الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هل لهذا الصخب السياسي الناشئ أبعاد وإيحاءات خارجية مؤثرة ؟

ابراهيم بيرم
ابراهيم بيرم
A+ A-

هل لموجات الصخب والضوضاء الناشئة حول قانون الانتخاب المنتظر استيلاده صلة ما بالتطورات المتسارعة للاحداث في العالم وفي الاقليم بُعيد جلوس الرئيس الاميركي الجديد دونالد ترامب في مكتبه في البيت الابيض وشروعه فورا في اطلاق المواقف الحادة وفي تصعيد المواجهات مع طهران خصوصا ومع المحور الذي تنتمي اليه ويخوض غمار مواجهات مفتوحة في خمس ساحات؟


بالطبع ثمة من يطرح مضامين السؤال عينه من زاوية أخرى فيكون على النحو الآتي: هل ان موجة الرفض العالية التي يركبها اطراف داخليون اعتراضا على اية قوانين انتخاب عمادها النسبية، تنطوي على فعل عملي قد يفتح ابواب تغيير المعادلات السياسية وتبديل موازين القوى، وهل ان هؤلاء الاطراف استقوا العنصر المنشط لحراكهم واعتراضهم المتصاعد من اندفاعة نزيل البيت الابيض الجديد وسلوكه مسارا مخالفا لسلفه تستعيد معه واشنطن صورة القوة الضاربة المستعدة لكل الاحتمالات، وهي الصورة التي تكرست في عهدي بوش الاب وبوش الابن؟
من البديهي ان من يعقد رهانات مضمرة او معلنة على النتائج المحتملة لـ "المغامرة الترامبية المفترضة" انما يعقدها على اساس ان رئيس الدولة الاقوى ماضٍ الى النهاية في مغامرته، وانه قد يقرر النزول المباشر في الساحات المشتعلة، وخصوصا في سوريا، ويقدم على ما احجم عنه سلفه باراك اوباما، ما من شأنه ان يطيح كل ما حققه النظام السوري وحلفاؤه خلال الاعوام الثلاثة الماضية ويعيد عجلة الامور الى مرحلة بدايات الازمة في هذه الساحة حيث سيطر معارضو النظام على اكثر من 60 في المئة من الجغرافيا السورية ووضعوا النظام في اصعب الاوضاع والاحتمالات.
ولم يعد مفاجئا للبعض سريان تحليلات في اعقاب حدث ملء الشغور الرئاسي، جوهرها ان ثمة فريقا قرر، بناء على التحولات اياها، ان يستسلم لامرٍ واقع كان حتى الامس القريب يرفضه ويشيطنه لكي يحجز لنفسه قبل فوات الاوان حصة ولو متواضعة في كعكة السلطة. واستتباعا لهذه التحليلات، ان الفريق الذي وجد نفسه في موقع الكاسب سيسعى حتما الى تحصين هذا الكسب من خلال تأمين اكثرية مريحة في مجلس النواب المقبل من خلال العمل على فرض قانون انتخاب يؤمن السبيل الى ذلك ويعتمد النسبية او يبني على مقتضياتها.
وعليه، أيكون اعتراض الرافضين الذي قارب حدود "الانتفاضة" والتهديد باللجوء الى خيار المقاطعة واسوأ الاحتمالات، وعادوا ليرددوا في الغرف المغلقة اولا ثم في المجالس العامة ما كانوا يرددونه ايام الازمات الكبرى عن "الاقلية العددية"، اعتراضاً محدوداً ام له ابعاد؟
اصحاب هذا التحليل ينطلقون من فرضية فحواها ان النائب وليد جنبلاط لا يخوض المواجهة التي يخوضها لحسابه الخاص فقط، بل هو واجهة لمعسكر يتلطى وراءه، في مقدمه "تيار المستقبل" الذي اسقط من خطابه السابق شعار رفضه النسبية لان هناك سلاحا غير شرعي في مناطق معينة، وهو الشعار الذي تسلح به ثلاثة اعوام، اي قبل ان تتبدى نذر التفاهمات الخفية المفتوحة بينه وبين خصمه اللدود "حزب الله". وهذا يعني ان جنبلاط عاد الى موقعه السابق رأس حربة لمشروع اعتراضي.
ومما لاريب فيه ان ثمة من يستغرب "الشطح والاسراف" المتواري في طيات هذا التحليل، اذ ان سيد المختارة قرر التخلي نهائيا عن خيار تنكّب مثل هذه المهمات بعد حوادث ايار 2008، وان جلّ ما يفعله حاليا هو الدفاع عن حصته وموقعه في المعادلة السياسية والحيلولة دون زمن يجرؤ فيه الآخرون على التفكير باجتثاثه منها، خصوصا اذا ما ظل "التيار البرتقالي" على جموحه وشهيته المفتوحة للسلطة بعد وصول مؤسسه الى قصر بعبدا.
وبمنأى عن جدوى هذا النقاش، فان ثمة من يرى ان موقف "حزب الله" وردّه على السؤال الاساسي، اي عن امكان وجود علاقة بين التعثر السياسي الحالي في الداخل وبين "التصعيد الترامبي"، هو ميزان الامور ومعيار المسارات. وعليه يخرج بعض مَن هم على تواصل مع دوائر القرار في الحزب باستنتاجات حول هذا الموضوع فحواها الآتي:
- ان من الطبيعي ان يبدأ ترامب الذي صار رئيساً خلافا لكل التوقعات، بهذا الخطاب الصاخب والذي يوحي بانه في صدد مسار خارجي مختلف عن مسار سلفه. لذا فلهذا "الجموح" حدود ومفاعيل ستنتهي عاجلا وهي لا تحتاج الى اعلان النفير والاستنفار.
- ان الذين شملهم التهويل "الترامبي"، اي الروس والايرانيين، سارعوا الى الرد منهجيا، ذلك انه لم يكن امرا اعتباطيا توقيت التجربة الايرانية الصاروخية، ولم يكن امرا عابرا ان ترتفع الصيحات والانذارات في الكيان الصهيوني فجأة عن مخاطر صواريخ "حزب الله" عليه. وهذا يعني ان ثمة ردودا رادعة من الذين اراد ترامب ان يرعبهم واثبتوا انهم برعوا في لعبة المواجهة ورد الفعل ولم تعد ترعبهم "افلام الرعب الاميركية الطويلة"، خصوصا ان "اللعبة" الآن تمتد من باب المندب حتى القنيطرة والجنوب اللبناني.
- أما هل لدى الحزب فعلا هواجس مضمرة من ان تكون حركة الاعتراض الجنبلاطية تشي ببوادر هجوم معاكس على كل ما تحقق اخيرا، فان الحزب لا يتعامل مع التطورات من هذه الزاوية، اذ انه يقارب السجال الحالي حول قانون الانتخاب من باب انه جزء من الديكور السياسي اللبناني التقليدي. لذا فهو يجاهر بانه يتصرف مع الحدث برمته بوضوح وبوجه واحد لا بوجهين، فهو لا يخفي انه مع النسبية الكاملة على اساس الدوائر، ولن يتخلى عن هذا الطرح الذي يراه مدخلا لازما لا بد منه لتطوير النظام السياسي واخراجه من ازماته المتناسلة، ولكنه ابدى علانية تفهّمه لهواجس المهجوسين من جهة، واعلن من خلال مشاركته في "اللجنة الرباعية" انه منفتح على الذهاب نحو حلول تخرج البلاد من مأزق الانتخابات.
وبالاجمال فان الحزب لا تقلقه تبدلات في مسارات اوضاع الاقليم، لذا فهو لا يخشى مفاجآت في الداخل تعيد الاوضاع الى دائرة المخاطر.


ibrahin [email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم