الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

جنوح... أم فخ ؟

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

لم تبدأ أزمة قانون الانتخاب مع المشروع المختلط للوزير جبران باسيل ولن تنتهي بنهايته ولا ببدائله إن وجدت في قابل الايام الفاصلة عن 21 شباط. لكن ثمة ما يستوجب التوقف عند مجموعة التباسات تتصل بآلية سياسية اعتمدت ولا تزال معتمدة في مناقشة الملف الانتخابي أثبتت عقمها بدليل أن لعنة "الشيطنة" ألحقت المشروع المختلط بقانون الستين وتنذر بالمضي في الدوامة المفرغة. نعود الى الأصول الدستورية التي تملي "استعادة" ما لقيصر لقيصر، أي اعادة ملف قانون الانتخاب الى مجلس الوزراء حصرا بعدما أخفقت التجارب المتعاقبة في تركه عرضة لحضانات الأحزاب والقوى وقواعدها وأطرها الاستنسابية. لذا نعتقد تكرارا ان الرئيس العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري مدعوان الى ترجمة دستورية حاسمة لموقف جازم صدر في مجلس الوزراء برفض الاستسلام لقانون نافذ لا مرد لمهله بطرح الملف على جلسات استثنائية متواصلة لمجلس الوزراء لا تنتهي الا باقرار قانون جديد. اما في ما يعود الى طرح المشروع المختلط فمن البديهي التساؤل عما اذا كان ثمة خطأ ارتكب، أم ثمة فخ نصب، مما أدى الى فتح مواجهة سياسية واسعة لم تكن ملامحها بائنة أمام الجهة الحاملة للمشروع وداعميها. نقول ذلك من منطلق النتائج الفورية التي أدى اليها اتساع الاعتراضات على المشروع المختلط الذي يتحول فشله الى رافعة قوية اما لفوضى المشاريع المتضاربة واما للاتجاه الدافع نحو احلال النسبية الكاملة. شكل المشروع المختلط بالتقسيمات بين الأكثري والنسبي في المناطق ذات الغالبية المسيحية في مقابل خلل في المناطق الاخرى خللا جوهريا في وحدة المعايير خصوصا لجهة ازدواجية تكرس روحية قانون الستين مقنعة في مقلب وفرض النسبية في مقلب آخر بما أثار خشية واضحة من جنوح انتخابي "انقلابي". هذه هي الحقيقة الصرفة التي يقف عندها مأزق القانون وليس ثمة ما يجيز التستر عليها بعد الآن. ولكن رافضي المشروع ايضا ليسوا في حال أفضل ما داموا لا يملكون سوى سلاح اثارة التخويف من "حلف ثنائي" مسيحي اجتياحي فقط. مجمل هذه المواجهة يضع البلاد أمام مفترق خطر، فلا مصلحة اطلاقا للقوى المسيحية قاطبة في فقدان فرصة تقدمها نحو اعادة تصويب ميزان مختل لكن شرط ان تظهر حكمة بالغة في عدم استعادة دور استئثاري استقوائي عانت منه طويلا وكانت ضحيته. ولا حكمة للشركاء في توظيف أخطاء الأثرة ونصب الكمائن خصوصا متى تبين للجميع ان مهزلة حقيقية ستمسخ الانتخابات "الافتراضية" متى كانت معركة القانون أشبه باعلان نتائج الانتخابات من دون حاجة الى اجرائها. وللتذكير فقط، فان المعيار الدستوري الحقيقي لأي قانون انتخابي متجرد يراد له ان يعلن بداية اصلاح جذري هو انعدام القدرة على معرفة نتائج الانتخابات سلفا !!


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم