الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

انتحاري "الكوستا"... وسواه!!

نبيل بومنصف
نبيل بومنصف
A+ A-

غالبا ما ادهش لبنان "المجتمع الدولي" بمفاجآت حار هذا المجتمع كيف يتعامل معها. وهو يبدو الآن امام اللحظة الاشد اثارة للادهاش ولا نزعم المعرفة المسبقة بمآل مسار لعله الأغرب منذ اندلاع شرارة الثورات والحروب في ما كان يسمى اصطلاحا العالم العربي. إستأثرت عملية إحباط العملية الانتحارية في مقهى "الكوستا" في شارع الحمراء بإنشداد كبير للرأي العام المحلي نحو هذا التطور المخيف الذي رسم معالم عودة لبنان هدفا لسفاحي داعش ومشتقاته في حين كانت ولا تزال تسجل "على هامش" الحدث حركة توافد كثيفة واستثنائية لوفود وزوار عرب وخليجيين وأوروبيين الى بيروت. سجل الامن اللبناني، عبر مخابرات الجيش وشعبة المعلومات، مأثرة حقيقية انتزعت الإعجاب لكونها جاءت عقب أسابيع قليلة من مجزرة اسطنبول في ليلة رأس السنة ووفرت على لبنان ما يماثلها بفعل عمل امني استباقي فيما كانت منطقة البقاع ومعها مجمل لبنان قبل يوم واحد فقط امام صدمة عودة ظاهرة الخطف التي استعصت على هذا الامن نفسه وهذه الدولة اياها. جرى ذلك مثيرا مجموعة من الانطباعات والانفعالات الصارخة في تناقضاتها في حين يبحر الوسط السياسي نحو إحدى أسوأ اختباراته في الإخفاقات المتواصلة حيال قانون الانتخاب والتحضيرات المتسارعة للانتخابات النيابية بما ينذر بمواجهة سياسية مفتوحة من شأنها أن تضع الاستحقاق بمجمله امام احتمالات شديدة السوء. لن نتبحر أكثر في ملفات تتزاحم على وقع هذا المزيج الغريب في واقع سياسي وأمني واجتماعي يبدو معه لبنان كأنه في سباحة عكس التيارات الاقليمية بما يوسع امامه من جهة فرصة الهرب من أقداره العتيقة الموروثة مستفيدا من التسامح الاقليمي الذي أتاح له اعادة تكوين مؤسساته الدستورية فيما تشده الى الهبوط موروثات أخرى يكابد الامرين للتخلص منها. هي لحظة شديدة الخطورة في نهاية المطاف مهما علا التصفيق لإنجازات امنية وسياسية. ترانا نخاف اكثر فأكثر كلما توغلت المسيرة الانتقالية في مراحلها لأن هذا المزيج من تطورات صارخة في تناقضاتها يرسم خطا بيانيا خطرا بين الانعتاق من حقبة والإطلالة على أخرى لا تزال غضة وهشة. لا نغالي ان توجسنا من "انتكاسة" سياسية قد تكون مفاعيلها أسوأ بكثير من احتمال فككه رجال الامن والعسكر البارحة مع تفكيك حزام متفجر حمله ذاك الانتحاري المغرر بعقله بما يرسم خط الخطر العائد مع مشاريع انتحاريين آخرين. أثبت الأمن مراسه الاحترافي في عدم السكر على نجاحات وانجازات من دون اغفال خطر تسلل الكوارث والاختراقات المرعبة في أي لحظة تالية. فلم يعد مسموحا ولا مقبولا الا يرتقي أولئك الذين يترفون الآن بمعزوفات مملة ومقززة بردح انتخابي عقيم يراد له فقط إفهامنا انه يجري التحضير لمسرحية ممسوخة اسمها الانتخابات فيما هي مشروع انتحار سريع لتجربة دولة طالعة من الحضيض.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم