيجة ان المسلخ لا يزال مقفلاً حتى الآن... ولكن الى متى، وما البديل اذا كان القرار لا عودة عن قرار الاقفال النهائي؟
قبل بدء سرد الوقائع التي أفضت الى اقفال المسلخ، نشير الى ان نحو 90% من اعمال التأهيل أنجزت، وتم فتحه في عيد الاضحى الماضي لمدة 3 أيام خصّصت لذبح أضاحي العيد. فهل للأمر خلفيات سياسية أم أن المسلخ لا يصلح فعلاً لأن يكون مسلخاً بمواصفات حديثة؟.
قبل الحرب الاهلية كانت تنطبق على المسلخ في منطقة المدور مواصفات المسالخ العالمية الحديثة، ويؤمّن تقريباً حاجة بيروت من اللحوم فيما يعمل فيه نحو 672 أجيراً لبنانياً. ولكن ما ان اندلعت الحرب حتى تمّ تدميره واصبحت المنطقة مركزاً للجيش اللبناني الذي رفض اخلاءها لدواع أمنية، لذا لم تنجح محاولات رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري في بناء مسلخ جديد لتجار عرب المسلخ بعد اخلائهم المدينة الرياضية (اثر قرار اعادة ترميمها) من دون تعويضات، فكان أن تمّ بناء مسلخ موقّت هو عبارة عن هنغار كبير من الحديد في فترة قياسية لا تتجاوز الـ 28 يوماً في منطقة الكرنتينا على ارض تابعة للدولة، تم تقسيمه الى قسمين: قسم للذبح وقسم آخر لعمليات البيع.
بعد مرور نحو 20 سنة على بناء الهنغار، من البديهي أن تصبح حالته سيئة. وكان من الممكن أن يبقى وضعه على حاله من السوء لو لم تنطلق حملة سلامة الغذاء التي بدأها الوزير ابو فاعور اثر تسلّمه وزارة الصحة، إذ كان للمسلخ النصيب الوافي من هذه الحملة التي أفضت الى قرار اتخذه محافظ بيروت زياد شبيب قضى بقفله واعادة تأهيله وترميمه. والمعروف أن المسلخ، وفق ما تؤكد مصادر البلدية، لا يؤمن إلا نحو 5% من استهلاك بيروت من اللحمة، فيما يستورد لبنان نحو 80 أو 90% من اللحوم، أما عماله فهم من الفلسطينيين والسوريين بدليل أنهم ليسوا خاضعين للادارة البلدية. ووفق الاحصاءات المتوافرة من نقابة اتحاد القصابين فقد انخفض عدد ذبحيات البقر في المسلخ الموقت من 21658 بقرة في العام 1998 الى نحو 11882 بقرة في العام 2013 بسبب تردي الوضع البيئي والبنى التحتية فيه.
ولكن يبدو أن قرار الاقفال أزعج تجار عرب المسلخ الذين يقدر عددهم بنحو 12 تاجراً (وفق تقديرات مصادر في بلدية بيروت) خصوصاً أنهم أصبحوا يتابعون أعمالهم في مسالخ تقع في مناطق الشويفات وجبل لبنان، فوضعوا اللوم على الوزير ابو فاعور على نحو هدّد المصالح الانتخابية للحزب التقدمي الاشتراكي في دائرة بيروت الثانية. ووفق المصادر عينها، فإن هذا الأمر حدا برئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى تصويب الأمور عبر المطالبة بإنشاء مسلخ جديد أو اعادة تأهيل القديم. والمطالبة بإعادة التأهيل تتناقض مع تقارير وزارتي الزراعة والبيئة تضاف اليهما تقارير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) التي أجمعت على أن وضع المسلخ لا يمتلك الحد الادنى من المواصفات الصحية والبيئية والقانونية لاعادة التأهيل، فيما وزارة الصحة المعنية أكثر من غيرها بالموضوع، لم تكشف على المسلخ وتالياً لم تصدر تقريرها حتى اليوم.
أمام هذا الواقع، ارتأى مجلس بلدية بيروت شراء ارض في الشويفات لإنشاء مسلخ حديث عليها يخدم منطقة بيروت وضواحيها. فهل هذا يعني ان ملف المسلخ في طريقه الى الحل؟ تؤكد المصادر البلدية عينها أن "بدء عملية التنفيذ جوبه بمعوّقات عدة منها اشكالية تتعلق بسعر الارض وشكوك بوجود سمسرات، اضافة الى أن ملف الاتفاق بالتراضي الذي وقعه الرئيس السابق للبلدية بلال حمد مع مكتب نقيب المهندسين خالد شهاب لاجراء دراسة هندسية لإنشاء مسلخ حديث على الارض بقيمة مليونين و950 الف دولار، لا يزال عالقاً أمام ديوان المحاسبة". وعلم في هذا السياق ان ديوان المحاسبة لا يجد في الملف اسباباً مقنعة وخصوصاً حيال مبدأ الاتفاق بالتراضي من دون اللجوء الى مناقصة عمومية أو استدراج عروض ولا أسباب تبرر هذا المبلغ الضخم لإجراء دراسة كهذه. ويضاف الى هذه الاسباب، اعتراض القوى المحلية في الشويفات على انشاء مسلخ في المنطقة من دون سبب علمي أو قانوني يقنع بلدية بيروت التي تؤكد مصادرها أن المنطقة التي يوجد فيها العقار مصنّفة منطقة صناعية ويمكن انشاء مؤسسات عليها من الفئة الاولى، فيما وبحسب نظام تصميم التوجيه العام انشاء مؤسسات مصنّفة من الفئة الاولى كالمسالخ. وفي حال رفضت بلدية الشويفات اقامة المسلخ ضمان نطاقها البلدي، فإن الموضوع سيحال على مجلس الوزراء لبته، وذلك وفق قانون البلديات المادة 51.
وفي انتظار الافراج عن الملف من ديوان المحاسبة، يبدو أن الاتجاه في بلدية بيروت الى التعاون مع القطاع الخاص لإنشاء المسلخ على طريقة الـ BOT (تحت رقابة القطاع العام واشرافه)، على أن يؤخذ في الاعتبار امكان تشغيل عرب المسلخ الذين كانوا يعملون في المسلخ السابق، وفق ما تؤكد مصادر البلدية.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم